صيام رمضان عبادة عظيمة فعلى المسلم أن يهتم بها غاية الاهتمام ، ومما يجب على المسلم لصيام رمضان ولكل صوم واجب أن يُبيِّت نية الصيام من الليل : من أي جزء من الليل ، ولو أكل بالليل سحوراً أو غيره بنية أن يصوم غداً فقد بيَّت النية من الليل ، وقد قال صلي الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ ) ؛ فعلى كل صائم تيبيِّت النية لكل يوم ، لأن كل يوم عبادة مستقلة فيجب التبييت له ، وأن يُمسك عن جميع المفطرات ، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية التعبد لله عز وجل، وقد قال صلي الله عليه وسلم: ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) ، وأن يتجنب المفطرات ،سواء الجماع ، وهو أعظم أنواع المفطرات في الإثم ، فمن جامع في نهار رمضان ، والصوم واجبٌ عليه فإنه يلزمه القضاء والكفارة والتوبة إلى الله تعالى، ففي حديث الرجل الذي وقع بامرأته في رمضان، فقال له صلي الله عليه وسلم: ( أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ مَا أَجِدُهَا قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) ، كذلك يفطر الصائم اذا تحقق عنده إنزال المني باختياره ، سواء بتقبيل زوجته ، أو غير ذلك مما يؤدى للاستمناء ، فإذا تحققت المباشرة والتقبيل واللمس بدون إنزال فلا يفطر به، لقول عائشة رضي الله عنها: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ ) ، وأما الإنزال بالاحتلام أو بالتفكير المُجرّد فلا يفطر به ، ومن الأمور التى يجب أن يتجنبها الصائم : الأكل أو الشرب : من الفم أو الأنف ، أيّاً كان المأكول أو المشروب ، قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ ، وقال صلي الله عليه وسلم : ( وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ) ، كما يجب على الصائم أن يحذر كل ما كان بمعنى الأكل أو الشرب : وهو حقن الدم في الصائم ؛ لأن الدم يغذي البدن ، والإبر المغذية ، وأما غير المغذية فلا يفطر بها ، وأن يترك الصائم كذلك إخراج الدم بالحجامة بسحب الدم الكثير ، لقوله صلي الله عليه وسلم : ( أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ) ، أما إخراج الدم اليسير للتحليل ، والرعاف ، والنزيف ، وقلع السن ، والجرح فلا يفطِّر .
وكل المفطرات التي باختيار الصائم إنما يفطر بها إذا تناولها عالماً ، ذاكراً ، مختاراً ، لا ناسياً أو مكرهاً ، أو جاهلاً ، قال صلي الله عليه وسلم: ( مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ ) لكن لا يبالغ الصائم في المضمضة والاستنشاق.
ولا يفطر الصائم بتقطير الدواء في أذنه ، أو في عينه ، أو دواء في جرح حتى لو وجد طعمه في حلقه ، ولا يؤثر التسوك على الصوم ، بل إن التسوك مشروعٌ في كل وقت للصائم ولغيره ، ويجوز للصائم أن يخفف عنه شدة الحر والعطش بالتبرد بالماء ، أو الثوب المبلول بالماء، ولا كراهة في ذلك .
اترك تعليق