ثبت بالنص الصريح تبشير بعض النساء بالجنة. ومنهنَّ: السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها - زوجة النبي صلي الله عليه وسلم.. فعَنْ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَي: أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتي فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. بَشَّرَهَا بِبَيْتي فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبي لَا صَخَبَ. فِيهِ وَلَا نَصَبَ.. والْمُرَاد بالقَصَب:پلُؤْلُؤَة مُجَوَّفَة وَاسِعَة كَالْقَصْرِ الْمَنِيف.
هي أم القاسم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي القرشية الأسدية أم المؤمنين. وأول امرأة تزوجها النبي صلي الله عليه وسلم. وأول من آمن برسالة النبي صلي الله عليه وسلم. فقد اعتنقت الإسلام في عشية نزول أول وحي علي النبي صلي الله عليه وسلم بإجماع المسلمين. لم يتقدمها رجل ولا امرأة. ولم يكن علي وجه الأرض مؤمن غيرها. وصدقته قبل كل أحد.
وثبتت جأشه. ومضت به إلي ابن عمها ورقة. وهي سيدة نساء المسلمين في زمانها. وكانت تدعي في الجاهلية الطاهرة.
تزوجت خديجة بنت خويلد قبل النبي صلي الله عليه وسلم مرتين باثنين من سادات العرب. هما: أبو هالة بن زرارة بن النباش التميمي. وجاءت منه بهند وهالة. وأما الثاني فهو عتيق بن عائذ بن عمر بن مخزوم. وجاءت منه بهند بنت عتيق.. وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال علي مالها مضاربة وكانت قوافلها لا تنقطع بين مكّة والمدينة. فلما بلغها عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مالها تاجرا إلي الشام. وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له: ميسرة فقبله رسول الله صلي الله عليه وسلم منها.
وخرج في مالها ذاك. وخرج معه غلامها ميسرة حتي نزل الشام.. وحكي لها غلامها ميسرة الذي صحبه عن أخلاقه وطباعه. وما لمسه من أمانته وطهره. وما أجراه الله علي يديه من البركة. حتي تضاعف ربح تجارتها فأعجبت به. وتمّ الزواج قبل البعثة بخمس عشرة سنة وللنبي - صلي الله عليه وسلم - 25 سنة. بينما كان عمرها 40 سنة.. وكانت أول امرأة يتزوجها. ولم يتزوج عليها غيرها حتي ماتت وولدت لرسول الله صلي الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم - وهم القاسم وكان به كني وعبد الله وهو الطيب والطاهر. وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة.. وكانت خديجةپرضي الله عنها تحب النبي - صلي الله عليه وسلم - حبّاً شديداً. وتعمل علي نيل رضاه والتقرّب منه. حتي إنها أهدته غلامهاپزيد بن حارثةپلما رأت من ميله إليه.
وثبتت لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها مناقب كثيرة ومآثر طيبة تدل علي مكانتها في قلب النبي صلي الله عليه وسلم وحسن إسلامها. وصبرها وتحملها لأنواع الأذي والبلاء التي تواجهها وهي مع النبي صلي الله عليه وسلم في مراحل الدعوة في مكة المكرمة.
ويشير حديث بدء الوحي في الصحيحين إلي وقفتها الخالدة مع النبي صلي الله عليه وسلم مع أول الوحي الإلهي حين لقيه جبريل عليه السلام. وقد ذكرت عائشة في حديث بدء الوحي ما صنعته خديجة من تقوية قلب النبي صلّي اللَّه عليه وسلّم لتلقي ما أنزل اللَّه عليه. فقال لها: "لقد خشيت علي نفسي".. فقالت: كلا. واللَّه لا يخزيك اللَّه أبدا. إنك لتصل الرحم. وتقري الضيف. وتحمل الكل. وتكسب المعدوم. وتعين علي نوائب الحق. وذكرت خصاله الحميدة. وتوجهت به إلي ورقة.
وقد توفيت رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبل معراج النبي - صلي الله عليه وسلم -. ولها من العمر خمس وستون سنة ووفاتها كانت بعد أبي طالب عم الرسول صلي الله عليه وسلم بثلاثة أيام. وكان موتها في رمضان. ودفنت بالحجون. ولما اجتمع حزن فراقها علي رسول الله عليه وسلم وموت عمه في عام واحد أطلق علي ذلك الوقت بعام الحزن وذلك قبل الهجرة النبوية إلي المدينة المنورة بثلاث سنوات.
وكان من وفاء النبي صلي الله عليه وسلم وحسن العهد به وصلة رحمه مع أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وعن أنس كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أتي بهدية قال اذهبوا بها إلي بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة وإنها كانت تحب خديجة.
اترك تعليق