هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

مزامير داود.. الشيخ محمود عبد الحكم.. القارئ العابد الزاهد

حمل بين راحتيه إكسير القرآن.. وراح يسقيه العطاشي في كل مكان.. جاب الأقطار وعبر البحار.. ونزل العواصم.. وأيقظ بتلاوته الغافل والنائم.. استمتعت به البلاد والعباد.. شعوبى وقوميات.. ألوانى وجنسيات.. لغاتى ولهجاتى.. هو القارئ العابد الزاهد..حباه الله صوتاً متميزاً.. تلمسُ في صوته رنة حزني وشجن.. شكلت مع قوة نبرات صوته مسبحة خشوع عظيم لإيمانه بما يتلو.. لم يستمع إليه أحد إلا أحبه.. ولم ينس قطُ ذكره.. فلصوتهِ قرارى عميق وجواب سليم كما تم وصفه.


الشيخ محمود أحمد عبد الحكم من مواليد يوم الاثنين 17 ربيع أول 1333هـ الأول من فبراير 1915. وُلِدَ في منزل والده بقرية الكرنك مركز أبو تشت محافظة قنا. ونشأ في أسرة متدينة. فوالده كان أحد أشهر علماء بلدته المشهود لهم بالعلم والحكمة وتقدير الناس له.
ألحقه أبوه بكتاب القرية منذ صغره» فأتم حفظ القرآن قبل العاشرة من عمره. وتعلم خلال تلك الفترة أصول القراءة وقواعدها فكان يرتل القرآن ويجوده بصوتي عذب وبثقة بالغة وسط تشجيع أهله وأصدقائه. ولمَّا أحسَّ الأب النبوغ وحسن الصوت في صغيره "محمود" ألحقه بالمعهد الأحمدي بطنطا لتحصيل باقي العلوم القرآنية. ومكث به عامين ثم التحق بالأزهر الشريف بالقاهرة ينهل من علمه عامين آخرين.

بدأ الشيخ "محمود عبد الحكم" في المشاركة في إحياء المناسبات الدينية والقراءة في السرادقات بصوته الشجي. وشجعه حب الناس واندهاشهم من رخامة صوته المشحون بالشجن والخشوع مع روعة الأداء. إلي أن يَهِبُ نفسهُ لخدمة القرآن زهداً في عرض الدنيا ولينشر لواءه في مشارق الأرض ومغاربها ابتغاء مرضاة الله ملتزما بالأداء السليم. حتي بلغت شهرته عنان السماء وأصبح من قراء عصره المتميزين.

لم يكن الشيخ "محمود" مُحِبَّاً لكنز المال ولم يلق له بالا. فلم يعتاد أن يحدد لنفسه مبلغاً مالياً معيناً كأجر له عن قراءته في سرادق عزاء أو غيره. وإذا أعطي مبلغاً عن قراءته يضعه في جيبه دون أن يعده أو يعرف مقداره. بل كان ينفق أحياناً من جيبه الخاص علي القائمين علي الخدمة في المأتم.

تعرض الشيخ "محمود عبدالحكم" عام 1965 لحادث مميت عند تلبيته لدعوة وزير الأوقاف الجزائري لافتتاح أحد المساجد هناك في شهر رمضان. حيث إنه في طريقه إلي المسجد انقلبت السيارة به وبمرافقيه من كبار المسئولين بوزارة الأوقاف الجزائرية» فأصيب الشيخ ونقل إلي المستشفي وظل بها مدة شهر تقريباً» ثم عاد إلي القاهرة. وكانت مفاجأة له عندما علم بمصرع جميع مرافقيه بسبب الحادث ولم يكتب لغيره النجاة. ومنذ ذلك الوقت والشيخ توعكت صحته واحتسب ذلك عند الله. وقد عاش بعدها سبعة عشر عاماً يواصل خدمته للقرآن الكريم ويسجد لله شاكراً علي نجاته قارئا للسورة بمسجد السيدة نفيسة حتي توفاه الله.

جاب الشيخ "محمود" معظم دول العالم العربي والاسلامي لإحياء لليالي رمضان الكريم فزار كل البلاد العربية بلا استثناء. وكذلك "الهند. وماليزيا. والملايو. وسنغافورة. وسول بكوريا الجنوبية". وسجَّل المصحف المرتل بالكويت عام 1980 كما سجَّل لإذاعات "باكستان. والهند. وأندونيسيا. وكوريا. وقطر. وتركيا. والمغرب. والسعودية". كما أن له تسجيلاً في بعض الإذاعات الأجنبية التي تبث برامجها باللغة العربية مثل إذاعة لندن وصوت أمريكا.

ظل الشيخ يقدّم تلاواته عشرات السنين حتي رحل عن دنيانا يوم الاثنين الموافق 13 سبتمبر من عام 1982 عن عمر ناهز 67 عاما. 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق