هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

تعظيم القرآن والسنة لحرمة الدماء 
إنّ وجود الإنسان على هذه الأرض هبة من الله تبارك وتعالى، والحياة منّة من الله، وقد أكد الله عز وجل على حُرمة الحياة وقيمتها، حيث بيّن جلّ وعلا

 

بقلم - محمد الطايع:
باحث إسلامى
 
إنّ وجود الإنسان على هذه الأرض هبة من الله تبارك وتعالى، والحياة منّة من الله، وقد أكد الله عز وجل على حُرمة الحياة وقيمتها، حيث بيّن جلّ وعلا أنه لا يجوز الاعتداء على حياة الناس ولا قتلهم ولا سفك دمائهم.
 
لذا جاء الشرع المطهّر مُشدِّدًا على حرمةِ الدماء، وحرمةِ أمن الناس، وشدَّد في تحصين كل مصلحة تُعين على الأمن، وشدَّد في تحريم كل مفسدة تضرّ بالأمن، كل ذلك من أجل أن يأمن الناس ويطمئنوا في معاشهم، فيعبدوا الله على بصيرة، ويقيموا شعائر الله وهم مطمئنون مرتاحون، ويقوموا بواجبهم في إعمار الأرض.
 
وقد بين الله عز وجل في سورة النساء العقوبات المشددة لمن وقع في جريمة القتل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]. 
 
كما قال في سورة الأنعام: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151].
 
وقد وصف رسولنا الأكرم حال القاتل والمقتول يوم القيامة بقوله: «يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة رأسه بإحدى يديه، مُتَلَبِّبًا قاتله بيده الأخرى، تَشْخُبُ أوداجُه دمًا، يقول: يا رب، سَلْ هذا فيما قتلني؟ فيقول الله تعالى للقاتل: تَعِستَ. ويُذهَبُ به إلى النار».
 
ولا شك أنّ هذا الوعيدَ وهذا التشديد مقصده سلامة الناس جميعًا، ومقصده أن يتقي الناس ربهم في إخوانهم، وأن يرتدعوا، وأن يتذكروا مسؤوليتهم أمام الله، وأن يخافوا الله قبل أن يقدموا أو يعينوا أو يفكّروا في الاعتداء على أي حي بغير حقّ شرعي، قال النبي: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا»، يعني إذا أصاب المؤمن دمًا حرامًا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وصار في ضيق من دينه، وصار في حرج مع ربه.
 
ومع هذه النصوص الصارمة لاحترام الحياة وتجريم الاعتداء عليها، فإننا كلما سمعنا بجريمة قتل تُثار في وجداننا استفسارات: 
 
هل فكّر القاتل قبل الإقدام على جريمته في بشاعة الذي يرتكبه؟ 
 
وهل يتصوّر مدى الإثم الذي يلحقه نتيجة إزهاق روح إنسان؟ 
 
وهل أدرك التَّبِعَات الاجتماعية والإنسانية من تفكيكٍ للمجتمع وترويعٍ للآمنين وتَيْتِيمٍ للأطفال وترمّل للزوجات وتثكّل للأمهات؟ 
 
وهل سمع قول رسولنا الأكرم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم».
 
وهذا دليل على أهمية الدماء عند الله رب العالمين، ودليل على أن ديننا الإسلامي العظيم حريص على توفير الأمن والأمان في المجتمع، وحريص على حقن الدماء، ومنع إزهاق الأرواح.
 
فماذا يفعل بإزهاق هذه الروح؟! 
 
وماذا يفعل بهذا الدم الحرام الذي سفكه، والذي تعدّى عليه بغير إذن من الله تعالى؟! 
 
قال النبي: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة»، أما غير هذه الأسباب فلا يجوز سفك الدم.
 
وحتى في هذه الحالات فإن الذي يسفك الدم في هذه الحالات الثلاث هو الحاكم المسلم بحكم القضاء العادل، بإقامة البينات وتكامل الشروط والأسباب التي تجعل القاضي يحكم بإراقة دم هذا الفاعل، فليس هذا الأمر لعبة ينفذها بعض الناس على من يريدون.
 
وسيشهد تاريخ الحضارات وتاريخ التشريع الإسلامي أن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر وصاياه وآخر توجيهاته في حجة الوداع، تلكم الحجة العظيمة التي اجتمع لها الناس من كل فج عميق، خطب فيهم: «ألا إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟» فبلَّغهم وبلَّغنا معهم، ورمى بها في أعناقنا، وألقى بمسؤوليتها في ذممنا، وكلّنا مسؤولون عنها أمام الله يوم القيامة.
 
فهل رعينا تهديده وحذرنا وعيده؟! 
وهل احترمنا ما أمرنا الشرع باحترامه؟! 
وهل خفنا الله في دماء المسلمين وأعراضهم؟!
 
 




تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق