مهمة صعبة تنتظر المبعوث الأممى الجديد إلى ليبيا نيكولاف ملادينوف البلغارى الذى يبدأ عمله فعليا فى يناير المقبل. المهمة هى العبور بليبيا من أزمتها الراهنة، والتى يمكن اختزالها فى 3 مسارات سياسية واقتصادية وعسكرية.
يشكل ملتقى الحوار بين فرقاء الداخل الليبى، المسار السياسى للأزمة الليبية، وهو الجانب الذى يواجه حتى الآن عراقيل ناجمة عن خلافات حول ألية اختيار القيادة السياسية القادمة فى البلاد.
ومؤخرا، فشلت البعثة الأممية إلى ليبيا في تحقيق توافق بين أعضاء لجنة الحوار السياسي الليبي حول مقترح لاختيار الآلية التي سيتم اعتمادها لاختيار القيادة السياسية القادمة التي ستدير المرحلة الانتقالية. وهذا التعثر يرفع سقف التحديات أمام المبعوث الأممي الجديد، الذى يجد نفسه أمام مهمة إيجاد طريق لاستكمال العملية السياسية في ليبيا، تمهيدًا لإجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر2021.
بالنسبة للمسار الاقتصادى، تنتظر ملادينوف مهمة ثقيلة وهى الحفاظ على المخرجات الإيجابية لاجتماع مجموعة العمل الاقتصادي بشأن ليبيا فى جنيف، وتوصل إلى عدة قرارات هامة في مقدمتها إجراءات توحيد المصرف المركزي الليبي. وقالت البعثة الأممية في ليبيا فى بيان، إن المشاركين توصلوا إلى استئناف مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي اجتماعاته المنتظمة. وأضاف البيان أنه تم وضع توصيات لتوحيد سعر الصرف بهدف ضمان استقرار أكبر للعملة الليبية ومكافحة الفساد. كما حدد المجتمعون خطوات لتوحيد الميزانية الوطنية، والعمل على استعادة عائدات النفط من خلال وضع حلول تعالج التحديات الأساسية التي استلزمت التجميد. واتفقوا على اجتماع يعقد في ينايرالمقبل، لاستعراض التقدم المحرز في هذه القضايا، والنظر في اتخاذ المزيد من الخطوات الفنية اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الليبي، والاستجابة لاحتياجات الليبيين.
وبالنسبة للمسار العسكرى، فقد اتفقت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة على بنود تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة عسكرية فرعية للإشراف على عودة كافة قوات فرقاء ليبيا إلى مقراتها، وسحب القوات الأجنبية من خطوط التماس، وعلى اختيار مدينة سرت مقرا للجنة (5+5)، وسرت وهون مقرا للجنة العسكرية الفرعية للترتيبات الأمنية.
وبحسب مراقبين، فإنه على المبعوث الأممى الجديد استكمال ذلك المسار، كونه الطريق الأكثر أهمية نحو إيجاد حل في ليبيا، ولقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية وحشد مرتزقة تركيا.
لكن يبدو أن أنقرة لن تسمح بتوصل اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) إلى تفاهمات محددة من شأنها إخراج تركيا والمرتزقة الذين جلبتهم إلى ليبيا، وتفكيك المليشيات المسلحة وجمع السلاح والذهاب إلى دولة مدنية حقيقية.
فقد كشفت تقارير أخيرة عن وصول 4 طائرات عسكرية تركية إلى قاعدة الوطية الجوية غرب ليبيا، بالإضافة إلى إعلان تركيا تدريب جيش يضم مليشيا السراج، فضلا عن تقرير لفريق الأمم المتحدة نشره موقع "نورديك مونيتور" السويدى، أكد فيه نقل ونشر 7 آلاف مسلح من شمال غرب سوريا إلى طرابلس عبر تركيا.
وأكدت التقارير أن حركة طيران الشحن العسكري التركي، تصاعدت فى الأونة الأخيرة باتجاه قاعدة الوطية الجوية، في الغرب الليبي، واستمرارها في نقل الأسلحة والمعدات والميليشيات، حيث يعتزم الأتراك إعدادها وتجهيزها لتكون مستقرا لهم، وكذلك تنسحب الجهود التركية على قاعدة مصراتة البحرية، كما عززت تركيا سيطرتها على كافة القواعد العسكرية فى الغرب الليبى.
وهنا تكون المهمة الأكبر والأصعب أمام المبعوث الأممى الجديد إلى ليبيا، هى تفعيل القرارات الدولية على تركيا، والتى لم تلتزم بأى قرار يمنع ضخ السلاح والمرتزقة الى ليبيا، وهو ما يعطل كافة مسارات حل الأزمة الليبية.
اترك تعليق