اختتمت دار الإفتاء أمس جلسات المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء، والذي نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. بمشاركة وفود أكثر من 104 دول.
عقد المؤتمر تحت عنوان: "الفتوي والبناء الأخلاقي في عالم متسارع"، بالقاهرة، برعاية من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، وسط حضور عدد من الشخصيات الرسمية المصرية، في مقدمتها الدكتور أسامة الأزهري، نيابة عن رئيس الوزراء، والدكتور محمد الضويني، نائبا عن شيخ الأزهر.
الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تأسست عام 2015، وهي هيئة عالمية متخصصة مقرها دار الإفتاء المصرية، تقوم بالتنسيق بين دور الفتوي والهيئات الإفتائية العاملة في مجال الإفتاء في أنحاء العالم. بهدف رفع كفاءة الأداء الإفتائي لتلك الجهات، مع التنسيق فيما بينها لإنتاج عمل إفتائي علمي رصين، ومن ثم زيادة فاعليتها في مجتمعاتها حتي يكون الإفتاء أحد عوامل التنمية والتحضر للإنسانية.
أكد مستشار مفتي الديار إبراهيم نجم أن مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى لها ريادة دينية وقبول عالمي،
وقال نجم - في مداخلة مع قناة "اكسترا نيوز" علي هامش فعاليات المؤتمر إن "أهمية المؤتمر تأتي من أنه يمثل قيمة دينية إفتائية هي الأكبر من نوعها علي مستوي العالم علي أرض مصر"، مشيرا إلي أن العالم كله يتجه من الناحية الدينية إلي مصر كأنها تمثل البوصلة الدينية والأخلاقية وهي المرجعية الدينية الوسطية في هذا العالم المتسارع.
وأضاف أن المؤتمر جاء ليكشف عوار نظام عالمي فيه أزمة أخلاقية حادة من نواح كثيرة ومن تعد علي الرموز الدينية والمقدسات والأزهر الشريف.
وأوضح أن الأزهر الشريف تقدم ببيان يستنكر فيه ما حدث في أولمبياد باريس 2024 خلال الافتتاحية. مشيرا إلي أن العالم يتجه لما يسمي أزمة هوية وأخلاقية.
قال أمين الفتوي بدار الإفتاء المصرية الدكتور مصطفي حسن الأقفهصي إن دار الإفتاء قامت بجهود ملموسة للتصدي للفتاوي التي تُمثل خطرًا علي الدول والمجتمعات، كما دعمت التطوير الذاتي من خلال استراتيجيات وخطط جديدة.
جاء ذلك خلال الورقة البحثية التي قدمها أمين الفتوي في الجلسة العلمية الثالثة بالمؤتمر العالمي التاسع للإفتاء بعنوان "تجربة دار الإفتاء المصرية في التعامل مع الفتاوي المناهضة لصناعة السلام".
واستعرض الأقفهصي الإجراءات المنهجية التي اتخذتها دار الإفتاء المصرية للتعامل مع الفتاوي التي تعوق صناعة السلام والأمن الفكري. متناولًا كيف يمكن أن تؤثر هذه الفتاوي علي الاستقرار المجتمعي والأمن الفكري.
وأضاف أن دار الإفتاء اتخذت خطوات رائدة في التصدي للفتاوي التي تشكل تهديدًا لصناعة السلام، حيث قامت بالرد علي الفتاوي الطاعنة بالعقيدة الأشعرية، منوهًا بأن الأشاعرة هم علي نهج السلف الصالح، لافتًا إلي أن المذاهب الفقهية تُعد مدارس علمية متكاملة.
قال مفتي الديار الهندية والأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند الشيخ أبوبكر أحمد إنه من المعروف أن الصحابة "رضوان الله عليهم" ومن جاء بعدهم من التابعين كانوا يتبعون منهجيات مُنظمة ومُحكَمة في الفتوي، رغم عدم تدوينها بشكل رسمي.
وأضاف مفتي الديار الهندية - في كلمته خلال الجلسة العلمية الثالثة أن الإمام الشافعي أرسي قواعد وأسساً منهجية الاستنباط في الرسالة، منوهًا بأن هذه المنهجية كانت حاسمة في تقديم الفتاوي الدقيقة والمتوافقة مع الشريعة، وهذا ما يجب أن نستمر في اتباعه، لضمان تقديم توجيهات صحيحة وملائمة.
وأوضح أن الأزمة الحالية بمجال الفتوي تتطلب تعاونًا دوليًا، لتقليل تأثير الفتاوي التي يصدرها غير المؤهلين علميًا، لأن هذه الفتاوي قد تؤدي لتأثيرات سلبية في المجتمعات وقد تثير الارتباك.
وتابع "أنه يجب علي علماء الفتوي أن يتعاونوا ويتبادلوا المعرفة، لحماية المجتمع من الفتاوي غير الدقيقة والتي قد تؤدي إلي تفشي اللا أخلاقية أو الإضرار بعقيدة الإسلام" مشيرًا إلي أن التقدم الهائل في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا جديدة في مجال الفتوي، لكنه يأتي مع تحديات كبيرة.
أكد مفتي البوسنة والهرسك حسين كفازوفيتش علي دور الفتوي الكبير في حياة المسلمين، خاصة وأنها تتناول وتناقش قضايا تمثل تحديا أمام الإنسان، موضحا أن من يلجأ إلي الفتوي هو إنسان يبحث عن الجواب الصحيح لقضايا حياته، أو التأكد من أنه يسير في الطريق الصحيح، ومن هنا تنبع أهميتها.
وأضاف مفتي البوسنة والهرسك إن الفتوي لا ترتبط فقط بالأفراد، إنما لها دور كبير في سلامة المجتمعات، خاصة وأن المجتمع الواحد يتمتع بوجود أكثر من ثقافة ودين، وبالتالي فهي تلعب دورا كبيرا، في ملف التعايش بين الناس المختلفة في الأديان والثقافات وغيرها، خاصة وأن الفتوي هدفها هو الإنسان وخدمته.
وأشار إلي أن المجتمعات تجمع أفراداً مختلفين، والإنسان الذي يتحلي بالأخلاق ويعيش علي الطريق الصحيح ويتبع القيم الدينية فإنه لن يخطئ ولن يسيء الي الاخرين مهما يكونون، وهنا يأتي دور الإفتاء.
قال رئيس لجنة الإفتاء باتحاد علماء أفريقيا وعميد الكلية الأفريقية للدراسات الإسلامية بالسنغال الدكتور محمد أحمد لوح، إن الفتوي الرشيدة وحل النزاعات الدولية هي دراسة تأصيلية تسعي إلي تحقيق عمق الفهم والتطبيق لمبادئ الإسلام في معالجة النزاعات الدولية.
وأوضح الدكتور محمد أحمد لوح - في كلمته بالجلسة العلمية الثالثة من المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء - أن البحث استعرض كيف أن الإسلام، بوصفه الدين السماوي الخاتم، يهدف ليس فقط إلي عبادة الله وحده ولكن أيضًا إلي عمارة الكون وبناء الحضارة الإنسانية، وهو ما يتجلي في التشريعات التي تحكم العلاقات الدولية وحل النزاعات.
وقال "إنه إذا كان النزاع جزءًا من التحديات المستمرة في العلاقات الدولية منذ القدم، فإن الإسلام قدم مجموعة من القيم الإنسانية الأساسية لحل النزاعات، مثل الكرامة الإنسانية، الوحدة الإنسانية، التعاون، والعدل، هذه القيم يجب أن تكون الأساس الذي نبني عليه حلول النزاعات الدولية من خلال الفتوي الرشيدة ".
اترك تعليق