هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

فى الليلة الـ 73 من "ذكر وفكر" البودشيشية: مقابلة الواجبات للحقوق تضمن توازن ونجاح الحياة

أكد د. منير القادري- رئيس مؤسسة الملتقى، رئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم- أنه لا يوجد في الاسلام حق إلا وله هدف او من ورائه مصلحة، حتى وإن لم تصل الأفهام الى اكتشافها او فهمها، والدين كله يتعلق بحماية حياة الفرد والجماعة وتمكين الانسان من عمارة دنياه وأخراه وتحقيق سعادته، مستشهدا بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، وذكر أنه كان لرعاية الحقوق في ظل دولة الإسلام آثار عظيمة على الفرد وعلى المجتمع على حد سواء، منها: شعور الفرد بالطُمأنينة والراحة والسعادة، وتماسك المجتمع وترابطه، حيث يتمتع كل أفراده بحقوقهم المشروعة، مقدّما أمثلة واقعية من التاريخ الاسلامي على ذلك.


جاء ذلك في الليلة الرقمية الثالثة والسبعين ضمن فعاليات ليالي الوصال الرقمية للطريقة القادرية البودشيشية، موضوع "رعاية حقوق الله وحقوق العباد وأثرها في المجتمع".

 

وسلَّط د. القادرى، الضوء على عدد من مظاهر رعاية الحقوق في الإسلام، منهارعايته لحق الإنسان في الحياة وحفظ الضرورات الخمس (الدين، النفس، العقل، المال، العِرض)، ورعايته لحرية المعتقد، موضحا أنّ الإسلام لم يجبر أحداً على الدخول فيه واعتناقه، مستشهدا بقوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ) [البقرة:256]، إضافة الى رعايته لحقّه الفكري، مبيّنا أن من حق الإنسان أن يفكِّر كيفما يشاء، ويعبِّر عن رأيه ما دام لم ينتهك حق الآخرين، ويهدد أمنهم ووجودهم، وينتقص من قدرهم.

 

تابع: الإسلام اهتم كذلك بالحق السياسي والاقتصادي، معتبرا أن من حق الفرد أن يكون مشاركاً في الحياة السياسيَّة، وأن من حقه أيضاً التملّك في ظلِّ ضوابط عامَّة حدّدتها الشريعة، إضافة الى كفالته لحق الطفولة، مبيّنا أن الإسلام شرع الأحكام التي تلبّي حاجات الطفل الأساسيَّة والفطريَّة، والصحيَّة والنفسيَّة، الى جانب ضمان حق المرأة، مبرزا أن الإسلام منحها المكان المرموق المناسب لها، وأخرجها من صور الظلم التي كانت تعيشها، فمنحها حق التملّك وحق اختيار زوجها، وحقها في الميراث، فساوى بينها وبين الرجل في التكاليف العامّة، مع مراعاة خصائص أنوثتها، وقد سبق الإسلام في ذلك كلَّ الحضارات والثقافات البشريَّة، الى غير ذلك من مظاهر الحقوق التي حماها الإسلام.

واكد د. القادرى أن القوانين الغربية لم تسبق التشريع الإسلامي في سنِّ الحقوق وحمايتها، كما أنه ليس في مواثيقها وإعلاناتها واتفاقياتها ما يتقدم الشريعة الإسلامية أو يضاهيها.

مسؤوليَّة عامَّة

ولفت د. القادرى الى أن رعاية الحقوق في الإسلام هي مسؤوليَّة عامَّة، يشترك فيها الجميع كلٌّ في دائرة تخصصه، مستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُم مَسْؤُولٌ عَن رَعِيَّتِه، الإِمامُ راعٍ ومَسؤُولٌ عنْ رعِيَّتِه، والرَّجُلُ راعٍ في أهلِه وهو مَسْؤُولٌ عن رعيَّتِهِ، والمرْأةُ راعِيةٌ في بيتِ زوجِها ومَسْؤُولةٌ عن رعِيَّتِها)، واستطرد شارحا أنه لو أدى كل إنسان واجبه على أكمل وجه دون نقصان، وأخذ كل واحد حقّه دون زيادة؛ لصلح حال البلاد والعباد.

وأكد أن قوّة المجتمع المسلم تكمن في حفظ الحقوق وتحقق الأمن المجتمعي بين جميع مكوناته وأبنائه.

 

ونوَّه الى أن أحكام الشريعة كلها مردودة إلى أساس أخلاقي، وأن التصوف معني بالأخلاق، وأنه بهذا الاعتبار هو روح الإسلام، وأنه بقيامه على ضبط الأمور بتعاليم الكتاب والسنة نجح في الحفاظ على وحدة الصف وتماسك بنية المجتمع المسلم.

 

وزاد: أن قيامه على أداء الحقوق وكف الأذى هيَّأ الأرضية الملائمة لقيام علاقة ودّية بين أفراد المجتمع تحتفظ بجو إيجابي من التكافل المادي والتجاوب المعنوي الذي لا يترك ثغرة للمنغّصات الشيطانية التي لا تريد لابن آدم أن يعيش حياة كريمة إلى جانب أخيه.

 

وأوضح أن التراث الروحي شكّل على مر التاريخ المغربي جزءا من هوية المغاربة، ومصدرا قويا لتعزيز قيم الاعتزاز بالوطن وبذل الجسد والروح في سبيل المصلحة العليا للبلاد ونفع الخلائق وتصفية النفوس، وغير ذلك من قيم المواطنة التي يحتاجها إنسان اليوم.

 

وأضاف: أن التصوف يعد مظهرا قويا من مظاهر التراث الروحي للمغاربة، وأنه مقوّم أساس من مقوّمات تاريخ المغرب، شكّل وجوده في المغرب حقيقة تاريخية، دليلها سمة التصوف في التديّن الشعبي المغربي.

 

واستطرد مبيّنا أن وجوده لم يقتصر على مظاهر التديّن، بل امتدت آثاره في ميادين كثيرة، من تقاليد إطعام الطعام، والتطوّع لمساعدة المساكين بطرق مختلفة، وتدريس أبناء الفقراء، وممارسة التطبيب، والإصلاح بين المتخاصمين، ونصرة المستضعفين وردّ حقوق المغلوبين وتقديم ما يستطاع من نصح وعون للناس.

 

الخير بالخير

 

وزاد: أن منهج الصوفية يقوم على أن يقابل الخير بالخير، وأن يقابل الشر بالخير أيضا، وأنهم بذلك يسهمون في زرع إرادة الخير في الإنسان، وتخليق الحياة العامة، الشئ الذي عجزت عنه كثير من البرامج الإصلاحية، من هنا ندرك مكانة التراث الروحي للأمة المغربية باعتباره ثروة لا مادية قابلة للاستثمار والتحويل وإنتاج الثروة وارساء دعائم النهضة التنموية المستدامة.

 

واختتم مداخلته بالتأكيد على أنه إذا فهمت مقاصد الشريعة فهمًا صحيحًا مستنيرا، وطُبِّقت تطبيقا دقيقا، أنتجت مجتمعا قويًا متّحدًا متحابًّا وكلما توطدت الروابط بين عموم الناس، وانتفت عنهم الغيرية والأنانية، تكون النتيجة هي بناء أمّة واعية مترابطة، تسعى إلى إشاعة القيم الانسانية والأخلاقية، وتهدف إلى الإصلاح في الأرض.

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق