في تصريحات صحفية عقب الاجتماع الافتراضي بالفيديو. الذي استمر ساعتين بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. ليلة الأربعاء الماضي. قال الرئيس الأمريكي إن بلاده لن ترسل بقوات أمريكية إضافية لأوكرانيا. علي الأقل حاليًا. لكن بايدن حذر بوتين خلال الاجتماع من عواقب اقتصادية وخيمة في حالة غزو أوكرانيا.
وذكر موقع ديفنس وان. أن أوكرانيا ليست عضوًا في الناتو ولا تتمتع بالحماية الكاملة. طبقًا للمادة 5 من ميثاق الحلف والتي تدعو جميع الدول الأعضاء لحمل السلاح عند تعرض أحداها للعدوان. وتسعي أوكرانيا للانضمام للناتو. لكن روسيا ترفض.
وبحسب موقع النيويورك تايمز. تبادل الجيش الأوكراني إطلاق النار مع الانفصاليين المدعومين من روسيا باستخدام الرشاشات وقاذفات القنابل في نفس اليوم الذي ناقش فيه بايدن وبوتين سبل تخفيف التوترات المتصاعدة في المنطقة.
ومع ذلك استمرت هذه الاشتباكات بين القوات الأوكرانية والانفصاليين خلال الأيام الماضية.
هذه المناوشات لم تكن غير عادية. لكنها تذكر بأنه حتي مع انخراط قادة موسكو وواشنطن في مفاوضات دبلوماسية عالية المخاطر. فإن الحرب التي أودت بحياة الآلاف علي مدي السنوات السبع الماضية لم تظهر أي علامات علي تراجعها.
وكان بوتين قد نشر. في يوليو الماضي. مقالة مطولة. علي موقع الكرملين. بعنوان "حول الوحدة التاريخية للروس والأوكرانيين". أكد فيها علي الوحدة الثقافية والدينية للروس والأوكرانيين. واتهم الغرب بمحاولة استلاب أوكرانيا بعيدة عن روسيا. وكان محور كلامه: "نحن شعب واحد".
هذه القناعة كانت الدافع وراء غزو روسيا لأوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم عام 2014. وظهرت تلك القناعة مرة أخري في التعزيزات العسكرية الكبيرة لروسيا مؤخرًا علي الحدود مع جارتها الغربية. وأدي حشد نحو 90 ألف جندي إلي مخاوف من هجوم عسكري روسي علي أوكرانيا.
ويبدو ان أكرانيا ستظل جرحا لا يندمل بين روسيا والغرب!!
يشير تقرير علي موقع وورلد سوشياليست ويب سايت wsws إلي أنه بينما تواصل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي حشودهما العسكرية علي حدود روسيا. يمضي ممثلوهما قدما في الخطاب الهستيري المعادي لموسكو والتهديد بالحرب. وأعلن سكرتير حلف الناتو ينس ستولتنبرج أن روسيا ستدفع "ثمناً باهظاً" لمثل هذا العمل. وردد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين كلماته. محذرًا من "عواقب وخيمة".
قام الناتو. بالتحالف مع حكومة كييف. بأعمال استفزازية عديدة ضد روسيا. بما في ذلك التدريبات البحرية في البحر الأسود. وتحليق القاذفات قرب المجال الجوي الروسي. وإجراء تدريبات عسكرية مكثفة علي طول الحدود الغربية لروسيا بأكملها. وانتشار القوات في دول البلطيق.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو إن الكرملين "يشهد زيادة كبيرة في نشاط القاذفات الاستراتيجية الأمريكية قرب الحدود الروسية". وأضاف أنهم كانوا يمارسون كيفية استخدام "الأسلحة النووية ضد روسيا في وقت واحد من الاتجاهين الغربي والشرقي".
تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضًا علي تصعيد التنديدات بروسيا بزعم مشاركتها في حرب علي الحدود البيلاروسية البولندية. وفرضت واشنطن عقوبات جديدة علي خط أنابيب الغاز الألماني الروسي نورد ستريم 2. وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن الأزمة الحالية قد تؤدي لإنهاء مشروع خط الأنابيب. الذي يمثل أهمية اقتصادية وجيوسياسية كبيرة للكرملين.
ويشير تقرير لدورية فورين أفيرز الأمريكية إلي أن هذا هو الوقت المناسب لروسيا لتصعيد التهديدات ضد أوكرانيا. الولايات المتحدة منشغلة محليًا بجائحة كوفيد ــ 19وبيئة سياسية مستقطبة ومختلة. كما تحوَّل اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية إلي الصين. أوروبا غارقة في مكافحة الوباء. الحكومة الألمانية الجديدة منهمكة بمهامها المقبلة. فرنسا منشغلة بانتخاباتها القادمة. ولا تزال المملكة المتحدة تحاول معالجة آثار البريكسيت. كما أن أزمة الهجرة علي الحدود بين بيلاروسيا وبولندا أبعدت أنظار أوروبا عن أوكرانيا.
عندما وصل بوتين للسلطة قبل 21 عامًا. تعهد بإعادة روسيا إلي دورها الصحيح كقوة عظمي. لذلك من المهم لموسكو أن يتخلي جيرانها الصغار عن أي أفكار للانضمام إلي الناتو والاتحاد الأوروبي.
وقد يستخدم الكرملين الحشد العسكري لإجبار الولايات المتحدة علي الجلوس للتفاوض حول مجموعة أوسع من القضايا. كما. حدث في مكالمة الأسبوع الماضي. وكما فعل من قبل في مارس عندما دفع حشد عسكري مماثل بايدن لدعوة بوتين لحضور قمة في جنيف.
وأعادت هذه القمة التأكيد علي دور روسيا كقوة عظمي. وحصل الكرملين علي قمة رفيعة المستوي "قبل الصين". واتفاق لمتابعة محادثات الاستقرار الاستراتيجي. هناك الآن حديث عن قمة شخصية أخري بين بايدن وبوتين. أوائل العام المقبل. الحشد يزيد أيضًا الضغط علي كييف بينما تتراجع شعبية زيلينسكي.
أدي النزاع بمنطقة دونباس الانفصالية. لمقتل 14000 شخص من كلا الجانبين. وتسبب في نفور الأوكرانيين في معظم أنحاء البلاد "باستثناء منطقة دونباس الناطقة بالروسية نفسها" وساعد في ترسيخ هوية أوكرانية موحدة. وأصبح الجيش الأوكراني في وضع أفضل مما كان عليه عام 2014. بفضل التدريب والأسلحة الغربية.
ويري المحللون أن حل النزاع الأوكراني الروسي يعتمد الآن علي اتفاق مينسك الثاني في فبراير 2015. والذي كان تسوية منتصر تم فرضها علي أوكرانيا الضعيفة. وقتها. تم تكليف فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا ــ فيما يسمي بصيغة نورماندي ــ بدفع العملية إلي الأمام. وتختلف روسيا وأوكرانيا حول الاتفاقية. التي تتضمن سحب روسيا لقواتها من دونباس مقابل قيام أوكرانيا بمنح مزيد من الحكم الذاتي لجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك المعلنتين. واللتين تخضعان لسيطرة قوات روسيا ووكلائها.
لكن لا تزال أوكرانيا غير راغبة في نقل مزيد من السلطة للمناطق المحتلة دون أن تسحب روسيا قواتها أولاً من دونباس» وترفض كييف منح وضع خاص لهذه الكيانات. ويُعتقد أن عملية مينسك قد انتهت.
ويشير تقرير لوكالة أسوشيتدبرس إلي أن لدي إدارة بايدن الكثير من الخيارات للوفاء بتعهدها بضرب روسيا مالياً إذا قام بوتين بغزو أوكرانيا. بدءًا من العقوبات التي تستهدف شركاء بوتين إلي قطع روسيا عن النظام المالي العالمي "سويفت" الذي ينقل الأموال المتدفقة لجميع أنحاء العالم.
فرضت الولايات المتحدة بالفعل مجموعة من العقوبات ضد الكيانات والأفراد الروس. والعديد منها بسبب غزو روسيا شبه جزيرة القرم. ودعمها الانفصاليين المسلحين شرق أوكرانيا عام 2014. كما عاقبت واشنطن روسيا علي التدخل في الانتخابات. والأنشطة الإلكترونية الخبيثة وانتهاكات حقوق الإنسان.
لكن روسيا عملت منذ عام 2014 علي عزل أنظمتها المالية المحلية عن مثل هذا القطع. كما أن قطع نظام "سويفت" سيسبب ألمًا للاقتصادات الغربية أيضًا.
اترك تعليق