هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

استراتيجية 2035.. أمن مستدام وريادة إقليمية في التحول الأخضر

مصر.. القلب النابض للطاقة النظيفة في الشرق الأوسط وأوروبا

الخبراء:
الطاقة أداة استراتيجية للسياسة الخارجية المصرية
الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني..
لحماية منظومة الكهرباء

مراقبة لحظية وإنذار مبكر للهجمات الإلكترونية
انطلاقة مصرية قوية علي طريق الطاقة المتجددة..
بنبان والزعفرانة.. نموذجاً 

تحويل الفائض إلى قوة اقتصادية تخلق فرص عمل
وتقلل الاعتماد على الاستيراد المستورد

في الوقت الذي اختلطت فيه التكنولوجيا مع الطاقة. ومفاهيم الأمن القومي والسيادة الرقمية والاستدامة البيئية، تظهر مصر كنموذج متكامل لبلدي أعاد صياغة معادلة القوة من خلال منظومة طاقة ذكية وآمنة ومستدامة.


فبينما تمضي الدولة بثبات نحو تنفيذ استراتيجية مصر 2035 للطاقة. التي تستهدف أمنًا مستدامًا وريادةً إقليمية في التحول الأخضر. تتوازي الجهود بين مشروعات الطاقة المتجددة. والربط الكهربائي. والأمن السيبراني. لتصبح مصر مركزًا إقليميًا للطاقة. وعاصمة جديدة للقرار المتعلق بالطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

خاصة وان التحول الجاري ليس اقتصاديًا فحسب. بل تحول استراتيجي شامل. حيث أصبح الأمن السيبراني للطاقة درعًا استراتيجيًا لحماية منظومة الكهرباء المصرية. يضمن استقرار الشبكات الوطنية في مواجهة أي تهديد رقمي محتمل.

وفي قلب هذا الدرع. تتكامل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في خدمة الطاقة لتوفير مراقبة لحظية للشبكات. وإنذار مبكر للهجمات الإلكترونية. وتحليل استباقي للأعطال المحتملة. بما يجعل الأمن الرقمي جزءًا أصيلًا من الأمن القومي.

وفي الوقت ذاته. تتصدر مصر مشهد الطاقة المتجددة عالميًا. من خلال مشروعات عملاقة مثل بنبان للطاقة الشمسية والزعفرانة لطاقة الرياح. اللذين أصبحا رمزًا لـ التحول الأخضر وجسرًا نحو المستقبل المستدام.

كما يشهد القطاع طفرة في الجيل الخامس من مشروعات الطاقة عبر نظم تخزين البطاريات (BESS) التي ترفع كفاءة الشبكة القومية وتضمن استمرارية الإمدادات دون هدر أو انقطاع.

ولا يتوقف الطموح عند حدود التكنولوجيا. بل يمتد إلي السياسة الخارجية المصرية التي باتت توظف الطاقة كأداة استراتيجية لتعزيز النفوذ. إذ تمثل مشروعات الربط الكهربائي المصري-السعودي. والربط مع أوروبا وأفريقيا. نموذجًا لـ النفوذ الاقتصادي والسياسي المتبادل. الذي يخلق مصالح مشتركة ويعمّق الاستقرار الإقليمي.

وتعمل مصر في هذا الإطار علي تحويل فائض الطاقة إلي قوة اقتصادية. تُسهم في خلق فرص عمل جديدة. وتقليل الاعتماد علي الغاز المستورد. مع جذب التمويل الدولي والشراكات الإقليمية وفق نموذج مبتكر يدعم التنمية المستدامة ويضمن استقلال القرار الوطني.

إنّ الاستدامة والطاقة المتجددة باتتا اليوم جزءًا من منظومة تعزيز الأمن الإقليمي وحماية السيادة. لتصبح البنية التحتية للطاقة في مصر أحد أعمدة الاستقرار الداخلي. وركيزة لصياغة دوري إقليمي فاعل ومتوازن.

وبينما تتحول القاهرة إلي قلبي نابض للطاقة في الشرق الأوسط وأوروبا. فإن التجربة المصرية تبرهن علي أن القوة الحقيقية في القرن الحادي والعشرين لا تُقاس بالعتاد فقط. بل بقدرة الدول علي إدارة طاقتها وتأمينها واستثمارها بذكاء واستدامة.

د.عمرو حسن فتوح:
منظومة حماية متكاملة ترتكز
على أنظمة التحكم الذكى فى الشبكات 

قال الأستاذ الدكتور عمرو حسن فتوح أستاذ تكنولوجيا المعلومات بجامعة الوادي الجديد: تُدرك مصر أن الأمن السيبراني للطاقة لم يعد مسألة تقنية فحسب. بل أصبح ركيزة استراتيجية من ركائز الأمن القومي. وانطلاقًا من هذا الوعي. تعمل الدولة علي بناء منظومة حماية متكاملة ترتكز علي أنظمة التحكم الذكي في الشبكات. والعزل الرقمي بين مراكز التحكم. وآليات الإنذار المبكر للهجمات الإلكترونية.

وتعتمد وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة. بالتعاون مع المركز القومي للتحكم في الطاقة. منظومة مراقبة لحظية متطورة تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف أي سلوك غير طبيعي في تدفق البيانات أو أي تغيّر مفاجئ في الأحمال. مما يمكّن من رصد محاولات الاختراق واحتوائها فورًا قبل أن تتسع آثارها أو تؤثر في استقرار الشبكة.

كما تُجري مصر تدريبات محاكاة دورية للهجمات السيبرانية علي الشبكات. بالتعاون مع الأجهزة السيادية وشركاء دوليين. بهدف رفع مستوي الجاهزية الفنية والبشرية. وتعزيز القدرة علي الاستجابة السريعة للأزمات الطارئة. وضمان استمرارية الخدمة.

وعلي المدي القريب. تخطط الدولة لتطبيق معايير الأمن السيبراني الأوروبية علي منظومتها القومية للطاقة. بالتوازي مع إنشاء وحدة وطنية دائمة لأمن الطاقة السيبراني. تتولي التنسيق بين قطاعات الكهرباء والاتصالات والدفاع الإلكتروني. بما يضمن حماية البنية التحتية الحيوية. وترسيخ ثقة الشركاء الإقليميين والدوليين في أمان واستقرار الشبكة المصرية.

ويري المهندس سيد طاهر عضو المجلس العربي للطاقة المستدامة أنه في ظلّ التحديات العالمية المتسارعة. لم تقف مصر مكتوفة الأيدي. بل تحرّكت بخطي واثقة لتأمين احتياجاتها من الطاقة. وتعزيز مصادرها التقليدية والمتجددة. سعيًا لتحقيق أمني واستدامةي في قطاع يُعدُّ عصب التنمية.

فعلي مستوي الطاقة التقليدية. أطلقت الدولة مشروعات كبري لتحديث البنية التحتية. من أبرزها المحطات الكهربائية العملاقة التي نفذتها شركة سيمنز الألمانية. والتي أضافت أكثر من أربعة عشر ألف ميجاوات للشبكة القومية. ورفعت تصنيف مصر إلي مركز متقدم عالميًّا من حيث الاحتياطي والقدرة الإنتاجية. حتي أصبحت مصر من الدول القليلة التي تحقق فائضًا في إنتاج الكهرباء.

أما في مجال الطاقة المتجددة. فقد تحوّلت مصر إلي نموذج يُحتذي به. حيث تُعد محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان واحدةً من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم. بطاقة إنتاجية تصل إلي ألف وأربعمائة وخمسة وستين ميجاوات. وتُوفّر ملايين الأطنان من الوقود التقليدي. وتُساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية بدرجة ملموسة.

كما تمضي مصر بخطًي واسعة نحو الاستفادة من طاقة الرياح. من خلال مشروعات كبري في مناطق مثل جبل الزيت والزعفرانة. تُضيف مئات الميجاوات من الكهرباء النظيفة. مع خطط طموحة لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني لتصل إلي 42% بحلول عام 2035.

ولا تقف جهود الدولة عند الإنتاج فقط. بل تشمل أيضًا تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. وتنمية الصناعات المرتبطة بالطاقة النظيفة. ومن أبرز الشواهد علي ذلك استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27. الذي مثّل شهادة دولية علي التزام الدولة بالتحول الأخضر. وسعيها الجاد نحو التوسع في مشروعات الهيدروجين الأخضر وجذب الاستثمارات في هذا المجال الواعد.

إن ما تقوم به الدولة المصرية في ملف الطاقة هو جزء من رؤية شاملة تقوم علي التنمية المستدامة والتوازن البيئي وتحقيق أمن الطاقة. بما يليق بمكانة مصر وتطلعاتها في الجمهورية الجديدة. وبما يضعها في موقع الريادة إقليميًّا ودوليًّا في هذا القطاع الحيوي. مما يؤهلها لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة.

أوضح المهندس إبراهيم محروس خبير الطاقة المتجددة أن الدولة المصرية حرصت علي تهيئة الأطر التنظيمية والتشريعية والمؤسسية الداعمة والمحفزة لتنمية قدرة الطاقة الشمسية ضمن مزيج الطاقة في مصر. مشيرًا إلي استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة. حيث اعتمد المجلس الأعلي للطاقة في أكتوبر 2016 الاستراتيجية المصرية للطاقة حتي عام 2035. والتي تستهدف الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلي 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في عام 2030. علي أن تشكل الطاقة الشمسية من مزيج الطاقة أكثر من 26% موزعة بين 21.3% خلايا شمسية و5.5% مركزات شمسية.

كما تستمر الدولة في تحديث تلك الاستراتيجية حتي عام 2040. علي أن تصل نسبة الطاقة المتجددة من مزيج الطاقة إلي نحو 65% بحلول عام 2040.

ونري الآن جهودًا واعية لتنفيذ محطات الطاقة الشمسية الحالية في مصر مثل محطتي أبيدوس 1 و2 بأسوان. ومحطات الطاقة في نجع حمادي. واستكمال محطات بنبان. وكل ذلك لرفع إسهام مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني إلي 42% بحلول عام 2030.

ويُعد من فخر شباب مصر وصناعة الطاقة تنفيذ مشروعات الجيل الخامس لأنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات (BESS). التي تلعب دورًا حيويًا في تحسين كفاءة واستدامة قطاع الطاقة في مصر.

تُستخدم أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات لتخزين الطاقة الكهربائية في بطاريات ضخمة لاستخدامها لاحقًا. خاصة في أوقات ذروة الاستهلاك أو عند انخفاض إنتاج الطاقة المتجددة.

وفي مصر. هناك اهتمام متزايد بهذه الأنظمة. حيث تعمل علي دعم الشبكة الكهربائية وتحسين استقرارها. خاصة مع التوسع في استخدام الطاقة المتجددة.

فتساعد أنظمة BESS علي موازنة الشبكة الكهربائية وتوفير الطاقة الاحتياطية. مما يقلل من انقطاع التيار الكهربائي ويزيد من موثوقية الإمداد.

تُعتبر أنظمة تخزين البطاريات BESS ضرورية لتكامل مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح. حيث تسمح بتخزين الطاقة المنتجة خلال فترات الذروة واستخدامها لاحقًا عند الحاجة.

وبشكل عام. تلعب أنظمة BESS دورًا محوريًا في تحسين كفاءة واستدامة قطاع الطاقة في مصر. خاصة مع التوجه المتزايد نحو الاعتماد علي مصادر الطاقة المتجددة.

د. إسلام قناوي:
حفر 480 بئرًا بترولية جديدة.. نقلة نوعية في القطاع

يؤكد المحلل الاستراتيجي وخبير القانون دكتور إسلام قناوي أن الخطوات التي اتخذتها مصر لتعزيز إنتاجها من الطاقة تمثل نقلة نوعية في قطاع الكهرباء. تخلق فرص عمل جديدة. وتساهم في تقليل الأسعار. وإنشاء مصانع جديدة. وزيادة قدرة المصانع الحالية. مما سيكون له أكبر أثر في تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف العبء علي المواطنين الأكثر احتياجًا. بالإضافة إلي تعزيز تبادل الخبرات الدولية. مما سينعكس علي جودة الخدمة المقدمة. مشيرًا إلي أن حفر 480 بئرًا بترولية جديدة خلال 5 سنوات سيؤدي حتمًا إلي انخفاض الأسعار.

يوضح أن حق المواطن في الكهرباء يتضمن حصوله علي خدمة آمنة ومستقرة. والحق في الاعتراض وتقديم الشكاوي حال عدم توافر هذا القدر أو فصل الخدمة. كما يحق له الحصول علي تعويض في حال تقصير الشركة في تقديم الخدمة. فالحصول علي خدمة آمنة ومستقرة من أولي حقوق المواطن. ومن حق المواطن العيش والعمل في بيئة آمنة خالية من أضرار الكهرباء. والحصول علي خدمة ذات جودة ومعايير مضمونة. كما أن للمواطن الحق في اختيار القدرة الكهربائية التي يحتاجها. من بين عدة موردين مرخصين حسب أسعار تنافسية وجودة مناسبة. مضيفًا أن هناك أوقاتًا لا يجوز فيها فصل التيار عن المستهلكين. مثل فترة الاختبارات الدراسية أو خلال شهر رمضان.

ولكن كل هذه الحقوق تأتي مع الالتزام من المواطن بسداد الفواتير. واتباع السلوك السليم في الاستهلاك. وعدم سرقة الكهرباء أو استهلاكها بشكل غير قانوني.

د. هيثم عمران :
الربط الكهربائي يجعل مصر مركزاً إقليمياً لتداول الطاقة

قال د. هيثم عمران. مدرس القانون والتنظيم الدولي بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس. إن مشروع الربط الكهربائي يمثل أحد المداخل الأساسية التي تعتمد عليها مصر لتعزيز حضورها الإقليمي في مجال الطاقة. فالدول التي تتحكم في شبكات الكهرباء لا تقدم خدمة فنية فقط. بل تنشئ أنماطًا من الاعتمادية الاستراتيجية التي تتحول بطبيعتها إلي نفوذ سياسي واقتصادي. وفي هذا الإطار. تسعي مصر إلي الانتقال من مجرد دولة منتجة ومصدرة للطاقة إلي مركز إقليمي يمر من خلاله جزء مهم من شبكات النقل والتوزيع في المنطقة.

أضاف أن الربط الكهربائي يخلق شبكة من المصالح المشتركة بين مصر والدول المرتبطة بها. بحيث تصبح الطاقة عامل استقرار في العلاقات الثنائية والإقليمية. فالدول المستفيدة من الكهرباء المصرية تجد نفسها معنية بالحفاظ علي قنوات التعاون واستمرارية التنسيق. وهو ما يضيف لمصر ورقة قوة غير مباشرة يمكن توظيفها في الملفات السياسية والاقتصادية مع هذه الدول. وبقدر ما تزداد درجة الاعتماد علي الشبكة المصرية. يرتفع الوزن التفاوضي للقاهرة في القضايا الإقليمية الحساسة.

أشار د. عمران إلي أن الربط الكهربائي يعزز قدرة مصر علي لعب دور "منظم السوق" في مشروعات الطاقة العابرة للحدود. خصوصًا في ضوء توسع مصر في إنتاج الطاقة من مصادر متعددة. من بينها الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة. هذا الدور لا يمنح مصر ميزة اقتصادية فقط. بل يجعلها طرفًا مؤثرًا في صياغة قواعد التبادل والسياسات الخاصة بسوق الطاقة الإقليمي. سواء في شرق المتوسط أو في دوائر الأطراف الأفريقية والعربية.

أوضح أن مشروع الربط الكهربائي يتقاطع مع توجه عالمي نحو التحول إلي الطاقة النظيفة. وهو ما يمنح مصر فرصة لتقديم نفسها كحلقة وصل بين مناطق الإنتاج ومراكز الطلب. خصوصًا أوروبا التي تبحث عن مصادر طاقة مستقرة ومنخفضة الانبعاثات. وبهذا تصبح مصر جزءًا من معادلة أمن الطاقة الأوروبية. مما يرفع من قيمتها الجيوسياسية.

أوضح أن الربط الكهربائي ليس مجرد مشروع فني أو بنية تحتية. بل هو أداة نفوذ إقليمي طويل الأمد. يتيح لمصر توسيع تأثيرها في محيطها وترسيخ موقعها كدولة محور في معادلات الطاقة والسياسة في المنطقة.

وأشار إلي أن الكهرباء يمكن استخدامها كورقة ضغط سياسي. وذلك لأن أي دولة ترتبط بشبكات طاقة عابرة للحدود تصبح جزءًا من علاقة اعتماد متبادل. فإذا كانت مصر تعتمد علي استيراد جزء من الكهرباء من دولة أخري. فقد تحاول تلك الدولة استخدام الإمدادات كورقة تفاوض في أي ملف سياسي أو اقتصادي. والعكس صحيح أيضًا. وإذا كانت الدول الأخري تعتمد علي مصر في الحصول علي الكهرباء. فإن ذلك يمنح القاهرة مساحة أوسع للمناورة والتفاوض. وأضاف: القوة أو الضعف لا يتحدد فقط بوجود الربط الكهربائي. بل بكيفية إدارة هذا الربط وطبيعة العقود وتوازن الاعتماد بين الطرفين. فإذا كانت مصر دولة منتجة وفائضة في الكهرباء وتملك القدرة علي التصدير والتبديل بين مصادر متعددة. فإن قدرتها علي التعرض للضغط تقل كثيرًا. بينما ترتفع قدرتها علي التأثير.

أكد د. عمران أنه بالنسبة لحماية السيادة. لا يكفي مجرد بناء خطوط الربط. بل يجب وضع إطار قانوني وفني يحصن القرار الوطني من أي ضغوط مستقبلية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنويع الشركاء وعدم الارتباط بمصدر واحد. كلما كانت شبكة الربط متصلة بعدة دول وأسواق مختلفة. تقل قدرة أي طرف بمفرده علي استخدام الكهرباء كورقة ضغط. عن طريق تحديد أولويات الإمداد داخل مصر قبل التصدير. وينبغي أن تنص العقود بوضوح علي أن احتياجات السوق المحلية تأتي في المرتبة الأولي مهما كانت الظروف. عبر تضمين شروط جزائية واضحة عند التوقف غير المبرر. بما يعني أن قطع الكهرباء عن عمد يترتب عليه تعويضات مالية أو فسخ العقد. بما يحمي الجانب المصري. كما يجب الاتفاق علي آليات حل النزاعات بعيدًا عن الأطراف السياسية. مثل اللجوء إلي التحكيم الدولي أو اللجان الفنية المشتركة وليس الحكومات فقط. حتي لا يتحول الملف الفني إلي ورقة تفاوض مباشرة.

وأضاف أن الربط الكهربائي يمكن أن يكون أداة نفوذ أو أداة ضغط حسب طريقة إدارته. ومصر قادرة علي تحويله إلي أداة قوة طالما حافظت علي فائض إنتاج وتنويع الشركاء وعقود تحمي السيادة وأولوية للاحتياجات المحلية. وبهذا تصبح الكهرباء وسيلة لتوسيع الدور الإقليمي المصري لا لتقييده.

أوضح أن منظومة الحماية الناجحة لا تعتمد علي عنصر واحد فقط. بل علي مجموعة من الضمانات القانونية والفنية والسيادية التي تمنع تحويل الطاقة إلي أداة ابتزاز أو ضغط. وأهم ما يميز الربط الكهربائي الناجح هو أنه يقوم علي مبدأ الاعتمادية المتبادلة وليس التبعية أحادية الاتجاه. مما يعني أن كل طرف يحتاج إلي استمرار تدفق الكهرباء بقدر ما يحتاج الطرف الآخر. وهو ما يجعل اللجوء إلي قطع الإمدادات خطوة مكلفة سياسيًا واقتصاديًا.

أشار إلي أن العقود الدولية الموقعة تمثل إطار الحماية الأول. حيث يتم تضمين شروط جزائية واضحة ضد أي قطع غير مبرر للإمدادات. وإلزام الطرف المتسبب بتحمل تعويضات مالية كبيرة. وهو ما يقلل احتمالات استخدام الكهرباء كورقة ضغط. كما تنص هذه العقود عادة علي أن حل النزاعات يتم من خلال لجان فنية أو تحكيم دولي محايد وليس عبر القرارات السياسية أو ردود الفعل المباشرة. مما يساعد علي عزل قطاع الطاقة عن تقلبات العلاقات السياسية.

أضاف أن مصر تعتمد علي بناء فائض إنتاج كهربائي استراتيجي يسمح لها بتغطية احتياجاتها الداخلية حتي في حال توقف أي مصدر خارجي. مع تنويع اتجاهات الربط بحيث لا تكون هناك دولة واحدة يمكن أن تمتلك تأثيرًا حاسمًا علي الشبكة المصرية. وكلما اتسعت شبكة الربط وتعددت خطوط الإمداد. تقل إمكانية أن يتحول طرف واحد إلي مصدر ضغط. وعلي المستوي الأوسع. يرتبط الربط الكهربائي بشبكات مصالح اقتصادية أخري. مثل التعاون في الغاز والموانئ والاستثمارات المشتركة. هذه الشبكات تجعل كلفة الخلاف أعلي بكثير من كلفة الاستمرار في التعاون. وبالتالي تمثل ضمانة سياسية غير مباشرة لكنها فعالة جدًا.

واختتم د. عمران حديثه مؤكدًا أن الضمان الحقيقي ليس فقط في النصوص القانونية. بل في الاعتمادية المتبادلة. وشروط العقود الواضحة. والفائض الاستراتيجي المحلي. وتنويع الشركاء. وعزل الطاقة عن الخلافات السياسية الآنية. بذلك يصبح الربط الكهربائي عنصر استقرار لا عنصر مخاطرة.

د. حسن سلامة:
تحقيق الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة

أوضح د. حسن سلامة. أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية. أن تعزيز المصالح المشتركة بين الدول يجعل مصر مركزًا مهمًا لتوزيع وتوليد الطاقة. خاصةً النظيفة مثل الهيدروجين الأخضر. الذي يُستخدم في مصر أو في دول أخري ويكون صديقًا للبيئة. ويتماشي مع أبعاد التنمية المستدامة. مما يعزز مكانة مصر ويفتح آفاق الاستثمار ويتيح فرصًا كبيرة لتحقيق عوائد تجارية. كما يمكن استخدام الطاقة كأداة للاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد علي أطراف أخري. وهو أمر مهم في المجال السياسي. خاصة في المنطقة العربية.

أضاف أن الخلاف السياسي لا يمنع إتمام المشروعات. وذلك نظرًا لأن مصر أسست بنية تحتية مهمة سواء للغاز الطبيعي أو للكهرباء. كما أن شروط التعاقدات تحمي مصالح شعوب الدول المعنية.

د. علي عبد النبي:
مصر مركز لتصنيع معدات الطاقة المتجددة
والبطاريات والشبكات الذكية

قال د. علي عبد النبي. نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا. إنه علي مدار العقد الماضي. انتقلت مصر من مواجهة نقص في الطاقة الكهربائية محليًا إلي توليد فائض كبير من الكهرباء. وقد مكن هذا من البدء بتصدير فائضها من الكهرباء ودمج شبكتها مع شركائها الإقليميين. وهناك استراتيجية مصرية واضحة. بدايتها التوسع في مصادر الطاقة المتجددة. مصر تهدف إلي زيادة الطاقة المتجددة إلي أكثر من 42% من إجمالي مزيج الكهرباء بحلول عام 2030. مع التركيز بشكل أساسي علي الطاقة الشمسية والطاقة النووية. فقد زادت مصر بشكل كبير قدرتها علي إنتاج الطاقة المتجددة. خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وشمل هذا مشاريع مجمع بنبان للطاقة الشمسية الضخم. وهو أحد أكبر المجمعات في العالم. ومزارع رياح ضخمة علي طول خليج السويس.

أضاف أن أهمية الربط الكهربائي تأتي من إنشاء بنية تحتية كهربائية واسعة النطاق من خلال بناء وتعزيز شبكات الكهرباء عبر الحدود مع الدول المجاورة مثل المملكة العربية السعودية "بقدرة 3,000 ميجاوات". والسودان وليبيا والأردن. والربط الكهربائي بين مصر والاتحاد الأوروبي "بقدرة 2,000 ميجاوات" عبر قبرص واليونان وإيطاليا. ويربط مصر مباشرة بأوروبا. لذلك. فالهدف النهائي هو تحويل مصر إلي مركز محوري لنقل وتبادل الطاقة بين أفريقيا وآسيا وأوروبا. هذا الهدف تدعمه عوامل سياسية واقتصادية. فهناك دعم سياسي قوي من أعلي مستويات الحكومة. ويعكس الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي لمصر. كما تدعم مصر مشاركة القطاع الخاص. حيث تشجع الحكومة استثمارات القطاع الخاص في مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق. مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. كما تهدف مصر إلي أن تصبح مركزًا لتصنيع معدات الطاقة المتجددة والبطاريات والشبكات الذكية.

أشار إلي أن جهود الاستدامة تتضمن استراتيجية الطاقة طويلة المدي لمصر. مع خطط لخفض انبعاثات الكربون وتعزيز التنمية المستدامة. إلي جانب طموحاتها لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة. وذلك من خلال وضع مصر نفسها كشريك لا غني عنه في مجال الطاقة وطريق عبور لأوروبا. مما يمكنها من زيادة نفوذها في الشؤون الإقليمية والدولية.

أشار إلي أن الشفافية في الدراسات البيئية والاجتماعية لمشاريع البنية التحتية للطاقة في مصر محدودة. لا سيما فيما يتعلق بوصول الجمهور إلي المعلومات وإجراء مشاورات عامة هادفة. ورغم وجود إطار قانوني لتقييمات الأثر البيئي. إلا أن تنفيذه يواجه تحديات كبيرة. فبينما تتجه مشاريع الطاقة في مصر نحو مستقبل أنظف. إلا أن شفافية دراسات الأثر البيئي والاجتماعي لا توثق بانتظام في جميع المشاريع. حيث تتفاوت الشفافية وتواجه تحديات.

د.حمادة صلاح:
نمتلك بنية تحتية تسمح بالتوسع
فى الاستثمار والإنتاج والتصدير

يؤكد دكتور حمادة صلاح. مدرس الاقتصاد بجامعة السويس. أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولات جوهرية في قطاع الطاقة. جعلتها تتبوأ مكانة متميزة كمركز إقليمي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويستند هذا التحول إلي مجموعة من المؤشرات الكمية والهيكلية التي تعكس مدي التقدم في مجالات الاستثمار والإنتاج والتصدير والبنية التحتية. مدعومة بالموقع الجغرافي الفريد الذي يمنح مصر ميزة نسبية في أسواق الطاقة الإقليمية والدولية.

يضيف أن البيانات الرسمية تُظهر أن حجم الاستثمارات المحلية في قطاع الطاقة في مصر شهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. إذ بلغت الاستثمارات الموجهة لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة نحو 136.3 مليار جنيه مصري في موازنة العام المالي 2025/2026. مقارنة بنحو 72.6 مليار جنيه في العام السابق. بما يعكس زيادة جوهرية في الإنفاق الرأسمالي علي البنية التحتية للطاقة. كما بلغ حجم الاستثمارات في قطاع البترول والثروة المعدنية نحو 99.6 مليار جنيه مصري. إلي جانب خطة استكشافية بقيمة 5.7 مليار دولار لحفر نحو 480 بئرًا جديدة في مجالات النفط والغاز. وتكشف هذه الأرقام عن تبني الدولة سياسة توسعية تستهدف تعزيز القدرات الإنتاجية وضمان أمن الطاقة علي المدي الطويل.

أما فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر. فقد تمكنت مصر من جذب تدفقات رأسمالية مهمة إلي قطاع الطاقة. حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو 46.1 مليار دولار في العام المالي 2025/2024. منها ما يقرب من 5.7 مليار دولار موجهة لقطاعي النفط والغاز الطبيعي. بالإضافة إلي نحو 3.5 مليار دولار لمشروعات الطاقة المتجددة. وتعكس هذه الأرقام الثقة الدولية المتزايدة في البيئة الاستثمارية المصرية. وفي قدرة الدولة علي تحقيق عائدات مجزية ومستدامة في هذا القطاع الحيوي.

من ناحية الإنتاج. بلغ إجمالي استهلاك مصر من الطاقة نحو 98 مليون طن معادل نفط في عام 2024. فيما بلغ استهلاك الكهرباء حوالي 162 مليار كيلووات/ساعة في عام 2025. وهو ما يشير إلي زيادة متصاعدة في الطلب المحلي علي الطاقة تواكبها زيادة في القدرات الإنتاجية والتوزيعية. وعلي الرغم من ارتفاع الاستهلاك المحلي. فقد استطاعت مصر تعزيز صادراتها من الطاقة. إذ بلغت صادرات الغاز الطبيعي المسال نحو 173 مليار قدم مكعب في عام 2023. بينما قُدرت قيمة الصادرات الإجمالية من البترول والغاز والكهرباء بنحو 5.5 مليار دولار في عام 2024. وهو ما يعكس التحول التدريجي لمصر من دولة مستوردة للطاقة إلي دولة مصدّرة ذات تأثير إقليمي.

كما لعبت سياسة الدعم الحكومي دورًا محوريًا في استقرار القطاع. إذ خُصص نحو 75 مليار جنيه مصري لدعم الكهرباء في موازنة 2025/2026. بينما بلغ إجمالي دعم الطاقة نحو 154.5 مليار جنيه مصري في العام المالي 2024/2025. ويُعد هذا الدعم جزءًا من استراتيجية الدولة لتخفيف الأعباء علي المستهلكين وضمان استدامة النمو الصناعي والخدمي. إلي جانب تحفيز الاستثمار في مشروعات البنية التحتية للطاقة.

يوضح أن في هذا السياق. تم تنفيذ مجموعة من المشروعات الاستراتيجية التي عززت من مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة. من أبرزها مجمع بنبان للطاقة الشمسية في محافظة أسوان. الذي يُعد أحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم بقدرة إنتاجية تصل إلي 1.65 جيجاوات وتكلفة إجمالية تُقدر بنحو 4 مليارات دولار. كما تُعد محطة كهرباء البرلس في محافظة كفر الشيخ - بقدرة 4.8 جيجاوات - من أكبر محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي في إفريقيا. وتُسهم في تعزيز استقرار الشبكة القومية. إضافة إلي ذلك. يُمثل مجمع دمياط لتسييل الغاز الطبيعي (SEGAS LNG) أحد أهم محاور تصدير الغاز المصري إلي الأسواق الأوروبية. إذ يتيح تحويل الغاز إلي الصورة المسالة القابلة للتصدير. ما يمنح مصر مرونة في التعامل مع الأسواق العالمية.

كما أولت مصر اهتمامًا خاصًا بمشروعات الربط الكهربائي الإقليمي. ومنها مشروع الربط الكهربائي بين مصر والمملكة العربية السعودية. ومشروع الربط الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان (EuroAfrica Interconnector). واللذان يسهمان في تعزيز أمن الطاقة الإقليمي وتكامل الشبكات بين القارات الثلاث. وتُضاف إلي ذلك مشروعات النقل الاستراتيجي مثل خط أنابيب سوميد (SUMED Pipeline) الذي يربط بين خليج السويس والبحر المتوسط. ويُعد أحد أهم مسارات عبور النفط في المنطقة.

يشير إلي أن الموقع الجغرافي لمصر في ملتقي القارات الثلاث "إفريقيا وآسيا وأوروبا". وعلي البحرين الأحمر والمتوسط. يمنحها ميزة تنافسية فريدة في تجارة الطاقة العالمية. ويجعلها نقطة عبور استراتيجية لموارد الطاقة المنتجة في الشرق الأوسط والمتجهة إلي أوروبا.

د. محيي عبد السلام:
استثمارات الكهرباء تتراوح بين 8 و10 مليارات دولار سنويًا

قال د. محيي عبد السلام. الخبير الاقتصادي. إن مصر في الفترة الحالية تحاول أن تُحدث تحولًا جذريًا في المركز الإقليمي للطاقة. أمنيًا وصناعيًا وسياحيًا. رغم الظروف الجيوسياسية المحيطة بمصر. ويعد مشروع الكهرباء والربط الكهربائي مع دول الخليج وأوروبا مصر تدخل فيه ضمن دراسات عميقة ومتعمقة. حتي تصبح مصر فعليًا. من خلال هذا الملف. مصدرًا إقليميًا للطاقة. سواء كانت هذه المنطقة هي دول الخليج. أو دول أفريقيا أو الخليج.

أوضح د. محيي: أن حجم الاستثمارات سواء كانت في الخليج أو دول أوروبا سيكون "ضخمًا". حجم الاستثمارات الأوروبية في اجتماعات قبرص واليونان من خلال مشروع السويد بور لينك ينتج طاقة تقدر بـ 3,000 ميجاوات. أي بحجم تكلفة 3 مليار دولار تقريبًا. تبلغ حجم الاستثمارات في أوروبا من 4 إلي 5 مليار دولار سنويًا. ويبلغ إجمالي استثمارات مصر في الكهرباء في الخارج في الفترة القادمة متوسط 8 إلي 10 مليار دولار.

اضاف انه من المتوقع خلال الفترة المقبلة. من خلال مشاريع الربط الكهربائي. تحقيق إجمالي من 4-5 مليار دولار. والتوسع لكي نصل إلي أوروبا. ولكي يتم التوسع في أوروبا. لابد من أن يتم الربط مع دولة ليبيا بحوالي مليار دولار بحلول عام 2030.

وفيما يخص استثمارات الربط مع السعودية والخليج. أوضح د. محي: إن حجم الاستثمارات للربط مع دول السعودية والأردن من المتوقع أن يصل إلي الربط الكهربائي بقدرات من 3,000 ميجاوات. باستثمارات تصل إلي 1.8 مليار دولار. فضلًا عن الربط مع دولة الأردن بألفين ميجاوات. بحلول نهاية 2026 ـ 2027. باستثمارات قدرها حوالي 700 مليون دولار. ومن المتوقع أن يتم الاستثمار في مجال الكهرباء في الخليج والأردن والعراق استثمارات من 3 إلي 4 مليار دولار خلال السنوات القادمة. حتي عام 2030.

فيما يخص التمويل لإتمام مشروعات الربط:قال بالنسبة لدولة السعودية. من المتوقع أن نقوم بضخ القيمة الاستثمارية في مشروع الربط. وهي حوالي من 400 ـ 500 مليون دولار. وتمول مصر الباقي من القيمة الخاصة بالمشروع. حيث إنه من المتوقع أن تضخ مصر مليار وربع دولار. كما أن الاستثمارات قد تتم من خلال البنك الدولي وصناديق الاستثمار للدول.

قال ان المشروع سوف يوفر حوالي 50 ألف فرصة عمل للشباب. وسيقلل الاعتماد علي الغاز المستورد. مما ينعكس علي الملف الاقتصادي ويوفر حوالي من 5-7 مليار دولار سنويًا.

وحول التمويل لمثل هذه المشروعات. قال: يعد هذا التمويل تمويلاً مشتركًا بين مصر وشركائها. سواء كان التمويل قطاعًا حكوميًا أم كان تمويلاً من القطاع الخاص داخل مصر. ومن داخل مصر هناك دعم من البنك الدولي. الاتحاد الأوروبي. والبنوك الإقليمية مثل بنك التنمية العربي. حيث إنه من المتوقع أن تغطي من 30-40% من هذه التمويلات الشركة القابضة للصناعات الكهربائية. وباقي المبالغ سيتم تمويلها إما بقروض تجارية أو بدعم دولي من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي. وسيكون هناك ضمانات تصدير سواء كانت لألمانيا أو إيطاليا.

وحول انعكاس عوائد التصدير علي الاقتصاد المصري وعلي احتياطي العملات الأجنبية: قال د. محيي عبد السلام: من المتوقع أن يزيد العائد الاقتصادي جراء مشروع الربط من 1-2% من الناتج المحلي من خلال الفائض أو تصدير الفائض من التصدير الكهربائي. كما أن مصر لديها فائض قدره 18 ألف ميجاوات. وسوف ينعكس ذلك إيجابًا علي ملف البطالة. حيث سيوفر المشروع حوالي 50 ألف فرصة عمل للشباب. وسيقلل الاعتماد علي الغاز المستورد. مما ينعكس علي الملف الاقتصادي ويوفر حوالي من 5-7 مليار دولار سنويًا.

وحول الاحتياطي النقدي والعملات. من المتوقع أن يزيد الاحتياطي النقدي للدولار لمثل هذه المشروعات علي المدي القصير. بمتوسط حوالي 2 مليار دولار. كما أن مصر لديها مستحقات متأخرة مع الأردن وليبيا والسودان بحوالي 320 مليون دولار. كما أن عملية تصدير الكهرباء للخارج ستحقق نموًا بمتوسط 5 أضعاف بحلول 2030» وهذا سيساعد مصر علي التحلل من الديون الدولارية ويزيد من عائد السياحة وعائد التحويلات.

وعن آليات تضمن ألا يتحمل المواطن أعباء تمويل المشاريع عبر ارتفاع الأسعار: أوضح د. محيي عبد السلام: إن الدولة تضع بعين الاعتبار ظروف المواطن المصري الصعبة. وتحاول ألا تتخذ قرارات قد تزيد من العبء المالي والاقتصادي علي المواطن قدر الإمكان. وخاصة في هذا النوع من المشروعات. وأضاف أن هذه المشروعات تحقق ربحًا اقتصاديًا عاليًا. ولذلك هناك آليات متعددة للحماية من التمويل المباشر من القروض الدولية. مثل قروض الاتحاد الأوروبي المدعمة خالية الفائدة. والتي تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بضمانات التصدير. وليس بزيادة فواتير المواطنين. كما سيُستخدم عائد التصدير لسداد الديون. ولن يُضاف ضمن الموازنة العامة.

كما أن الدولة قد أجلت رفع الدعم عن الكهرباء في الشريحة 1. والشريحة 2. وتحاول بقدر الإمكان أن تتخذ نظامًا يسمح بقياس صافي الإنتاج للمنتجين. والذي يسمح للمستثمرين والشركات بإنتاج طاقة متجددة. ومقاسة الفواتير دون زيادة علي المواطنين والبسطاء في الطبقات الاجتماعية البسيطة. الشرائح 1 و2.

وحول الجدول الزمني المتوقع لجني أول عائد مالي ملموس من مشاريع الربط الكهربائي: أوضح د. محيي عبد السلام: إن هذا المشروع ضخم وعملاق. وعملية جني الأرباح منه تتم علي ثلاث مراحل:

المرحلة الأولي "قصيرة المدي": من نهاية هذا العام وعام 2026.
المرحلة الثانية "متوسطة المدي": من 2027-2030.
المرحلة الثالثة "طويلة المدي": من 2030-2035.

أوضح د. محيي عبد السلام: فيما يتعلق بالجدولة الزمنية لمشاريع ربط الكهرباء في دول الخليج. نجد أنه يقترب من الانتهاء بنسبة 60%. ومن المتوقع أن يتم التشغيل بنسبة 100% في شهر يناير 2026.

كما أنه من المتوقع أن يكون العائد علي الاستثمار من 18-20% من قيمة الاستثمار. وسيكون معدل استرداد رأس المال خلال ثمان سنوات.

أضاف : إن مشروع الربط الكهربائي مع الأردن والسودان يعود بعوائد فورية من التصدير تقدر بنصف مليار دولار حتي نهاية 2025. وهناك عوائد خلال الشهور الأولي من عام 2026 وطوال العام من خلال مشاريع الخليج والأردن والسودان.

وحول العوائد المتوقعة خلال المدي المتوسط إلي 2030: أوضح محيي: إن العوائد في المدي المتوسط ستتم من خلال التعاون مع مشروع الربط الأوروبي قبرص واليونان. مرورًا بدولة ليبيا. ومن المتوقع بدء التشغيل في 2027 بعوائد ملموسة تقدر تقريبًا بـ 1.5 مليار دولار من تصدير طاقة متجددة.

وفيما يتعلق بالعوائد المتوقعة خلال المدي الطويل 2035: ذكر محيي: إنه من المتوقع في هذه المدة أن يكتمل المشروع بنسبة تصل إلي 100% للإتحاد الأوروبي ودول الخليج والعراق والأردن. مرورًا بليبيا والجزائر وتونس والمغرب. ودول أفريقيا من السودان. كما أن مشروع الربط متوقع أن يحصد عائدًا سنويًا من 2 إلي 3 مليار دولار. مع نمو 5 مليار دولار خلال عام 2030?2031.

ما يسهم في تخفيف قروض البنوك. والأقساط الدولية. وبالتالي تسدد القروض خارج الموازنة العامة للدولة. وبالتالي تخفيف الأعباء علي المواطن. وتوفير فرص عمل لا تقل عن 50 إلي 70 ألف فرصة عمل. وزيادة في معدل الناتج المحلي من 1-2% سنويًا. هذه تعد عوامل مباشرة لجني أرباح مباشرة اجتماعية ومادية لتخفيف الضغط علي المواطن. ولتقوية الاقتصاد المصري. ولتكون مصر المحور الاقتصادي والسياسي الأهم في المنطقة.

د. زياد خليفة:
الربط الكهربائي المصري-السعودي..
حجر أساس للتكامل العربي 

قال الأستاذ الدكتور زياد خليفة. أستاذ الهندسة البيئية والطاقة الخضراء - الجامعة البريطانية في مصر. والخبير الدولي في الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة: يشكّل مشروع الربط الكهربائي بين مصر والمملكة العربية السعودية نموذجًا متكاملًا للهندسة السياسية والاقتصادية في آن واحد. حيث يجسد رؤية مصر في التحول من دولة مستهلكة للطاقة إلي مركز إقليمي للتبادل الكهربائي والطاقة النظيفة. تبلغ استثمارات المشروع نحو 1.8 مليار دولار. بقدرة تبادلية تصل إلي 3,000 ميجاوات عبر خطوط تمتد لأكثر من 1,350 كيلومترًا. بما يسمح بتبادل الكهرباء بين البلدين لتغطية فترات الذروة وتحقيق وفورات تقدر بـ 600 مليون دولار سنويًا من استهلاك الوقود الأحفوري.

أوضح د. زياد: إن الأهمية الحقيقية للمشروع تتجاوز حدود الكهرباء.. فهو منصة استراتيجية للأمن القومي. إذ يعزز الاستقرار الاقتصادي والتكامل العربي ويؤسس لشبكة كهرباء إقليمية موحدة تمتد نحو الخليج شرقًا. والبحر المتوسط وأوروبا شمالًا. هذا البعد الإقليمي دعم الموقف التفاوضي لمصر في القمة الاقتصادية المصرية-الأوروبية التي عُقدت في بروكسل الأسبوع الماضي. والتي شهدت توقيع اتفاقيات جديدة بقيمة 4 مليارات يورو لتمويل مشاريع الربط الكهربائي والطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر. ضمن تنفيذ الشراكة الاقتصادية الكبري الموقعة في مارس 2024 بقيمة 74 مليار يورو.

أشار إلي أبعاد المشروع اقتصاديًا قائلاً: تُقدّر الوكالة الدولية للطاقة أن الربط المصري-السعودي وما يتبعه من الربط الأوروبي يمكن أن يحقق لمصر عوائد سنوية تتراوح بين 5 و7 مليارات يورو بحلول عام 2030. ويجذب استثمارات مباشرة في مشروعات الطاقة الخضراء تتجاوز 40 مليار يورو. إلي جانب خلق آلاف فرص العمل ونقل التكنولوجيا المتقدمة إلي السوق المصرية.

وفي البعد السياسي والأمني. أوضح زياد: يمنح المشروع مصر موقع القيادة في منظومة الطاقة الإقليمية. ويعزز نفوذها الجيوسياسي في شرق المتوسط. ويدعم الأمن الطاقي العربي والأوروبي علي حد سواء. خاصة في ظل الاضطرابات العالمية بسوق الطاقة. كما يُمكّن مصر من توجيه العوائد نحو تعزيز الأمن المائي والغذائي عبر تمويل مشروعات التحلية والزراعة المستدامة. في إطار الأمن القومي الشامل الذي يربط الطاقة بالتنمية والبيئة.

واشار الي إن الربط الكهربائي المصري.. السعودي ليس مجرد مشروع هندسي. بل هو استثمار استراتيجي في مستقبل الدولة المصرية. يجمع بين الاقتصاد والسياسة والطاقة والأمن القومي في معادلة واحدة. تُرسّخ مكانة مصر كقلب إقليمي نابض للطاقة. وركيزة استقرار وتنمية في الشرق الأوسط والبحر المتوسط.

د.شريف الطحان:
التحول من الفائض إلي العائد الاقتصادي
يتطلب استثمارات ضخمة

قال د. شريف الطحان. الخبير الاقتصادي ورئيس الاتحاد الدولي للتنمية المستدامة: تسعي مصر بخطي متسارعة لتتحول من دولة منتجة للطاقة إلي مركز إقليمي لتداولها وتصديرها. مستفيدة من موقعها الجغرافي بين ثلاث قارات. ومن فائض إنتاج الكهرباء الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة. إلا أن التحول من الفائض إلي العائد الاقتصادي يتطلب استثمارات ضخمة. وتمويلًا مدروسًا. وخطة تضمن نجاح هذا النجاح.

تقدر الاستثمارات المطلوبة لمشروعات الربط الكهربائي مع دول الخليج وأوروبا بعدة مليارات من الدولارات. تشمل إنشاء خطوط نقل عالية الجهد وكابلات بحرية ومحطات تحويل. وتشارك في التمويل مؤسسات دولية كالبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي. إلي جانب شراكات بين القطاعين العام والخاص. وتمويلات خليجية في إطار التعاون العربي المشترك. إن الدولة المصرية تستهدف جذب التمويل الخارجي دون تحميل الموازنة أعباء إضافية. مع الاعتماد علي نماذج الشراكة (PPP) لتقليل المخاطر.

قال إن تصدير الكهرباء يمكن أن يدر عوائد سنوية بمئات الملايين من الدولارات. تسهم في تعزيز احتياطي النقد الأجنبي وتخفيف الضغط علي الميزان التجاري. كما تعد المشروعات رافدًا جديدًا للاستثمار الأجنبي. بما يفتح الباب أمام توسع صناعات الطاقة المتجددة في مصر. خاصة مع تزايد الطلب الأوروبي علي الكهرباء الخضراء.

ورأي د. الطحان أنه لابد من تشريع ضمانات لحماية المستهلك المحلي دون إثارة المخاوف القائمة من أن يتحمل المواطن جزءًا من تكاليف هذه المشروعات عبر ارتفاع أسعار الكهرباء. علي أن يتم التمويل عبر قروض ميسرة واستثمارات مباشرة. دون انعكاس فوري علي التعريفة المحلية. والعمل علي وضع آليات لمراقبة الأسعار وربطها بالتكلفة الفعلية لا بالعائدات التصديرية.

أشار خلال حديثه: من المنتظر أن تبدأ مصر في جني أولي العوائد الفعلية من التصدير خلال الأعوام 2027-2028. مع بدء التشغيل التجاري لمشروعات الربط مع السعودية واليونان. خاصة مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية الذي يحقق تقدمًا ملحوظًا في معدلات تنفيذه. إذ بلغت نسبة إنجاز المرحلة الأولي علي الجانب المصري حوالي 95.8% حتي الأول من أكتوبر الجاري.

أوضح الطحان: إن نجاح هذه الخطط سيجعل مصر لاعبًا رئيسيًا في سوق الكهرباء الإقليمي. ويحوّل الطاقة من مجرد سلعة خدمية إلي مصدر دخل قومي واستراتيجي مؤثر في السياسة والاقتصاد معًا. ويدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

د.حسن أبو حشيش:
ضرورة اقتصادية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية

ذكر د. حسن أبو حشيش. الخبير الاقتصادي بمعهد البحوث الهندسية والطاقة الجديدة والمتجددة: إن الربط الكهربائي المصري-السعودي يعد شريانًا استراتيجيًا يُعزز أمن الطاقة ويُطلق العنان للاقتصاد الوطني. من فائض الطاقة إلي الريادة الإقليمية.

وتابع حديثه: لم يعد الربط الكهربائي بين مصر والسعودية مجرد خيار فني لتبادل الطاقة. بل تحوّل إلي ضرورة اقتصادية واستراتيجية تمليها معطيات الواقع الإقليمي والدولي. فمصر تمتلك اليوم فائضًا كبيرًا في إنتاج الكهرباء. تجاوز في بعض الفترات نسبة 25% من إجمالي قدرات التوليد. وهو ما يفتح الباب أمام تصدير الطاقة وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة.

أوضح د. حسن: إن الفائض من الطاقة جاء نتيجة لعدة عوامل. أبرزها:التوسع في الطاقة المتجددة. مثل الاستثمار في مشروعات الرياح والطاقة الشمسية. وعلي رأسها مجمع بنبان بأسوان. الذي يُعد من أكبر المشروعات في الشرق الأوسط وأفريقيا.

الطفرة في قدرات التوليد بتنفيذ مشروعات قومية ضخمة. أبرزها محطات كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي مثل محطات سيمنس العملاقة. مما وفّر إمدادًا مستقرًا بعد سنوات من التحديات.

أوضح د. حسن حشيش: يمتد المشروع عبر كابلات بتقنية التيار المستمر عالي الجهد (HVDC) من محطة بدر في مصر إلي المدينة المنورة مرورًا بتبوك. بطاقة إجمالية تصل إلي 3,000 ميجاوات. ويُعد هذا الربط نواة لإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء. وبوابة مستقبلية للربط مع أوروبا عبر اليونان وقبرص.

حول البُعد الاقتصادي والتمويلي: ذكر د. حسن: المشروع يضخ استثمارات ضخمة بتمويل مبتكر» تبلغ تكلفة المشروع نحو 1.8 مليار دولار. ويُنفذ وفق نموذج تمويل المشروعات (Project Finance). الذي يعتمد علي شراكة بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء ونظيرتها السعودية. دون تحميل الموازنة العامة أعباء إضافية.

وقد حصل المشروع علي تمويل من صندوق أبوظبي للتنمية. والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. إلي جانب قروض تجارية من بنوك دولية. ما يعكس الثقة في جدواه الاقتصادية.

أشار خلال حديثه إلي عوائد استراتيجية متعددة منها: تعزيز احتياطي النقد الأجنبي من خلال تصدير الكهرباء. خاصة من مصادر متجددة. مما يدعم ميزان المدفوعات.

الاستفادة من فوارق الذروة. إذ يتيح اختلاف توقيتات الذروة بين البلدين تبادل الطاقة بكفاءة. ويقلل الحاجة لبناء محطات جديدة.
تحويل مصر إلي مركز إقليمي للطاقة عن طريق الربط مع السعودية. يُمهّد للربط الأوروبي. ويعزز مكانة مصر كمحور لتداول الطاقة في المنطقة.

كما ذكر د. حسن: إن المشروع سيساهم في حماية المواطن من الاعباء موضحًا أن تكاليف المشروع لا تُحمّل علي تعريفة الكهرباء المحلية. بل تُغطّي من عوائد التصدير. مما يضمن عدم تأثر المواطن. بل وقد يُسهم في استقرار الأسعار مستقبلاً نتيجة تقليل الاعتماد علي الوقود الأحفوري.

وحول الجدول الزمني للتشغيل ذكر د. حسن:إنه من المتوقع بدء التشغيل التجاري للمرحلة الأولي بقدرة 1500 ميجاوات في ديسمبر 2025. علي أن تكتمل المرحلة الثانية في الربع الأول من عام 2026.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق