هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

هل مقولة "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه" صحيحة شرعاً؟

"اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه" .. مقولة تنتشر بين الناس باعتبارها دلالة على رضا الله عن عبده، فتثير التساؤل: هل لها أصل شرعي أم أنها مجرد مقولة مأثورة؟


والمحبة من أعظم نعم الله التي يخصّ بها أولياءه وأهل طاعته، فإذا أحبَّ الله عبدًا ألقى محبته في قلوب أهل السماء والأرض، فتتجلى مكانته بين الناس بقبولٍ وودّ، وهو وعد إلهي كريم دلَّت عليه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، فأصل المقولة ثابتٌ شرعًا.

من علامات القبول التي وعد الله تعالى بها أولياءَه وأهلَ رضاه أن يجعل محبتهم في قلوب الناس؛ كما قال الله جل في علاه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96].

قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: "يُحبُّهم ويحببهم" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، وهناد في "الزهد"، وابن أبي الدنيا في "الأولياء"، وقال مجاهد: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى المؤمنين" أخرجه ابن أبي حاتم والطبري في "التفسير"، وفي لفظ للطبري: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى خلقه".

وقال الأعمش: "المحبة في الدنيا" أخرجه الحافظ يحيى بن معين في "الجزء الثاني من فوائده".

وأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إِذَا أحَبَّ اللهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ عليه السلام: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الإمام ابن هُبَيْرة في "الإفصاح عن معاني الصِّحَاح" (7/ 261-262، ط. دار الوطن): [في هذا الحديث مِن الفقه: أن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدًا أعلم كلَّ مَرْضِيٍّ عنه عنده سبحانه بحبه إياه؛ لئلا يتعرض واحدٌ منهم ببغض مَن يحبه الله، فيبدأ جل جلاله بإعلام جبريل ليكون جبريل موافقًا فيه محبةَ الله عز وجل، ولِيُعْلِمَ أهلَ السماء؛ ليكونوا عابدين لله بمحبة ذلك الإنسان متقربين إليه بحبه.

وقولُه: «ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ» يعني: أنه يقبله أهل الحق الذين يقبلون أمر الله سبحانه، وإنما يحب أولياءَ الله مَن يحبُّ اللهَ، فأما من يبغض الحق من أهل الأرض ويشنأ الإسلام والدين؛ فإنه يريد لكلِّ وليٍّ لله محبوبٍ عند الله مقتًا وبغضًا] اهـ.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمِقَةُ مِنَ اللهِ، وَالصِّيتُ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَوَاتِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَتَنْزِلُ لَهُ الْمِقَةُ فِي الْأَرْضِ» أخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى والروياني في "مسانيدهم"، والفسوي في "مشيخته"، والطبراني في معجمَيه: "الكبير" و"الأوسط".

والمِقَةُ: المحبة، ويَمِقُ: يحب.

وقال هَرِمُ بنُ حَيّان رضي الله عنه: "ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا أقبل الله بقلوب أهل الإيمان إليه؛ حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم"، قال قتادة: "أي والله؛ ودًّا في قلوب أهل الإيمان" أخرجهما الإمام البيهقي في "الزهد الكبير".

والله سبحانه وتعالى أعلم.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق