السّنغال، بلد الإسلام الّذي دخله منذ مئات السّنين، ويمثّل فيها المسلمون –اليوم- نسبة 96% أو أكثر، بلد التّيرانجا ( الكرم) الذي اشتهر بكرم أهله وسلميّتهم وانفتاحهم على كلّ العالم، وكلّ هذا وأكثر يلمسه كلّ من يزوره، ويختلط بسكّانه، ويبلغ الأمر أقصاه مع حلول الشّهر الكريم.
الحديث عن رمضان في السّنغال يتطلّب إبراز الجانب الإجتماعي ، والجانب الثّقافي؛ فالسّنغاليّون بمجرّد انتصاف شهر شعبان يشتدّ استشعارهم قرب رمضان، ويستنشقون نسماته، ويكون حديث السّاحات، فيبدأون بالاستعداد له، كلّ حسب طاقته؛ ويضعون له البرامج المناسبة، ويوفّرون كل ما من شأنه أن يتيح لهم صيام الشّهر المرتقب بلا تعب أو نصب، فتراهم يتزاورون فيما بينهم، ويستحل بعضهم البعض من الحقوق والتّبعات ، ويضعون برامج الإفطار في المساجد والسّاحات والبيوتات الكبيرة ، وبرامج التّراويح، وما يرافقهما من محاضرات ودروس دينيّة تشيّع الشّهر الكريم من بدايته إلى نهايته في كلّ أرجاء البلاد.
وفي ليلة التّاسع والعشرين من شعبان، تتوجّه الأعين إلى السّماء استطلاعا للهلال، وتوجد لجنة خاصة للاستطلاع رسميّة، يعتمد عليها معظم السّكّان، وبمجرّد رؤية الهلال ترتفع أصوات التّهنئة في سماء السّنغال مبشّرة بولادة مولود سيعمّ خيره كلّ البلاد.
وأمّا العادات والتّقاليد المرافقة لرمضان، فإنّها قد تختلف من منطقة لأخرى داخل الوطن، بل من قبيلة لأخرى أو من بيت لآخر، ولكنّها متقاربة فيما بينها.ففي أوّل ليلة من رمضان في السّنغاليتوجه الناس إلى المساجد لأداء صلاة التّراويح ، ويستيقظون في كلّ يوم للسّحور، والطّبق المفضّل في السّحور العصيدة بمختلف الوانها، وكذالك مايسمّى ب( لسان العصفور)،يغليان بالماء ويضاف إليهما الحليب والسّكّر ويؤكلان حارّان، والبعض قد يتفنّنون فييتسحّرون بمختلف الأصناف الشّهيّة ، ويصلّون الفجر ويعودون للنوم إلّا من شاء الله، وفي الصّباح الباكر يذهب الموظّفون إلى عملهم ، وفي النهار تسمع آيات من الذّكر الحكيم تتلى من مكبّرات الصّوت في بعض المساجد، والنّاس مابين مستغرق في عمله جامعا بينه وبين ماتيسّر من الذّكروالصّلاةوقراءة القرءان، وغافل يغطّ في نوم عميق يتّقي به شدّة الصّوم.
وبعد صلاة العصر تبدأ الحياة العلميّة ( الجانب الثّقافي )، وهي عبارة عن أنشطة علميّة دينيّة تقام في المساجد والسّاحات العامّة، وتسمّى ب( رمضانيّات)، وأبرزها محاضرات يقوم بها جملة من العلماء البارزين، في موضوعات متنوّعة ومهمّة للرّأي العام، وأحيانا تكون جلسات إفتاء يطرح فيها الأسئلة الفقهيّة وغيرها على بعض الفقهاء والمحدّثين، وهذه الجلسات تبثّ على الهواء مباشرة عبر القنوات التّلفزيونيّة والمذياع، كماتنشر في الانترنت عبر الصّفحات المختلفة. وهذه الجلسات تستمرّ إلى وقت الإفطار، وتعقبها مائدات إفطار مفتوحة تجمع كلّ مالذّ وطاب.
وعند اقتراب المغرب تبدأ الأهالي بترتيب موضعالإفطار وإحضار جميع المستلزمات، فيجتمع أهل البيت جميعا على مائدة واحدة ، فيفطرون معا بعد سماع صوت البوق أو الأذان أوغيرها مما تشعر بدخول وقت الإفطار، فيفطرون أوّلا على تمر وماء، ثمّ يواصلون الإفطار بعد الصّلاة ، والمائدة تمتلئ بمختلف بالمشروبات السّاخنة والباردة كالقهوة والشّاي والحليب واللّبن واللّيمون والزّنجبيل والتّمر الهندي و الكركديّة، وأمّا المأكولات فأغلبها مخبوزة، من خبز وحلويّات، وقد يضيفون بعض الفواكه والعصيدة إلى القائمة.
اترك تعليق