هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

لغة القرآن.. "الحب" و "المحبة"

وردت كلمة "حُبّ" تسع مرات في القرآن. منها قوله تعالي: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ "البقرة: 165". وقوله تعالي: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا "الفجر: 20". 


ولم ترد كلمة "محبّة" إلا مرة واحدة. في قوله تعالي مخاطباً موسي عليه السلام: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَي عَيْنِي "طه: 39".

فلماذا وردت "محبّة". ووردت صيغة "حُبّ" ؟

الحبّ.. هو المصدر الأصلي. والمحبّة.. هي المصدر الميمي. 

وفعلهما هو: حبّ وأحبّ. وعند التمعن في كتاب الله.. نجد أن الفرق بين "حبّ ومحبّة" يقوم علي ثلاثة أوجه. علي النحو الآتي:

الأول: جاء "الحبّ" في المرات التسع التي ورد فيها سلوكاً من البشر تجاه الله تعالي. أو تجاه موضوعات في الحياة. ولهذا عندما أراد الله تعالي أن يضيف لذاته العلية اسمًا من هذه المادّة جعله كلمة "محبّة".. وليس كلمة "حبّ" المستعملة مع البشر. ولذلك نجد في الكتاب العزيز أنه إذا كان الحبّ حاصلاً من البشر جاء بكلمة "حبّ". وإذا كان إلقاء من الله تعالي كان بكلمة "محبّة".. وهذا تخصيص لمعني الكلمة يعود إلي الجهة أو المصدر. 

الثاني: إن المحبة التي أُلقيت من الله تعالي علي موسي استقرّت في ذات موسي. وأخذت تشعّ منها كما يشعّ الضوء من الشمس والنور من القمر والعبير من الزهرة.. ولهذا كان شذاها الطيّب يجذب الناس إليه ويجعلهم يحبّونه.. أما أحبّته آسية امرأة فرعون. فطلبت من فرعون ألا يقتله. وقالت: قُرَّتُ عَيْني لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَي أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ "القصص : 9"؟ أما أحبّته ابنة شعيب. وهو طريد شريد. بعد أن سقي الغنم التي كانت ترعاها وأختها. فطلبت من أبيها أن يستأجره: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ "القصص: 26".. ثم كانت النتيجة أن تزوّج منها ؟ أما أحبّه النبي شعيب عليه السلام. فعرض عليه أن يزوّجه ابنته مقابل أن يرعي له أغنامه ثماني حجج: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَي ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَي أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجي فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ "القصص: 27"..؟

أما الحبّ الذي يوجهه البشر إلي الأشياء. أو إلي بعضهم بعضًا.. فلا يحصل عنه فيض أو اشعاع للمحبوب يجعله - بفضل هذا الحبّ - محبوبًا عند بني البشر أو عند غير من أحبّه من الناس.. لهذا كان لزامًا أن يعبّر عن الحبّ الصادر عن الناس بكلمة "حبّ". وعن الحبّ الملقي من الله تعالي علي عبد من عباده بكلمة أخري "محبّة".

الثالث: إن المصدر أكثر شيوعاً في الاستعمال من المصدر الميمي أو اسم المصدر.. وهو هنا كذلك. والشائع يناسبه أن يُستعمل مع الكثرة. أما النادر فيناسبه أن يُستعمل مع القلّة.. ولهذا استُعملت كلمة "حبّ" مع البشر لأنهم كثرة.. واستُعملت كلمة "محبّة" مع الله تعالي لأنه ليس موضوعًا للكثرة. بل هو الوحدانية عينها.. فناسبت كل كلمة من الكلمتين ما جاءت له.
 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق