المتحابون بجلال الله يفوتون يوم القيامة في ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله. وهذه أعظم عطية. لما ورد عن أبي هريرة قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه : سَبْعَة يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمام عادِل. وشابّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالي. وَرَجُل قَلْبُهُ مُعَلَّق في المَسَاجِدِ. وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ. وتَفَرَّقَا عَلَيهِ. وَرَجُلى دَعَتْهُ امْرَأَة ذَاتُ مَنْصِب. وَجَمَال فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه. ورَجُل تَصَدَّقَ بِصَدَقَة فأَخْفَاها. حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ. ورَجُلى ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ". ومن هؤلاء السبعة رجلان تحابا في الله فاجتمعا عليه وتفرقا عليه.

ومنزلة المحبة في الله تعالي لها فضل كبير فهي سبب موصل لحب الله تعالي لعبده. ولذلك كان رسول الله  صلي الله عليه وسلم  يعلي من شأن المحبة في الله ويوصي كلا الصاحبين بأن يخلص في حبه لصاحبه.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلي الله عليه وسلم : إن الله تبارك وتعالي يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ أي بعظمتي وطاعتي لا للدنيا اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله  صلي الله عليه وسلم  يقول: قال الله عز وجل:  المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء . 

والمحبة في الله تعالي السبب الموصل لحب الله تعالي لعبده. فإنه لابد للإنسان في هذه الحياة من صديق مخلص يبادله المحبة والوفاء ويفزع إليه عند الشدائد والملمات ويتذوق في ظلال إخوته لذة التعاون والنصرة ويفضي إليه بذات نفسه ومكنون سره ويشعر إلي جانبه بالطمأنينة والأمن والرضا والهدوء.. لذلك يعلي رسول الله  صلي الله عليه وسلم  من شأن المحبة في الله ويوصي كلا الصاحبين بأن يخلص في حبه لصاحبه فإن أشدهما حباً وإخلاصاً هو أفضلهما وأقربهما عند الله منزلة وقد نوه رسول الله  صلي الله عليه وسلم  بهذا الشأن في أحاديث كثيرة فجعل من علامات المؤمن أن يحب المرء لا يحبه إلا لله وعد من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه.

وأوثق عري الإيمان الحب في الله والبغض في الله قال تعالي:  يا أيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم . وفي الحديث قال رسول الله  صلي الله عليه وسلم : من أحب في الله وأبغض في الله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان. وهذه إحدي الخصال التي يجد بها العبد حلاوة الإيمان. 

وقد كان لكل نبي أصحاب في الله شد الله بهم أزره وقوي بهم دعوته وأعانه علي خصومه وأول صاحب للنبي  صلي الله عليه وسلم  أبو بكر الصديق آمن به وكذبه الناس وهاجر معه وفداه بنفسه وماله وظل وفيا له في حياته وبعد مماته لم تفسده دنيا ولم يغره سلطان قال تعالي:  إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا.

وإذا تتبعنا التاريخ وجدنا بجانب كل مصلح وكل داع إلي الخير إخوانا له في الله لولا مؤازرتهم إياه لم ينجح ولولا إخلاصهم لدعوته لم تثمر.