ترجع أحداث القصة بعد فتح مكة ودخولها تحت راية الإِسلام وإرسال بعض السرايا حول مكة، حيث خشيت القبائل المقيمة حول مكة والطائف أن تدور الدائرة عليهم، فأرادوا قتال المسلمين قبل أن يقاتلوهم، وفي مقدمتهم هوازن وثقيف وقام مالك بن عوف النصرى سيد هوازن بجمـع القبائل، وأمرهم أن يخرجوا بالنساء والأطفال والأموال حتى لا يفر أحد منهم في زعمه وسار بهم إلى حنين.
ولما بلغ المسلمين الأمر أخذوا عدتهم للقتال، ثم استعار الرسول صلى الله عليه وسلم مائة درع من صفوان بن أمية، وسار المسلمون يقودهم الرسول وكان عددهم ما يقارب اثنى عشر ألفاً، وهذا عدد لم يجتمع للمسلمين من قبل مثله، حتى قال أحدهم: لن نغلب اليوم من قلة.
سبقت هوازن وثقيف المسلمين إلى وادي حنين وتحصنوا في موقعهم، وكانت خطتهم أن يتوزعوا في شعاب ومضـايق الوادي وجوانبه، حتى إذا انحدر المسلمون من الوادي باغتوهم الهجوم حتى تتفرق صفوفهم، وتحل بهم الهزيمة.
وصل المسلمون إلى الوادي في أول النهار في مقدمتهم بنو سليم على رأسهم خالـد بن الوليد- رضي اللّه عنه- وحينما انحدروا من مضيق الوادي في عماية الصبح، أمر مالك بن عوف القبائل بالهجوم فشدت شدة رجل واحد، انهالت السهام الكثيفة على المسلمين وأمام هول المفاجأة ودقة الرماة اختلط أمر المسلمين واضطرب فانكشفت خيالتهم ثم المشاة، وفر الطلقاء والأعراب ثم بقية الناس، ولم يثبت مع الرسول صلى الله عليه وسلم سوى عدد قليل من الصحابة.
ثبت الـرسول صلى الله عليه وسلم في ميدان المعركة وأحاط به عدد من أصحابه، وجعل ينادى في الناس المفزوعين وقال: "أين أيها الناس؟ هلموا إلي أنا رسول اللّه أنا محمد بن عبد اللّه" ثم أمر عمه العباس وكان جهوري الصوت أن ينادي الناس المنهزمين: يا معشر الأنصار والمهاجرين، يا أصحاب الشجرة. فتراجعوا إلى ناحية الصوت.
سمع الناس نداء العباس- رضي اللّه عنه- ورجعوا وهم يقولون: لبيك. لبيك، واجتمع حول الرسول صلى الله عليه وسلم عدد من المسـلمين استقبل بهم المشركين، وهو يقول: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" واشتد القتال وحمي الوطيس وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم تراباً فرمى به وجوه الكفار وقال: "اللهم أنزل نصرك" ولم يقاوم الكفار طويلاً بل فروا من الميدان بعد ثبات المؤمنين، حيث أنزل اللّه عليهم السكينة.
وقد تعقب المسـلمون الأعداء وقتلوا الكثير منهم وأسـروا بعضهم، وهزمت هوازن ومن كان معها شر هزيمة، وتفرقت فلولهم في الجبال والأودية، وتحصن مالك بن عوف في الطائف وتركوا وراءَهم كثيراً من الأموال والنساء غنيمة للمسـلمين..يقول الله عز وجل " لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ"
اترك تعليق