قال الله تعالى في محكم التنزيل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) البقرة/183. الاية الكريمة توضح مكانة الصيام العظيمة عن الله سبحانه وتعلى فالصيام عبادة شاملة تهدف إلى تهذيب النفس وتقوية الإرادة، كما أنه يُعلِّم الصبر ويُذكِّر الغني بمعاناة الفقير، فيعزز قيم الرحمة والتكافل.
كما يضيق الصيام مجاري الشيطان في الإنسان، فيقلل الشرور ويهيئ القلب للذكر والتقوى. وهو فرصة لتربية النفس على الأمانة، فالصائم يمتنع عن الشهوات سرًا وعلانية، مما يرسخ مبادئ الإخلاص. فكيف يغيرنا الصيام؟ وما الحكمة من فرضه؟
إليك 10 فوائد عظيمة تكشف أسراره الصيام وكيف انه طريق المسلم نحو التقوى والفوز بمعية المولى عز وجل.
تقوى الله تعالى، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة/183، وختم الله عز وجل آيات الصيام أيضا بذكر التقوى، فقال تعالى: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ البقرة / 187.
كسر النفس، فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة.
تخلي القلب للفكر والذكر، فإن تناول هذه الشهوات تقسي القلب وتعميه، وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر، وتستدعي الغفلة، وخلو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب، ويوجب رقته، ويزيل قسوته، ويخليه للذكر والفكر.
أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان، وتنكسر سورة الشهوة والغضب، ولهذا جعل النبي صلى الله عليم وسلم الصوم وجاء، لقطعه عن شهوة النكاح.
تقوية الإرادة، فالذي يصبر على آلام الجوع والعطش، ويكبح نفسه عن العلاقات الجنسية في وقت الصيام، يحصل له من جراء ذلك قوة في الإرادة تجعله مالكاً لزمام نفسه لا أسيراً لميوله المادية وشهواته الضارة.
إضعاف سلطان العادة، فقد بلغ ببعض الأفراد سلطان العادة إلى حد كبير، فلو تأخر عنهم الطعام عن موعده فأصابهم الجوع لساءت أخلاقهم، وقد يكون سلطان المؤثرات من القهوة والشاي والتدخين أشد من سلطان الطعام على أهله، فهؤلاء يعتبرون أسرى لعاداتهم، والصوم يربي الإنسان على التغلب على عاداته السيئة.
أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه حيث أقدره له على ما منعه عن كثير من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح، فإنه بامتناعه عن ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك، يتذكر به من مُنع ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك.
المساواة بين الأغنياء والفقراء، فهذا الصوم فقر إجباري يفرضه الإسلام على المسلمين كافة ليتساوى الجميع في بواطنهم، إنه فقر إجباري يراد به إشعار النفس الإنسانية بطريقة عملية أن المساواة الصحيحة حين يتساوى الناس في الشعور، لا حين يختلفون، وحين يتعاطفون بإحساس الألم الواحد لا حين يتنازعون بالرغبات المتعددة.
فيه إظهارا لعبادة الله عز وجل في المجتمع بأجمعه، فتجد جميع المسلمين من الشرق إلى الغرب يجتمعون على صيام هذا الشهر، حتى الأشخاص الذين تحصل منهم بعض المخالفات الأخرى، إذا أتى رمضان شاركوا إخوانهم المسلمين على صيام رمضان، فلا تجد بينهم مفطرا، حتى إن العاصي الذي لا يصوم _ والعياذ بالله _ لا يستطيع أن يجاهر بفطره، بل حتى الكافر لا يستطيع أن يظهر فطره أمام المسلمين، ولا شك أن في هذه الظاهرة فوائد عدة، منها: إظهار عبادة الله عز وجل مع أن الصوم عبادة سرية، ومنها: أن في ذلك الجو الإيماني فرصة عظيمة لمن أراد أن يتوب إلى الله عز وجل وينيب إليه وكم من الناس كانت نقطة إنطلاقهم في طريق الهداية هذا الشهر العظيم، ومنها: استشعار العاصي والكافر للذلة والصغار مما ينفره عن الحال التي هو عليها، ومنها: تيسير هذه العبادة على المسلمين، فكون المجتمع كله صائم هذا مما ييسر على العبد هذه العبادة العظيمة الجليلة.
تربية النفس على الأمانة، "فإن الذي يكون قويا أمينا في حفظ أمانة الله ورعاية أوامره يكون قويا في عمله، أمينا على ما استرعاه غيره من عمل، ومن خان أمانة الله العظمى في شرائع دينه فهو لغيرها أشد خيانة، ومن تدرب على قوة الإرادة وصدق العزيمة شهرا كاملا عن إيمان واحتساب، فإنه يكون قوي الشكيمة، شديد المراس، صلب في التصميم." انتهى من "صفوة الآثار" للدوسري (3/101).
اترك تعليق