جمعها وصنفها / محمد سعيد
((الجمهورية اونلاين)) تقدم لك عزيزي القارئ في الحلقة الخامسة من هذه السلسلة صيغة دعاء خواتيم سورة البقرة مع تقديم تفسيرات مبسطة لهذا الدعاء العظيم.
((سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) آية 285 البقرة
((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) آية 286 البقرة
جاءت في فضل هاتين الآيتين عدة أحاديث عن النبي صل الله عليه وسلم فقال: ((مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)) .. ((البخاري ومسلم))
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام ((أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ بَيْتِ كَنْزٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْــلي)) .. ((رواه الإمام أحمد في المسند والحاكم في المستدرك))
وجاء كذلك: ((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: ((هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ إِلا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بنورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلا أُعْطِيتَهُ)) .. ((رواه مسلم))
تضمنت هذه الآيات الكثير من المعاني الجليلة، والمقاصد العظيمة، والدلالات الواسعة، ففي صدرها أخبر ربنا أن رسول اللَّه ومن معه من المؤمنين قد أقروا بأصول الإيمان باللَّه، والاستسلام الكامل له تبارك وتعالى ظاهراً وباطناً، وأنهم قد جمعوا بين كمال الإيمان، وشمول الإسلام.
((وَقَالُوْا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)) أي سمعنا قولك، وفهمنا ما جاءنا من الحق، وتيقنّا بصحته، وأطعنا بامتثال أوامرك، واجتنبنا نواهيك، وقدموا السمع والطاعة على المغفرة؛ لأن تقدم الوسيلة على المسئول أدعى إلى الإجابة والقبول
((غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) طلبهم المغفرة لأنهم علموا أنهم لابد وأن يقع منهم التقصير والنقصان بطبيعتهم البشرية، ولا يخفى في هذه الدعوات جميل الأدب، وحسن الاختيار، وجميل الثناء والطلب، ولما كمل من ذلك الأدب الجليل المعبر عن كمال الخضوع والتعظيم، شرعوا في أنواع المطالب والسؤال ليحظوا بالقبول والرضى عند بارئهم تبارك وتعالى.
((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)) .. يا ربنا لا تؤاخذنا إن تركنا فرضاً على جهة النسيان، أو فعلنا الحرام كذلك جهلاً منّا بوجهه الشرعي. وقد جاء الخبر عن النبي أن اللَّه تبارك وتعالى قال: (نعم) وفي لفظ قال: ((قد فعلت)) .. ((رواه مسلم))
((رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا)) أي لا تكلّفنا من الأعمال الشاقّة وإن أطقناها، كما شرعته للأمم الماضية قبلنا من الأغلال والأعباء الشديدة التي كانت عليهم .. ((رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ)) .. أي لا تحمّلنا من التكليف والمصائب والبلاء ما لا نقدر عليه.
((وَاعْفُ عَنَّا)) .. أي اصفح عنّا فيما بيننا وبينك من تقصيرنا، وزللنا ((وَاغْفِرْ لَنَا)) .. أي فيما بيننا وبين عبادك، فلا تُظهِر على مساوينا، وأعمالنا القبيحة .. ((وَارْحَمْنَآ)) فيما يُستقبل فلا توقعنا بتوفيقك إلى ذنب آخر.
((فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) .. أي يا ربنا انصرنا على الذين جحدوا دينك، وأنكروا وحدانيتك، ورسالة نبيّك، وعبدوا غيرك، واجعل لنا العاقبة عليهم في الدنيا والآخرة، كما جاء في دعاء النبي عليه الصلاة والسلام ((اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ))
رواه النسائي في السنن الكبرى وأحمد، والبخاري في الأدب المفرد، والحاكم، وصحيح ابن خزيمة، والطبراني في الكبير، ومسند البزار، وصححه الألباني.
تضمنت هذه الآيات الكثير من الفوائد والمنافع:
كما جاء في تفسير سورة البقرة للعلامة ابن عثيمين والمواهب الربانية للعلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي
اترك تعليق