قدم أساتذة وخبراء المياه في مصر والشرق الأوسط حلولا واقتراحات لسبل ترشيد استهلاك المياه في ظل الندرة الشديدة والشح المائي الذي نواجهه. وتحدثوا عن كيفية مواجهة أنماط الاستهلاك السلبية وإهدار الماء.
أكد د. نور عبد المنعم نور خبير متخصص في مشكلات المياه في مصر الشرق الأوسط أن أساليب مواجهة الاستهلاك غير الرشيد للمياه ترتكز بشكل أساسي علي وعي المواطن المفقود بيننا علي كافة المستويات بالريف والحضر وهنا الحل يكون من خلال تكثيف الدور الإعلامي والشرح الوجيز لأهمية المياه وخطورة ندرتها وضرورة الحفاظ علي كل نقطة مياه فيستشعر المواطن المستهلك حجم المسؤولية. هذا مع إتخاذ عدة إجراءات أخري رادعة كالمحاسبة علي الإسراف في استخدام المياه أو هلكنا . حيث توجد قوانين لدينا تم سنها ولكنها لا تتعامل مع هذا البند وهو عقاب إهدار المياه. وبالتالي المواطن لا يحاسب واختفاء المحاسبة وعدم وجود قانون يحاسب علي الإسراف في استهلاك المياه يجعل الإهمال وعدم الاعتناء بترشيد عادة.
أضاف أنه يجب أيضا تسعير المياه للستهلك علي جميع المستويات وليس المنازل فقط أي رفع أسعار المياه حتي يشعر الجميع بقيمة وأهمية المياه. ثم علينا كذلك تحديد أسس استخدامات المياه لتتسني المراقبة والمتابعة. فعلي سبيل المثال نجد العديد من الجمعيات الخيرية تعلن عن التبرع بوصلات المياه وحفر آبار الصدقة بمبالغ مالية دون التقدم بطلبات رسمية للجهات المعنية ويتم الأمر بعيدا عن وجود قوانين تشريعية لحفر الأبار وتوصيلات المياه.
وأردف: يمكن ترشيد المياه كذلك من خلال المحافظة الأدوات الصحية المستخدمة في توصيل المياه وارتفاع مستواها وجودتها بحيث لا تكون سببا في إهدار المياه بسهولة وتكون كفاءة تصنيعها عالية. مع ضرورة الكفاءة في تصنيعات وسائل استهلاك المياه في الأماكن الصحية العامة كالمراحيض وخلافة.. مثل وجود "كمبونيشن كامل أو نصف استهلاك".
كذلك لابد من استخدام الوسائل التكنولوجية للري بالمياه سواء في الري بالخراطيم أو الرش كما هو معمول به في المطارات الأجنبية والعربية حيث تستخدم المياه بالرادار وتكون طريقة الاستخدام بوضع اليد قرب مصدر المياه فيتم سيلان المياه وبمجرد رفع اليد يتم فصلها. وتوزيع النشرات الخاصة بالتوعية والنثقيف المائي المقروة والمسموعة والمرئية ليعم الوعي بين المواطنين.
قال د. أحمد فوزي كبير خبراء المياه والزراعة بالأمم المتحدة: إن معدلات الري في مصر تفوق معدلات الري في العالم وذلك لأن السياسة والخريطة المائية في مصر بها 80% من توزيعات المياه تذهب إلي الزراعة. إذناً لا بد من الترشيد في مجال الري الزراعي خاصة أن مساحات كبيرة من الأراضي المنزرعة يتم ريها بنظام الغمر غير المرشد. ويجب أيضا تحويل الري في كافة الأراضي الزراعية الطينية والرملية إلي نظام الري بالتنقيط ويفضل الري الذكي وهذا سيوفر كميات كبيرة من المياه. مع ضرورة ري الأراضي الزراعية الأخري التي تروي بالغمر بنظام التسوية بالليزر مع تطوير وانشاء شبكات صرف مغطي والتوسع في صيانة وشبكات الصرف المغطي لأنها انشئت منذ فترات طويلة وهي عبارة عن مواسير علي بعد 5.2 متر تحت الأرض دورها استقبال المياه الزائدة عن التربة وبالتالي توفر كميات كبيرة من المياه من ناحية أخري تتيح لجذور النبات التمدد داخل التربة بشكل جيد وهنا ستحدث الوفرة المزدوجة مائيا وانتاجيا في المحصول. هذا مع ضرورة توعية الفلاح والمزارع وتكون التوعية عن طريق حقول المشاهدة الإشادية. لكن قلة المرشدين المائيين والزراعيين تعوق ذلك لأنه يقوم بدور المرشد المائي تاجر المبيدات الزراعية وهذا غير كاف.
وتابع كبير خبير المياه بالأمم المتحدة: إن عدم المشاركة المجتمعية التي هي أمر ضروري في إنجاح أي سياسة في العالم » تؤدي إلي تدهور المنشآت القائمة وعدم المحافظة عليها والإسراف فيها وتدهور نوعية المنتج المقدم منها وبالتالي النقص فيه وهذا ما نعانيه في مصر » وذلك لان هناك حالات كثيرة من التعدي من قبل المواطنين علي الشبكات الرئيسية و الفرعية وذلك من خلال عمل وصلات غير شرعية للمياه تستهلك كميات كبيرة. وللاسف الشديد إضافة إلي ذلك فإن عدم اللجوء الي الجهات المسئولة لتوصيل المياه إلي المنازل بل ويؤدي إلي قدر كبير من التلوث يدخل لتلك الشبكات » التي هي في ظل الظروف الاقتصادية المصرية تعاني تدهوراً في خاماتها القديمة.
وأردف: ومن الاخطاء الشائعة أيضا استخدام المياه المحلاة في رش الشوارع وري الأراضي وغسل السيارات بمحطات البنزين ولذلك علينا تطبيق سياسة مائية محددة متطورة علي مدار 10 سنوات قادمة.
واقترح كبير خبير المياه: علينا البدء في تطبيق منظومة جديدة في السياسة المائية تستخدمها دول العالم المتطورة ويتم التطبيق علي مدار 10 سنوات تعتمد علي العدادات الذكية المرتبطة بالإنترنت والمتصلة بالأقمار الصناعية » وتبدأ بهيكلة كاملة لشبكة المياه والصرف وخاماتها وتوزيعاتها والتي ستؤدي النهاية إلي ضبط كميات المياه المستهلكة ومعرفة مسار كل نقطة مياه وبالتالي وتؤدي إلي ترشيد استهلاك ذاتي من قبل المستخدم لأن المنظومة الجديدة تقوم علي أنه كلما ارتفع الاستهلاك المائي زادت التكلفة علي المستخدم» وسيكون انقطاع المياه إلكترونيا والشحن إلكترونيا عبر سيستم علي الهاتف المحمول والذي سيوضح الاستهلاك الفعلي للمواطن ومنه إلي الترشيد الإجباري وكذلك تسهيل المراقبة وتحديد المتلاعبين القائمين بالتعدي علي جسم الشبكة بشكل فوري وبالتالي توجيه الضبطية القضائية واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
قال المهندس مصطفي الشيمي رئيس شركة مياه القاهرة: نعمل علي اتجاهين متوازيين في ترشيد المياه مواجهة إهداره أولهما الاتجاه العملي ومن خلاله تم شراء 700 ألف قطعة توصيل مياه موفرة من المصانع الحربية وتركيبها في الأماكن الحكومية والبيوت وما شابه وقد كلف هذا الأمر الشركة مبلغا ضخما. وأما الاتجاه الثاني فهو توعوي تقوم به إدارة العلاقات العامة بصفة شهرية من خلال عقد الاجتماعات واللقاءات الدورية مع مختلف الفئات لنشر ثقافة التوعية بأهمية الحفاظ علي المياه وترشيد استخدامها. وتتنقل اللقاءات في مختلف الأماكن بدءا من دور الحضانة للحديث مع الأطفال من أعمار صغيرة في سن" كي جي" والمدارس. والجامعات المساجد. الكنائس. النوادي . والجمعيات النسائية. ونقدم للجميع الهدايا التي هي عبارة عن هداياً رمزية ومعها كتيبات الإرشادات الخاصة بالمحافظة علي المياه وترشيد استهلاكها.
وتابع: نقوم إدارة التوعية بشركة مياه الشرب بدورها الفاعل في المشاركة المجتمعية. والتعاون مع جميع مؤسسات الدولة للحفاظ علي كل نقطة ماء تحت مظلة الشركة القابضة. حيث نظمت 240 نشاطاً توعوياً شملت زيارات ميدانية لمحطات إنتاج مياه الشرب لتعريف الطلاب بمراحل إنتاج المياه. لتعزيز فهمهم لأهمية الحفاظ علي هذا المورد الحيوي كما تم تنفيذ 200 حملة توعوية ميدانية بجميع أحياء محافظة القاهرة. كما نفذت إدارة المشاركة المجتمعية وإدارة استطلاع الرأي حملات مشتركة مع الجمعيات الأهلية والقوافل الطبية وداخل مراكز الشباب. شملت 113 نشاطاً بهدف التوعية بأهمية الحفاظ علي مياه الشرب.
وأردف: وفي داخل المساجد والكنائس يتم العمل علي نشر الوعي المائي من خلال 30 نشاطاً نُفذت في مختلف مساجد وكنائس القاهرة. استفاد منها 2324 شخصاً تحت شعار "المياه من أجل الحياة".
ونوه رئيس شركة المياه: دائما نناشد المواطنين ونطالبهم بترشيد الاستهلاك لأن الفائدة تعود عليهم قبل الدولة من حيث تخفيف تكلفة فواتير المياه المستهلكة لديهم وادعوهم للاتصال بالخط الساخن 125 الخاص بشكاوي المياه الذي يعمل علي مدار 24 ساعة لتلقي الشكاوي سواء كانت فنية أو نوعية أو تسريبات المياه من أي مكان في المنزل ليتم علي الفور التعامل وحل المشكلة.
اترك تعليق