الصلاة ليست عبادة عادية بل حياة.. وتركها من الكبائر العظيمة
لا مانع من اتفاق الزوجين علي تأجيل الإنجاب لبعض الوقت
أخذ أموال سرادقات العزاء من تركة اليتامي.. حرام
الصدقة لا تجوز علي الشخص القادر علي العمل
ترد إلي دار الإفتاء يوميا آلاف الفتاوي سواء علي موقعها الإلكتروني أو بصفحتها علي فيس بوك ويجيب عليها الدكتور عويضة عثمان أمين الفتوي بالدار.
* هل يصل ثواب ختمة القرآن الكريم للمتوفي؟
** لا مانع شرعًا من إهداء ثواب ختمة القرآن الكريم. أو أي قدر منه. إلي المتوفين. سواء كان ذلك ختمة كاملة. أو سورة. أو آية. أو حتي ذكرًا من الأذكار. فالثواب يصل بإذن الله تعالي.. والعلماء اختلفوا في هذه المسألة. حيث أجازها جمهور العلماء. وعلي رأسهم الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد بن حنبل. وتوسعوا فيها كثيرًا. بينما منعها بعض العلماء. لكن القول بالجواز هو الأقرب للرحمة والأوسع في العمل.
والعلماء الذين أجازوا ذلك قاسوه علي ما ورد بشأن وصول ثواب الصدقة والدعاء. حيث ثبت في النصوص أن الميت ينتفع بهما.
فقالوا: "ما دام الدعاء والصدقة يصلان. فكل عمل صالح يُهدي ثوابه يصل إليه بإذن الله.. فلو قرأ الإنسان ختمة من القرآن الكريم. أو حتي سورة واحدة. ووهب ثوابها لأحد من أهله أو أصدقائه أو لمجموعة من الأموات. فالثواب يصل إليهم. وكذلك الحال في الذكر. أو قيام الليل. أو صيام النوافل. فثواب كل هذه الأعمال يصل إليهم إن شاء الله.
والأمر فيه سعة. ومادام القصد هو التقرب إلي الله والدعاء للمتوفي. فإن الله واسع الرحمة. يقبل من عباده النوايا الطيبة. فاجعلوا لأحبتكم من أعمالكم نصيبًا. فالبر لا ينقطع بالموت.
* ما حكم ترك الصلاة عمدًا؟
** ترك الصلاة من الكبائر العظيمة. ولا ينبغي لمسلم أن يتساهل فيها أو يتكاسل عنها. فهي عمود الدين. "من أقامها فقد أقام الدين. ومن هدمها فقد هدم الدين".
وهناك فرق بين من ينكر الصلاة كليًا ويقول إنها ليست فرضًا. فهذا يقع في الكفر الصريح. لأنه أنكر معلومًا من الدين بالضرورة. وهذا أمر نادر ولا يُتصور حصوله في الغالب. أما من يتركها كسلًا أو تسويفًا. وهو يعلم أنها فريضة. فهذا مرتكب لكبيرة عظيمة. لكنه لا يُخرج من الإسلام. ومع ذلك فعليه أن يتوب فورًا.
ومن يتكاسل عن الصلاة ويقول: "نفسي أصلي لكن الشيطان يغلبني". فهذا أمل في خير. ونقول له: ارجع إلي الله. وباب التوبة مفتوح. لكن أن يترك الصلاة وهو في كامل وعيه ويفعل ذلك عمدًا مع قدرته. فهذا يُخشي عليه جدًا. ويجب أن يُراجع نفسه سريعًا. لأنها ليست مجرد عبادة بل صلة بالله.
والله سبحانه وتعالي يغدق علي الإنسان من النعم ما يستوجب منه الشكر الدائم. والصلاة من أعظم صور الشكر.. فالصلاة 10 دقائق كل بضع ساعات. منحة من الله وليست عبئًا.
كما أن الوضوء وحده يُكفّر الذنوب. فكيف بالصلاة؟ الخطايا تتساقط من العيون والأيدي والأرجل أثناء الوضوء. فما بالك بالوقوف بين يدي الله؟! فالصلاة ليست عبادة عادية. بل حياة.
* ما رأي الشرع في تأجيل الزوجين الإنجاب لبعض الوقت؟.. وهل هذا التأجيل يتعارض مع مبدأ التوكل علي الله؟
** لا مانع شرعًا أن يتفق الزوجان في بداية حياتهما الزوجية علي تأجيل الإنجاب لبعض الوقت. سنة أو اثنتين أو حتي ثلاث سنوات. ما دام هذا القرار نابعًا عن رغبة مشتركة بين الطرفين في ترتيب أولويات الحياة أو التهيئة النفسية والمادية لاستقبال الأبناء.. فالواقع الذي نعيشه اليوم أكثر تعقيدًا من الماضي. والأبناء في هذا العصر باتت لهم احتياجات كثيرة ومتنوعة. تشمل التعليم والترفيه والرعاية الصحية. وكلها أمور تُثقل كاهل الأسرة. مما يدفع بعض الأزواج للتفكير مليًّا قبل اتخاذ خطوة الإنجاب.
وتأجيل الإنجاب لا يتعارض مع مبدأ التوكل علي الله. ولا مع الإيمان بأن كل مولود يأتي برزقه. بل إن التفكير في تنظيم الحياة واتخاذ قرارات مدروسة هو من حسن التدبير وليس من ضعف الإيمان.. والإنسان هنا لا يمنع. لكنه ينظم. وهذا لا يتعارض مع الرزق المكفول لكل مخلوق. فالله عز وجل يقول:
وما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها*. لكن التفكير في القدرة علي الوفاء بالمسئوليات من باب العقل والحكمة.
وما دام القرار بين الزوجين بالتراضي. فلا حرج فيه. بل قد يكون أكثر اتساقًا مع الظروف الاجتماعية والمادية لبعض الشباب في بداية الزواج. والأمر هنا ليس قاعدة عامة تُفرض علي الناس. وإنما هو قرار فردي يُتخذ بحسب ظروف كل أسرة واحتياجاتها.. فإذا اتفق الزوجان علي التأجيل من أجل التهيئة النفسية أو المادية أو حتي للاستمتاع بفترة الزواج الأولي. فلا مانع شرعي في ذلك. المهم أن يكون القرار مشتركًا ومبنيًا علي التفاهم.
* ما حكم المال الذي يأخذه المقرئ في العزاء؟
** أجر المقرئ الذي يُدعي لقراءة القرآن في مجلس عزاء ليس حرامًا. سواء تم الاتفاق عليه مسبقًا أو كان بمثابة هبة تُعطي له بعد القراءة.. والأصل في الأمر الجواز. لكن المبالغة في الأجور والتفاخر بمن يُحضر من المقرئين المشاهير. أمر غير محمود. فالمشكلة ليست في القراءة نفسها. بل في النية.. بعض الناس لا يقيم العزاء لله أو لثواب القرآن. وإنما للتباهي أمام الناس بأنه جلب الشيخ فلان وفلان. وهذا يُخرج العمل من الإخلاص إلي الرياء.
ولو قلت لأحدهم: بدل ما تدفع خمسين أو مئة ألف علي مقرئ شهير. تبرع بهذا المال للأيتام أو الفقراء. قد يرفض! وهذا دليل علي أن النية ليست صافية.
ويجب ألا تؤخذ هذه المبالغ من أموال الورثة. خصوصًا إن كان بينهم أطفال يتامي. وهنا نقول هذا حرام. ولا يجوز أن تُصرف أموال اليتامي علي صوانات عزاء أو مظاهر شكلية لإرضاء الكبار علي حساب الصغار. من أراد أن يكرم أخاه أو والده فليُكرمه من ماله هو. لا من تركة لم تُقسم بعد. ولا من نصيب قاصر لا يملك الدفاع عن حقه.
* هل يأثم مانع الصدقة عن المتسولين في الشارع؟
** التسول ليس هو الحل المثالي للمشاكل الاقتصادية التي يواجهها الناس.. وللأسف هناك من يمتهن التسول بشكل خاطئ. ويستغل عطف الناس له. وهو أمر غير جائز في الإسلام.
في الإسلام. الصدقة لا تجوز علي الغني أو الذي يستطيع العمل. وإذا كان الشخص قادرًا علي العمل. يجب أن يتوجه إلي العمل ليكسب رزقه. ولا يجب أن يعتمد علي التسول. الذي أصبح للأسف في بعض الأحيان مهنة يمتهنها البعض. حتي أن هناك من يدرب الأطفال علي التسول. وهذا يعتبر مصيبة.. وقد جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم يشكو حاجته. قال له النبي: 'هل عندك شيء في البيت؟' فأجاب الرجل: 'نعم. عندي بعض الأغراض'. فطلب منه النبي أن يبيعها ويبدأ في العمل ليحصل علي رزقه. وهذا يُظهر أن الإسلام يدعونا للعمل. وليس للتسول.
ويجب علي الشخص أن يسعي للعمل والكد في سبيل توفير لقمة عيشه. حتي في الأوقات الصعبة. مثل السيدة مريم عليها السلام. فقد علمنا القرآن كيف أن العمل هو السبيل للتغلب علي الصعوبات.
اترك تعليق