وردت أسئلة كثيرة ومتعددة يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور دينهم ودنياهم، عرضنا بعضها على فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم. فأجاب بالآتي:
* ما حكم صيام المرأة إذا جاءها إحساس بدم الحيض لكنه لم يخرج قبل الغروب أو أحست بألم العادة؟.. وهل يؤثر ذلك في صحة صيامها؟
** الحيض لا يثبت حكمه إلا بخروج الدم مِن رحم المرأة علي سبيل الصحة مِن غير الولادة، ولا تكون المرأة حائضًا إلا بذلك.. وإحساس المرأة المذكورة بآلام الحيض أثناء صيامها مِن غير نزول الدم مِن الرحم إلي الفرج إلا بعد غروب الشمس -لا يؤثر في صحة صيامِها شرعًا.
* ما حكم الدين في تشبه الرجال بالنساء في الملابس واتباعهم لموضة الغرب؟
** العلماء اختلفوا في معني النهي المراد من تشبه الرجال بالنساء وعكسه. أو التشبه بغير المسلم. واختلفوا في حمله علي الحرمة أو الكراهة أو الإباحة علي حسب اختلاف الطباع والأعراف والعادات التي تختلف من بلد إلي آخر. ومدي موافقة هذه الأعراف والعادات أو مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
وبالتحقيق نجد أن التشبه إنما يكون فيما اختص بالْمُتَشَبَّهِ به عادةً أو طبعًا في جنسِهِ وهيئتِهِ. فإن اختص التشبه في جنسه دون هيئته أو هيئته دون جنسه لم يكن حرامًا، ويكون حكمه حينئذي راجعًا إلي قصد المتشبه.. فإن جري به العرف السليم فلا كراهة، وإلا فهو مكروه.. وتقليد المسلم واتباعه لعادات غير المسلمين وتقاليدهم واتباع كل ما هو جديد -الموضة- في الملبس وغيره: إنما يحرم إذا كان مخالفًا لأحكام الشرع، أو كانوا مختصين بها لأجل كونهم غير مسلمين، وقصد به المسلم مع ذلك تقليدهم فيها من هذا الوجه، أما لو رأي فيها ما يعجبه من جهة الحضارة أو التمدن أو الأخلاق أو الجمال أو غير ذلك مما لا يخالف الشريعة وأحكامها فلا حرج حينئذي، ولا يعد من التشبه المنهيّ عنه في شيء.
والإسلام لا يأمر أتباعه بالتميز أو عدم التشبه لمجرد التميز والمخالفة. وإنما يأمرهم بالأخلاق الحسنة والشمائل الكريمة، ومراعاة كرامة الإنسان، والوفاء بالعهود والمواثيق، ومراعاة النظام العام. واحترام الخَلْق والرحمة بهم.
* ما هو ضابط الغيبة في قوله تعالي: "وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا"؟ وهل ما يقوم به بعض الناس من الحديث مع غيرهم بما تضيق به نفوسهم وهو ما يُسمي بالتنفيس عن النفس (الفضفضة) يُعدُّ من الغيبة الممنوعة شرعًا؟
** ضابط الغيبة المنهي عنها في الآية الكريمة هو ذكر المرء بِمَا فيه مما يَكْرَهُ في دينه أو دنياه أو أهله أو غير ذلك مما يتعلق به» سواء كان ذلك باللفظ أو بالإشارة أو الرمز.. وإذا ذكره بما ليس فيه كان بهتانًا» وهي محرمة شرعًا.
أما حديث الإنسان مع غيره بما يضيق به صدره ويصعب عليه تحمله -وهو ما يسمي بالتنفيس عن النفس أو الفضفضة-.. فلا يدخل في معني الغيبة المحرمة ما دام أنَّه من قبيل الاستشارة المنضبطة لغرض إيجاد الحلول وطلب النصيحة.
* ما حكم الإنشاد الديني مع الموسيقي؟
** ما دام الإنشاد محتواه وكلامه حسن ويرقِّق القلوب فلا مانع منه حتي لو كان مصحوبًا بالموسيقي، مادام في الموضع والمكان المناسبين.. والموسيقي تأخذ أحكامه وضوابطه الشرعية أيضًا، فينبغي ألَّا تحرك الغرائز وألا تضيِّع أوقات الواجبات، بل يجب أن ترقي أحاسيس الإنسان وتعمل علي سموِّ روحه.
* متي يجوز الإجهاض شرعًا؟
**پدار الإفتاء المصرية تري أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا.. بعد نفخ الروح في الجنين، إلَّا لضرورةي شرعية.. بأن يقرر الطبيبُ المتخصص أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرى علي حياتها، فحينئذي يجوز إسقاطه» مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها علي حياة الجنين غير المستقرة.
* زوجتي تتعالي عليّ. وهل يمكن أن ألجأ لضربها؟
** ينبغي أن تسود المعاملة الحسنة والاحترام المتبادل والمودة بين الزوجين، وألا يهين أحدهما الآخر.. أمَّا الضرب فيجب أن يُفهم مدلوله وكيفيته وَفقًا للمسلك والنموذج النبوي الشريف فى التعامل مع زوجاته، إذ تقول السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: "ما ضرب رسول الله صلَّي الله عليه وسلم أحدًا من نسائه قط، ولا ضرب خادمًا قط. ولا ضرب شيئًا بيمينه قط إلا أن يجاهد في سبيل الله"، بل إنه نهج مغاير لمنهج الصحابة رضوان الله عليهم، كما ثبت عن سيدنا عمر رضي الله عنه، فقد صبر على خلافه مع إحدي زوجاته باستحضاره لإيجابياتها وفضائلها.
* ما الحكم في زوجة طلقها زوجها ثم مات أثناء العدة فبأي عدة تعتد؟ عدة المطلقة أم المتوفي عنها زوجها؟
** إذا طلق الرجل زوجته طلاقًا رجعيًّا ثم مات وهي في العدة سقطت عنها عدة الطلاق واستأنفت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا من وقت الوفاة.. لأن المطلقة الرجعية زوجة ما دامت في العدة ويسري عليها قوله تعالي: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُري وَعَشْرًا".
وإذا طلق الرجل زوجته طلاقًا بائنًا ثم مات فإنها تكمل عدة المطلقة، ولا عبرة بموته.. لأن العلاقة الزوجية قد انتهت بالطلاق البائن.. سواء أكان بينونة صغري أم كبري.
اترك تعليق