الله تعالى عادل لا يُضيع أجر عمل عاملُ وإن كان صغيراً بمثقال حبةِ الخردل وهو الذى حرم الظُلم على نفسه وعلى عباده _ وتؤكد التجربة البشرية أن ما يُطمئن و يشفى قلوب قوم مؤمنين أن حقوقهم تأتى لا محالة يوم يُنصبُ ميزان العدل يوم القيامة ويكون القاضى عليها المولى عز وجل الذى قال فى كتابه
" وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" الكهف: 49
فماذا يكون فكر المظلوم لو علم أن الظالم مع ظُلمه يُرفعُ عنه العقاب فى العموم وليس فى حالات يُقدرها الله تعالى بقدرها وهو أحكم الحاكمين
ولهذا اقر عُلماء السلف أن الجنة والنار ابديتان لا تفنيان وساقوا الادلة على ذلك فقد قال ابنُ حزم في كتابه الملل والنحل: "اتفقت فرق الأمة كلها على أن لا فناء للجنة ولا لنعيمها، ولا للنار ولا لعذابها، إلا الجهم بن صفوان"
_قوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا.. إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا" النساء168 : 169
_وقوله جل شأنه " إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا.. خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا" سورة الأحزاب64 : 65
فالنار بحكم المولى عز وجل فى كتابه لا تفنى وكذلك لاهلها من الكُافرين المُنافقين ووفقاً للعلماء لا يخرج منها إلا عصاة الموحدين بالشفاعة أو بعد تنقيتهم وتهذيبهم.
_قول الحق تبارك وتعالى " جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ" سورة البينة: 8
_وقوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا..خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا" الكهف 107: 108]
وقد سوقنا مثلين فقط حتى لا نُطيل على القارئ ولكننا نختم بما ورد من دليل فى صحيح السنة والذى اشار اليه صل الله عليه وسلم فى البخارى
" يُؤْتَى بالمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أمْلَحَ، فيُنادِي مُنادٍ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنادِي: يا أهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، فيُذْبَحُ، ثُمَّ يقولُ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ فلا مَوْتَ، ويا أهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فلا مَوْتَ. ثُمَّ قَرَأَ: "وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ"، وهَؤُلاءِ في غَفْلَةٍ أهْلُ الدُّنْيا "وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ"مريم: 39 .
اترك تعليق