هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الواجبات المدرسية وقدرات الصغار

أسعد كثيراً بزيارة أحفادي لي في عطلة نهاية الأسبوع بصحبة ابنتي بالطبع ، إلا أن مايكدر استمتاعي بهم هو إصرار ابنتي على اقتناص جزء من وقت تلك الزيارة في انتهاء حفيدي الذي اجتاز الخمس سنوات ببضع شهور من بعض الواجبات المدرسية المكلف بها ._x000D_ _x000D_ وبعد محاولات حثيثة منه للتخلص من تلك المهمة ، وشد وجذب يبدأ في الانصياع والاستسلام ، ثم تبدأ مرحلة الاستيعاب لما عليه أن يقوم به ، وبتعثره وإخفاقه أحياناً يبدأ صوت ابنتي في الارتفاع مدججا بالتهديد والوعيد لتبدأ معه دموعه في التساقط مع حرصه على عدم إحداث صوت ينبيء بحالته كي لاتتجدد ثورة أمه مرة أخرى ._x000D_ _x000D_ مسكين حفيدي ، لقد زج به في تروس آلة التعليم التي تدار بوقود جهل لايعي ولا يدرك أنه مازال ابن مرحلة اللعب والمرح والعفوية والانطلاق واكتساب الخبرات بالمحسوس والملموس وهو في الثالثة والنصف من عمره ._x000D_ _x000D_ ولأنه بحكم التحاقه المبكر بالتعليم أصبح في الصف الأول الابتدائي ، وكان لزاماً عليه إدراك حروف الجر وما تفعله بمن تجره ، ولنفس السبب السابق أراه يتعثر ، وبتعثره تعاود أمه رفع صوتها ويعود هو للبكاء المكتوم من جديد ليبدأ ضغط دمي في الارتفاع ، طلبت منها هامسة أن تؤجل عملية انتهائه من الواجبات المدرسية للغد وتدعه يستمتع مع أخته باللعب ومشاهدة التلفاز حتى أتمكن من توضيح بعض الأمور لها ، ففعلت._x000D_ _x000D_ وهنا بدأت أوضح لها كيف تكلف صغيرها بعمليات ذهنية لاتتماشى مع مرحلته العمرية وإيقاعها البيولوجي ، وأن ماتستخدمه معه من أسلوب اعتقاداً – كغيرها كثير من الآباء والأمهات - أنه سيثمر لن يكون إلا المدمر لقدراته ، فقد أثبتت البحوث أن تلك الضغوط النفسية التي يتعرض لها الطفل أثناء عملية التعلم ستؤدي إلى موت الكثير من الخلايا المسؤولة عن الذاكرة والتعلم ، فمثل تلك الأساليب التي تمارس على الطفل اعتقاداً بأنها ستساعد في الحصول على نتائج تعليمية جيدة ، إنما هي تدفع الدماغ إلى استخدام مناطق فكرية ليست في المستوى العالي من التفكير ، وبالتالي لاتعمل على تشغيل المناطق المسؤولة عن الإبداع في التعلم ._x000D_ وبدا أنها فوجئت بتلك الحقائق العلمية ، فهي للأسف شأنها شأن آخرين لاتكلف نفسها مشقة الاطلاع للوقوف على مايجب ومالا يجب اتباعه من أساليب تتماشى مع طبيعة مراحل عمر طفلها ، وبادرتني بالسؤال : وماذا عساي أن أفعل ؟ فهو لايستوعب بالسرعة المطلوبة ، ولابد من قيامه بالمطلوب قبل يوم الأحد ؟ قلت لها أمامك يوم كامل ، حاولي التفكير خارج الصندوق ، فكري في طريقة تتوافق مع طبيعته وتتماشى مع قدراته وتجعله يدرك ويفهم المطلوب وهو سعيد مستمتع ._x000D_ _x000D_ وفي اليوم التالي ، وعند لقائي بها بالنادي وجدتها وقد افترشت الابتسامة وجهها وقالت لي وهي سعيدة ، لقد وجدتها ياأمي ، ودست يدها في حقيبتها لتخرج لي لوحة صغيرة رسم بها حمار تعبر تقاسيم وجهه عن أنه ينوء بحمل ثقيل ، وقد خرجت أنات من فمه ليقول إِه .. إِه ، وكان حاملاً على العربة التي يجرها حروف الجر كبيرة الحجم ( في ، على ، من ، إلى ، عن ، الباء ، اللام ) وقالت : انظري ياأمي لقد رسمت وعمار تلك اللوحة والتي جعلته يستوعب ماتعثر في استيعابه بالأمس ، فأصبح يتذكر كل ماكان فوق العربة ، والآه المكسورة التي يطلقها وجعلها مفتاحه للتذكر والربط بين الجار والمجرور ، فقلت : أن هذا هو أسلوب الأداء الواجب اتباعه مع من في مرحلة ابنك العمرية ، ترفقي به حتى يتمكن من أداء واجباته المدرسية ، ويدرك معنى القيام بالمهام والمسؤوليات دون تعرضه لضغوط نفسية يمكن أن تحدث خللا في قدراته ، ولهذا السبب حذر ( المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية ) بفرنسا من الواجبات المدرسية الكثيفة ، وإهمال المشاكل النفسية التي يمر بها الأطفال إثناء إنجازها وتجاهل إشارات التحذير التي يطلقونها مثل الصراخ الزائد أو الانزواء المفاجيء ._x000D_ ثم طبعت قبلة على جبيني تصاحبها دعوة جميلة ، وأسرعت بعمار إلى التدريب ._x000D_




تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق