جمعها وصنفها / محمد سعيد
نواصل في الحلقة السابعة من سلسلة الدعاء في القرآن الكريم استعراض ايات الدعاء التي وردت في سورة آل عمران
((رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) آية 16 آل عمران
دعاء مبارك يردده دائما أهل العلم والإيمان، سطّره لنا ربنا في كتابه دعواتٍ تُتلى إلى يوم القيامة، بما يمثل دلالة قوية على أهمية وفضل هذا الدعاء
وتضمن هذا الدعاء التوفيق إلى الأعمال، والأقوال، والأخلاق التي تقي عذاب النار، والفوز بدار القرار.
فبعد أن ذكر اللَّه حُبَّ الناس الشهوات من النساء والبنين وغيرها من ملذات الدنيا، وإيثار بعضهم لهذه الدار على الآخرة، أعقب بذكر الدار الحقيقية التي لا يفنى نعيمها ولا ينفد، التي أعدها لأصحاب النفوس الزكيَّة، الذي كان من جليل أعمالهم وأقوالهم ((يقولون ربنا إننا آمنا)) والذي جاء بصيغة المضارع ليدلّ على الاستمرارية والتجدد في سؤالهم، وتضرّعهم بهذه الدعوات.
توسّلوا إلى اللَّه تعالى بربوبيته التي من مقتضاها الإجابة والعناية، وذلك أن ربوبية اللَّه تبارك وتعالى ربوبيتان: عامة: لجميع الخلائق بالرزق، والتدبير والإصلاح، وخاصة: لأوليائه التي تقتضي الحفظ، والعناية، والإجابة، وإصلاح أحوالهم وشؤونهم في دينهم ودنياهم، فهم توسّلوا بهذه الربوبية العليّة التي من مقتضاها إجابة دعائهم.
أكدوا إيمانهم بـ((إنَّ)) المؤكدة، دلالة على قوة إيمانهم، وصفاء توحيدهم من كل أدران الشرك والشك، أي آمنّا بك وبكتابك وبرسولك، وبكل ما جاء منك، قدموا توسلهم بإيمانهم باللَّه قبل سؤالهم؛ لأنه من أعظم الوسائل التي يحبها اللَّه ، أن يتوسّل العبد إلى ربّه تعالى بما منَّ عليه من الإيمان، والأعمال الصالحة، إلى تكميل نعم اللَّه تعالى عليه، بحصول الثواب الكامل، واندفاع العقاب.
وقوله: ((فاغفر لنا)) ((الفاء هنا للسببية، أي بسبب إيماننا فاغفر لنا؛ لأن الإيمان لا شك أنه وسيلة للمغفرة، وكلما قوي الإيمان قويت أسباب المغفرة، وهي ستر الذنوب عن الناس، والعفو عن عقوبتها
وقوله: ((ذنوبنا)): المراد كل الذنوب من الصغائر والكبائر.
وقوله: ((وقنا عذاب النار)): أي اجعل بيننا وبين النار وقاية تجنبنا هذا الشر الأليم.
وجاء في العديد من المراجع الإسلامية والتفاسير منها تفسير ابن سعدي و تفسير آل عمران للعلامة ابن عثيمين أن هذه الصيغة الدعوية تحتوي العديد من الفوائد هي:
من صفات المؤمنين إعلانهم الإيمان باللَّه تبارك وتعالى.
من صفات المتقين عدم الإعجاب بالنفس، وأنّهم مقصرون لطلبهم المغفرة من اللَّه تعالى.
جواز التوسل بالإيمان
أهمية التوسل بالعمل الصالح في الدعاء، وأنّ من أعظم أنواعه على الإطلاق التوسل بإيمان العبد بربه تعالى .
ينبغي للداعي أن يحرص في أدعيته على سؤال المغفرة، والوقاية من النار، فمن تحصَّل بهذين المطلوبين فاز في الدنيا والآخرة.
أهمية البسط في الدعاء، فإنّ ((سؤال المغفرة يغني عن سؤال الوقاية من النار، إلا أنه في باب الدعاء ينبغي البسط لأربعة أسباب:
الأول: أن يستحضر الإنسان جميع ما يدعو به بأنواعه.
الثاني: أنّ الدعاء مخاطبة للَّه ، وكلّما تبسّط الإنسان مع اللَّه في المخاطبة كان ذلك أشوق، وأحبّ إليه مما لودعا على سبيل الاختصار.
أنه كلما ازداد دعاء ازداد قربة إلى اللَّه
أنه كلما ازداد دعاء كان فيه إظهار لافتقار الإنسان إلى ربه
أنه كلما أكثر العبد في التوسل كان أرجى في قبول دعوته، فقد توسلوا بوسيلتين:
بأسمائه تعالى الحسنى ﴿رَبَّنَا﴾.
بالعمل الصالح ﴿إِنَّنَا آمَنَّا﴾ .
اترك تعليق