جمعها وصنفها / محمد سعيد
تذخر سور القرآن الكريم بها الكثير من صيغ الدعاء سواء التي وردت على لسان الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام أم التي وردت على لسان الصالحين .. ((الجمهورية اونلاين)) تستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الأدعية الواردة في القرآن الكريم مع تفسيرات مبسطة لها
))رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)) آية 109 سورة المؤمنون
هذه الدعوة الطيبة المباركة التي ذكرها اللَّهُ عز وجل على لسان المؤمنين الصادقين، في سؤالهم لربهم، قد جمعت من المطالب والوسائل الجليلة،
وسبب ورود هذا الدعاء الطيّب أن الكفار في النار يسألون الخروج منها، والرجعة إلى الدنيا، فقال ربّ العزّة والجلال لهم: ((قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)) آية 108 سورة المؤمنون .. أي امكثوا صاغرين مهانين ولا تعودوا إلى سؤالكم، ثم بيّن الله سبحانه وتعالى سبب تعذيبهم: ((إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا ...)) وأنه من الأسباب التي أدخلتهم النار هو استهزاؤهم، وسخريتهم من هذا الفريق المؤمن.
((يَقُولُونَ)): دلالة ظاهرة على استمراريتهم في الدعاء، والإكثار منه في حياتهم الدنيا، كما أفاد الفعل المضارع بعد كان.
((رَبَّنَا آمَنَّا)): أي بك وبرسلك، وما جاؤا به من عندك، قدّموا التوسّل بإيمانهم قبل سؤالهم؛ لأن الإيمان هو أعظم أعمال القلوب المقتضى لقبول الدعاء، وحصول الرجاء.
((فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا)): استر علينا مما يوقع من تقصيرنا في حقك وحق غيرنا فتجاوزه عنا، وتعطف علينا برحماتك التي لا تُعدُّ ولا تُحصى.
((وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)): أكدوا إيمانهم ويقينهم بأنه تعالى خير من رحم، وفيه دلالة على أهمية التوسل بأسمائه تعالى المضافة في الدعاء؛ فإن فيها من كمال الأدب، والثناء على اللَّه.
تضمّن هذا الدعاء من الآداب الجمة، حيث ((إنهم جمعوا بين الإيمان المقتضي لأعماله الصالحة، والدعاء لربهم بالمغفرة والرحمة، والتوسّل إليه بربوبيته، ومنّته عليهم بالإيمان، والإخبار بسعة رحمته، وعموم إحسانه، وفي ضمنه ما يدل على خضوعهم، وخشوعهم وانكسارهم لربهم، وخوفهم، ورجائهم))
فلمّا قدّموا الصبر مع جميل أفعالهم ودعائهم، كان الجزاء وفقاً لهذا الصبر: ((إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ))
يتضمن الدعاء العديد من الفوائد هي:
التوسّل إلى اللَّه تعالى بالأعمال الصالحة من التوسّلات الجليلة التي يُرجى معها الإجابة والعطاء.
التوسّل بالإيمان هو أعظم التوسلات بالأعمال الصالحة، حيث خصّوا توسّلهم به دون غيره
سؤال المغفرة من أهم المسائل التي ينبغي للداعي أن يحرص عليها، كما في أكثر الدعوات في الكتاب والسنة؛ لأن في حصول المغفرة السلامة من العذاب، وكلِّ المكروهات.
سؤال المغفرة مقدّم على سؤال الرحمة.
ينبغي للداعي أن يختار في دعائه أجمل الألفاظ، وأنبل المعاني.
بيان خطورة الاستهزاء بالمؤمنين، وأن مصير ذلك النار، والعياذ باللَّه.
المصادر:
أضواء البيان
تفسير ابن سعدي
اترك تعليق