توعية الجماهير سلاح ثقة الشعوب فى قادتهم
انتهاج استراتيجية التفنيد المقنع للجماهير والتخلى عن نظرية الإنكار
الإعلام الإسرائيلي يستخدم حملات الحرب المعلوماتية لتضليل الرأي العام
الاتحاد الأوروبي أنشأ أول مدونة ذاتية التنظيم في العالم تواجه المعلومات المضللة وتعالج انتشار الأخبار المزيفة
في وقت الحروب تلعب الشائعات دوراً جوهرياً فى تدمير الدول ما لم تتسلح بالوعى , وتشهد الحرب التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة قيامها بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والعدوان وجرائم ضد الإنسانية ضد سكانها المدنيين , ولا ريب أن مصر هى الدولة الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط التى قدمت للقضية الفلسطينية عبر قرن من الزمان كل التضحيات رغم تبنى القوى العظمى كيان الاحتلال منذ نشأته حتى اليوم ,وتتمتع مصر بالحكمة فى إدارة أزمة الحرب بين عين تحفظ أمنها القومى وعين أخرى تحفظ لفلسطين وطنه دون تصفية , وفى خضم هذه الحرب التى طال أمدها لم يجد الإعلام الإسرائيلى والأمريكى سوى سلاح حرب الشائعات ضد مصر لتبرير فشل إسرائيل , ولإثارة الرأى العام بأكاذيب يلزم مواجهتها بكل وعى وحداثة فى استراتيجية المواجهة .
وأكد المفكر والمؤرخ القضائي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة خلال دراسة جديدة بعنوان "خطر الشائعات وقت الحروب... كيف نواجه شائعات الإعلام الإسرائيلى والأمريكى ,وحتمية انتهاج استراتيجية التفنيد المقنع للجماهير والتخلي عن نظرية الإنكار" وتكشف الدراسة أسباب حرب الشائعات المتزامنة مع حرب إبادة غزة التى يتبناها الإعلام الإسرائيلى والأمريكى التى لها أغراض عديدة على قمتها إبتزاز مصر وإكراهها على قبول التهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء , وإخفاء الحقائق عما يدور فى قطاع غزة تدمير ومجازر ، والسعى لتوجيه الرأى العالم العالمى لصالح إسرائيل سياسياً لتعزيز بقاء بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى , وإلهاء الشعوب عما تفرزه العدالة لأكبر محكمتين فى العالم الجنائية الدولية والعدل الدولية ضد إسرائيل , والإضرار بدور مصر المحورى بشأن مسار القضية الفلسطينية .ونعرض للدراسة فى ست نقاط جوهرية دقيقة .
3 خطوات للسيطرة على الشائعات
يقول الدكتور محمد خفاجى " إن انتشار المعلومات المضللة وقت الحروب هى أحد مكونات الاضطرابات المدنية بين الشعوب لأنها تخلق الكثير من التأثير على إرادة الجماهير بطريقة مدبرة , وتتشارك فيها وسائل الإعلام كالتلفزيون والصحف والإنترنت ونشرها عبر منصات التواصل الاجتماعى الحديثة , لتؤدى دورها فى التدمير , وتكوين أسوأ صورة لمن صدرت ضدهم الشائعات "
ويذكر (3) خطوات لمواجهة الشائعات فيقول " وحتى تسيطر على الشائعات يجب عليك انتهاج ثلاث خطوات أولها تحديد الشائعات التي يتم تداولها بالفعل بين الجماهير , ثانيها اتباع استراتيجية فعالة لتحديد أي الشائعات صحيحة وأيها كاذبة , ثالثها وضوح آليات لتصحيح الشائعات غير الدقيقة واستبدالها بمعلومات موثوقة."
الخطوة الأولى : تحديد الشائعات وخلق بيئة إعلامية متخصصة لمواجهتها
ويذكر "وتتطلب الخطوة الأولى تحديد الشائعات ودور وسائل الإعلام فى مواجهتها ، وهى تتطلب تدعيم القائمين على المواقع الإعلامية المتخصصة فى وجه الشائعات ومنصات التواصل الاجتماعى ذات الصلة فى مجموعات , وهم الذين يسمعون أحدث الشائعات أثناء تداولها , حيث يكون من المفيد تزويدهم بالتدريب على تفنيد الشائعة , حتى يستطيعون افهام الجمهور بخطورة المعلومات المضللة التى يمكن أن تقود دائرة التصعيد المدمر وقت الحروب .لأن الكثير من المذيعين يتطوعون ويتناولون الشائعات بالإنكار فحسب , دون أن يملكون أدوات التفنيد لإقناع الجماهير .وهو ما يلقى أثاراً سيئة فى نفوس الجماهير "
الخطوة الثانية مكافحة الشائعات بوجود آلية عملية للتفنيد لمدى تضليل الشائعة
ويشير " وتتمثل الخطوة الثانية فى مكافحة الشائعات بوجود آلية عملية للتفنيد ,لوقوف الجماهير على مدى تضليل الشائعة فهناك حالات تسرى فيها السرية والخداع للشائعات غير الموثوقة، لذا قد يكون من الأوقع وجود لجنة متخصصة من جهة مسؤلة لرصد الشائعات خاصة وقت الحروب لأنها قد تمس الأمن القومي وتكون المعلومات الصحيحة فيها شحيحة لا يعلمها إلا الجهات المسئولة , ومن هنا فغن عمل هذه اللجنة هو تبادل المعلومات حول الشائعات الحالية مع الإعلام المصرى المؤثر , ومن ثم تنظيم الجهود لتحديد مدى ومقدار تضليلها
الخطوة الثالثة مكافحة الشائعات ببيان الحقائق
ويوضح د.خفاجي " الخطوة الثالثة تتمثل فى مكافحة الشائعات ببيان الحقائق , فعندما يتبين أن الشائعة غير صحيحة، يجب البدء في خطة لتصحيح التضليل والتدليس على إرادة الشعوب . ويعتمد نجاح هذه الخطة على مصداقية وسائل الإعلام ، ومدى قدرتهم على التواصل مع الجماهير على نطاق واسع وفعال وسريع. وهنا يمكنهم تصحيح المعلومات المضللة ونشر المعلومات القادمة من جهود مكافحة الشائعات الموثوقة .
ويضيف " أن الإعلام الإسرائيلى يتبع الاستراتيجيات المعرفية لنشر الأخبار المضللة أثناء قيامه بالإبادة الجماعية لشعب غزة , حيث يقوم الإعلام الإسرائيلى باستخدام حملات الحرب المعلوماتية حول أحداث حرب غزة عن طريق بث روح ضياع الأمة اليهودية وأن إسرائيل تواجه تهديدًا وجوديًا وذلك كله لتبرير العدوان المستمر والحرب على السكان المدنيين بغزة , كما أنه يروج لفكرة أن قضية الرهائن تشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، وهو ما يبعث برسالة تبرير أيضاً لاستمرار الحرب على قطاع غزة , ويستخدم صوراً مضللة بأنها لا تمنع وصول المساعدات إلى غزة , وذلك بالمخالفة للحقيقة الدولية , لأن إسرائيل تجاوزت الحدود الموضوعة لحق الدفاع الشرعى , كما كان ردها مفتقداً لشرط التناسب فى رد العدوان "
ويؤكد الدكتور محمد خفاجى " إن توعية الجماهير سلاح ثقة الشعوب فى قادتهم لمواجهة الشائعات وقت الحروب , ففى وسط طوفان المعلومات الكاذبة أو المضللة أو التي يساء تفسيرها، يواجه الجمهور صعوبة في معرفة من يثقون ؟ وماذا يصدقون؟ لذا فإن الأخبار المزيفة التى تتضمن المعلومات التي يتم تحريفها عمداً من الإعلام الإسرائيلى والأمريكى بهدف خداع الجمهور المصرى لأغراض سياسية هي واحدة من أكبر التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام المصرية . إنها مسألة بالغة الأهمية ليس فقط بالنسبة للصحفيين والإعلاميين ، ولكن أيضًا بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية القائمة على الإنترنت والتي أصبحت قنوات رئيسية لتوصيل الأخبار والمعلومات."
ويختتم الدكتور محمد خفاجى " وتصبح مشكلة تحديد الأخبار المزيفة والسيطرة عليها أكثر صعوبة بسبب الرغبة فى تجنب الرقابة على حرية التعبير المشروعة , وتقوم المجتمعات المتماسكة ببذل الجهود للحد من المعلومات الخاطئة، وما تحمله من خطاب الكراهية ومحاولات التأثير على الأنظمة الحاكمة لأسباب سياسية محضة , مما يدعو بعض الدول إلى إمكانية استخدام القوانين للحد من حرية التعبير. لذا نجد مدونة ممارسات الاتحاد الأوروبي بشأن المعلومات المضللة هي أول مدونة ذاتية التنظيم في العالم تهدف إلى معالجة انتشار الأخبار المزيفة في أكتوبر 2018. "
"ويجب تحقيق ضمان الشفافية وهو ما يقتضى فى بعض البلدان إلى إغلاق الحسابات المزيفة، للذين يتربحون من خلال خلق أخبار مزيفة. وذهبت بعض البلدان إلى أبعد من ذلك من خلال فرض متطلبات إلزامية على المؤسسات الإعلامية والمنصات الرقمية , ففي فرنسا مثلاً يمكّن قانون عام 2018 القضاة من إصدار أمر بالإزالة الفورية للأخبار المزيفة من مواقع الإنترنت. "
اترك تعليق