توالت معلقات الصمت تلج الروح الشفافة...
تتراكم فيصبح للضجيج شرخ عميق يخدش تلك الروح...
كيف لي أن أنطق بكل هذا الكم الهائل من الكلام المتواري في أبعاد الصمت...
لساني يلهث وراء الحروف...
تخونني ولا تعرفني...
هي فعلا لا تعرفني...
لم أحبها يوما...
لم أحاول أن أتقرب منها...
كنت أهرب من صدى الكلمات
في نفسي وفي نفوس الآخرين.
أظن أن مشكلتي مع اللغة أزلية...
أراها بخيلة في تحمل عاطفتي...
وأراني أنا أيضا بخيلة في محاولة التصالح معها...
كل الصبر كنت قد ركنته في تحمل جراحات تنهل من أعصابي ومن طيبتي...
لم أحسن التنقل بين الحزن والصبر... تركتهما يصطادان الصمت وانتهت القضية...
وهربت... نعم هربت من صخب الكلام... كان شيئا مبهما لروحي... ترنيمات الصمت سلام للروح ولكن مؤقت...
عالم اللغة هو فن وضرب من الحضور لم أتمكن منه.
كان أبي يصمت دائما في وجه كل شيء... كنا نستغرب لماذا لا يقول مثلا لأخيه الأصغر منه:
كفاك... تعديت على حقي...
أخذت جزءا من أرضي...
نسأله فلا يجيب...
وإن رد يقول لنا لا بأس فليأخذ...!!!
كنت أستغرب إجابته... ولكن الظاهر ودون أن أشعر ورثت ذلك الصمت...
ورثت ذلك الاستغناء عن كل شيء...
هل صمتي هو سجن اللغة..
هل هو لغة الخوف... ؟!!!
ربما... لا أعرف...
ولكنني أدرك تماما أنه يناسبني...
يتوافق معي... يريحني
يشكل أبعاد ذاتي...
أحبذ الكتابة والبوح بطريقة أخرى
أحبذ عالمي الصغير في ارتشاف حروفي السرية الممعنة في سرد طويل يكتب كل التفاصيل التي تضيع مني من أول كلمة...
أمتهن العبور إلى واحة الصمت حتى أجد الكلام الهارب مني...
لغتك يا أبي كانت قد أبحرت إلى أعماقي في خيوط من فجر أصيل...
كل أدواتك للبيان كانت... طيب الكلام أو السكوت المعلن... وسكوتك كان يعلو محياك ضياءً وطهرا...!!!
أحب صمتك يا أبي حتى ولو عادتني كل اللغات...!!!
اترك تعليق