إعداد: د. يسرا محمد سلامة

إنه الشيخ أمين حسنين المطرب الذي غنى لـ روميل وقام بضرب فتوات بولاق 

وإليكم قصته ..

تم إعفاؤه من التجنيد لحفظه القرآن الكريم، وقام بضرب فتوات بولاق في إحدى حفلاته 
وقد سجّل أكثر من 170 أسطوانة مع الشيخ زكريا أحمد، وقد قام بالغناء لثعلب الصحراء روميل 

كان للشيخ أمين حسنين أغنيات شعبية عديدة "شبيك لبيك .. عبدك وملك إيديك"، "آلو ألو .. ميتين ألو ولا حدش رد"، وكانت كلها أغانٍ من المجتمع المصري تُصور كثير من الشكوى والنقد ..

جاء الشيخ أمين من القليوبية وكان والده من رجال الأزهر، وأستاذًا للقراءات، كان له من الأبناء خمسة حفظوا جميعًا القرآن الكريم، انصرف أربعة منهم إلى الأعمال المدنية، وكان الشيخ أمين في المدرسة الابتدائية وحصل على شهادتها، وفي دراسته للثانوية تقدم بطلب للالتحاق بالمدرسة الحربية وقبلوه فيها، إلا أنّ والده قد رفض؛ لحرصه أن يكون أحد أبنائه يسير على نهجه الديني .. وأمام رغبة والده لم يسعه إلا أنْ يقبل وخرج من المدرسة الحربية، كما تقدم لامتحان حفظ القرآن الكريم حتى حصل على شهادة رسمية بأنه من حفظة كتاب الله وهو الأمر الذي أعفاه من التجنيد .. 

كان يذهب إلى الموالد ليُغذي موهبته في الموسيقى والغناء، وكان والده صديق لوالد الشيخ زكريا أحمد، وكان وقتها موظفًا بالأزهر فنمت بينهما صداقة قوية وربطهما معًا حُبهما للموسيقى ..

كان أستاذهما الشيخ "درويش الحريري" وبعض كبار المقرئين المعروفين، وذات يوم كان الشيخ أمين حسنين يتلو قصة المولد النبوي فاستمع إليه وكيل إحدى شركات الأسطوانات وطلب منه الحضور لتسجيل الأسطوانات ..

وفي عام 1922م ، كان الأستاذ بديع خيري يؤلف الأغنية، والشيخ زكريا أحمد يُلحنها، والشيخ أمين حسنين يُغنيها، وملأ نحو 170 أسطوانة، وكان يأخذ أجرًا عشرين جنيهًا عن الأسطوانة الواحدة، وراتبًا شهريًا قدره 150 جنيهًا، ومدة العقد عشر سنوات، وعندما أرادت إحدى شركات الأسطوانات ضمه إليها، زاد أجره عن الأسطوانة الواحدة لـ 40 جنيهًا .. 

وقد امتاز الشيخ أمين حسنين بخلاف حلاوة صوته وقوته، بقوته البدنية الكبيرة، فقد دُعى إلى حفل صاحبه فتوة بولاق، ونشبت معركة، فإذا به يمسك بكرسي ويضرب حتى هرب جميع الموجودين من أمامه وكأنهم لم يصدقوا أنهم نجوا بأرواحهم، وقد كانوا فتوات بولاق ..

وقد طاف الشيخ أمين أنحاء الوطن العربي بدءًا من فلسطين وشرق الأردن، وسوريا، ولبنان، والعراق حتى استقر في تونس، وقد شهد الحرب العالمية الثانية وتعرض هناك لأهوالها ..
حيث جاء الجيش الألماني لتونس وعلى رأسه ثعلب الصحراء روميل، وعرف الشيخ أمين وتَقرب إليه، وكان روميل يعرف اللغة العربية جيدًا، وفي كل ليلة كان يذهب الشيخ إليه ليُغني أمامه، وتولى إذاعة بعض الفقرات بالعربية في الإذاعة ..

وعندما حان وقت خروج الجيش الألماني من تونس واعتزم الانسحاب، كان الشيخ أمين في منزله حين جاء أحد رجال البوليس إليه ليُخبره بأنّ روميل قد أهداه سيارة فاخرة ودعاه مع مجموعة من أصدقائه للذهاب إلى مكان على الشاطئ وهو مصيف الباي، وشاءت الظروف أن ينسحب الجيش الألماني من البُقعة فوجد الشيخ أمين نفسه وحيدًا مع صديق وكانت القنابل تتساقط من حوله وهو في ذهول لا يقوى أنْ يُحرك قدميه، وقد رأى شظية قسمت صديقه إلى نصفين، وظل ثلاثة أيام بغير طعام أو شراب حتى تمّ الانسحاب الألماني من تونس، فعاد إلى القاهرة، لكن لضيق الحال عاد مرةً أخرى إلى تونس مع شقيقه ليستقر فيها ..