حفاظاً على استقرار المجتمع وحماية للنظام العام منح القانون كل مواطن الحق في التبليغ عن الجرائم.
ويفهم ذلك من نص المشرع الجنائي في الفقرة الثانية من المادة ٣٠٢ عقوبات والتي نصت على أنه: "ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفحة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة (لا يعد قذفا) إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه، ولسلطة التحقيق أو المحكمة، بحسب الأحوال، أن تأمر بالزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق أو مستندات معززة لما يقدمه المتهم من أدلة لإثبات حقيقة تلك الأفعال".
كما استقرت مبادئ محكمة النقض على أن التبليغ عن الجرائم حق، بل واجب على الناس كافة فلا يجوز العقاب عليه إلا إذا كان مقروناً بالكذب وسوء النية، أو إذا كان المقصود منه جعله علنياً لمجرد التشهير بالمبلغ في حقه...
فهذا الحق الذي قرره المشرع حماية للصالح العام، وبهدف استقرار المجتمع وكشف كل محتال مهما كانت سلطته أو درجته الوظيفية، إنما هو مقرون بجريمة البلاغ الكاذب.
فهذا الحق يفصله عن جريمة البلاغ الكاذب شعرة واحدة،
بمعنى أن الإنسان الذي يقذف أي شخص بتقديمه بلاغ رسمي بأي فعل لو صح وجب العقاب، (كمن يدعي على شخص موظف أنه محتال أو مرتشي في مجال عمله)، ويتقدم ببلاغ رسمي إلى الجهة المسئولة، فيتضح من ذلك أنه ما أراد إلا التشهير وسوء النية.
هنا يتحول إلى بلاغ كاذب يعاقب عليه القانون.
اما إذا رأت الجهات المسئولة أن الأمر يستدعي التحقيق فلها أن تأمر بالزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق أو مستندات معززة لما هو مقدم.
فلا يلزم القانون القاذف (مقدم البلاغ) إقامة الدليل.
بناء على ذلك،
فإذا كان حق التبليغ عن الجرائم حق قانوني، فإنه قد يتحول إلى جريمة بلاغ كاذب، ومن ثم يعاقب المبلغ.
فالمشرع مقابل هذا الحق، يحاول أيضاً حماية الأشخاص من أي اعتداء يقع على سمعتهم.
اترك تعليق