هذه حكمة تخصيص سيدنا إبراهيم بالذِّكر في الصلاة دون سائر الأنبياء
انتقاب الفتيات من قبيل العادات لا المطلوبات الشرعية
صلاة الجنازة والقيام بدفن الميت في أوقات الكراهة صحيح شرعًا
هذه ضوابط وقوع الطلاق عبر المراسلات الإلكترونية
وردت أسئلة كثيرة ومتعددة يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور دينهم ودنياهم. عرضنا بعضها علي فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية. رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم. فأجاب بالآتي:
* ما حكم احتكار العملة الأجنبية لبيعها بسعر أعلي. وهل يدخل في الاحتكار المحرم؟
** نعم. يدخل ذلك في الاحتكار المحرم شرعًا. وهو أيضًا مُجَرَّمى قانونًا. ومرتكبُ هذا الفعل مرتكبى لإثمي كبير» لأنه يضيق علي عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شحِّ العملة. فيلحق الضرر باقتصاد البلاد. ويؤثر سَلْبًا في الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية. ويوقع المحتاجين في المشقة والحرج.
ولا يجوز التعامل في النقد الأجنبي إلا عن طريق البنوك وشركات الصرافة المعتمدة المرخص لها في هذا النوع من التعامل. والمال المكتسب مما يعرف بـ "تجارة السوق السوداء" كسبى غير طيِّبي.
* ما الحكمة من تخصيص سيدنا إبراهيم عليه السلام بالذِّكر في الصلاة الإبراهيمية. التي تقال في التشهد الأخير في الصلاة من دون سائر الأنبياء؟ وهل يتعارض ذلك مع أنه صلي الله عليه وآله وسلم أفضل الخلق علي الإطلاق؟
** الحكمة من تخصيص سيدنا إبراهيم عليه السلام بالذكر دون غيره من الأنبياء عليهم السلام تظهر من عدة أوجه.. أن سيدنا إبراهيم عليه السلام سأل اللهَ أن يجعل له لسانَ صدقي في الآخرين.. وأنه سمَّانا مسلمين من قَبْل. فله علينا منَّة عظيمة. فجاء التخصيص من باب المجازاة ومقابلة الإحسان بالإحسان.. وأن نبينا صلي الله عليه وآله وسلم إنما هو دعوة إبراهيم عليه السلام.. وأن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما فَرَغَ من بناء الكعبة دَعَا لأمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأنه سلَّم علي أمة سيدنا محمد دون سائر الأنبياء ليلة المعراج.. وأن المطلوب صلاة يَتَّخِذُ الله تعالي بها نبينا الكريم صلي الله عليه وآله وسلم خليلًا كما اتخذ إبراهيم عليه السلام خليلًا.
كما أن طلب الصلاة والبركة لسيدنا محمد مثل سيدنا إبراهيم عليهما السلام لا يتعارض مع أنه صلي الله عليه وآله وسلم أفضل الخلق علي الإطلاق» لاحتمال أن التشبيه ليس علي بابه. وإنما لبيان حال المشبه من غير نظر إلي قوة المشبه به. أي: بيان حال ما لا يُعرَف بما يُعرَف. أو أن التشبيه علي بابه وله عدة معان تنافي الأفضلية في القدر. وهي أنه عليه الصلاة والسلام إما سأل ذلك له ولأمته علي المجموع بأن آل محمد كل من اتَّبَعَهُ» تَكْرِمَةً لهم. بأن يُكَرَّمَ رسولهم علي ألسنتهم. ولأجل أن يُثَابُوا عليه.. أو أنه صلي الله عليه وآله وسلم أراد: اللهم أَجِبْ دعاء ملائكتك الذين دعوا لآل إبراهيم. فقالوا: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت. وفي محمد وآله. كما أجبته في الذين وُجدوا يومئذ من أهل بيت إبراهيم. فإنه وآله من أهل بيته أيضًا.. أو أراد: اللهم تَقَدَّمَتْ منك الصلاة علي إبراهيم. وعلي آله. فنسأل منك الصلاة علي محمد وآله. تشبيهًا لأصل الصلاة بأصل الصلاة لا القدر بالقدر.. أو أنه تشبيه في عطيةي تحصل للنبي صلي الله عليه وآله وسلم لم تكن حصلت له قبل الدعاء» لأن الدعاء إنما يتعلق بمعدوم في المستقبل.
* أنا ولي أمر طالبة في مرحلة الثانوية العامة. وقد صدر قرارى من الجهات القائمة علي العملية التعليمية يتضمَّن إلزام الطلاب بارتداءِ زيّي مُوحَّد. كما يتضمَّن إلزام الطالبات بكشف وجوههنَّ داخل الأبنية التعليمية. وكانت ابنتي بدأت ترتدي النقاب منذ بلوغها» فنرجو الإفادة بالرأي الشرعي في هذا الأمر؟
** انتقاب الفتيات هو من قبيل العادات لا المطلوبات الشرعية. والمطلوب شرعًا من المسلمة المكلفة هو كلُّ زِيّي لا يَصِف مفاتن الجسد ولا يشفُّ عمَّا تحته. ويستر الجسم كلَّه ما عدا الوجه والكَفَّيْن.
ويجوز للجهات القائمة علي العملية التعليمية إلزام الطلاب والطالبات بتوحيد زيِّهم المدرسي. ومنع تغطية الفتيات لوجوههنَّ داخل الأبنية التعليمية. ويجب علي الطلاب وكذلك أولياء الأمور الالتزام بذلك.
* ما حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن في أوقات الكراهة؟
** صلاة الجنازة والقيام بدفن الميت في أوقات الكراهة صحيح شرعًا. بَعْدَ صلاة الصبح حتي تَطْلُع الشمس. وبَعْدَ صلاة العصر حتي تغْرُب الشمس بإجماع الفقهاء.
ولمن أداؤها عند طلوع الشمس أو إذا استوت حتي تزول أو عند الغروب» فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك. والمختار للفتوي: جواز صلاة الجنازة في كلِّ وقت. بما في ذلك أوقات الكراهة ما دام قد وقع ذلك في حال الضيق والاضطرار لا في حال السعة والاختيار» فقد تقرر شرعًا أنه: يُفْعَلُ فِي الاضطِرَارِ مَا لَا يُفْعَلُ فِي الاخْتِيَارِ.
* ما مدي وقوع الطلاق من عدمه عن طريق كتابة الزوج لفظ الطلاق في رسالة إلكترونية "رسائل الـ SMS. أو الواتساب. أو البريد الإلكتروني. ونحوها"؟
** قيام الزوج بكتابة رسالة موجهة إلي زوجته بلفظ طلاقي صريح عبر وسيلة من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة -كالرسائل النصية "SMS". ومراسلات الواتساب "WhatsApp". ومراسلات البريد الإلكتروني "Email" ونحوها- يُرجع فيه إلي نيته وقت الكتابة سواء وجهه إلي الزوجة أو غيرها» لأن الكتابة من أقسام الكناية علي المختار في الفتوي» وهو مذهب فقهاء الشافعية والحنابلة. ووافقهم المالكيةُ فيما إذا وجهه إلي غير الزوجة.
ويراعي في الحكم بوقوع مثل هذه الصور الكتابية من مسائل الطلاق: أن يكون الزوج هو صاحب الرسالة المكتوبة بالفعل. وأن تكون الرسالة موجهة من الزوج لمعلومي قاصدًا إيصال مضمونها إلي زوجته "سواء أرسلها للزوجة أو غيرها". وأن يكون اللفظ المكتوب في الرسالة هو ممَّا يستعمل في الطلاق. أن يتوفر لدي الزوج قصد إيقاع طلاق زوجته وقت كتابة الرسالة وإرسالها لا قبله ولا بعده. فإن كان عازمًا حينئذي علي الطلاق. وقع الطلاق. وإن كتب ذلك ولم يكن ناويًا للطلاق. لم يقع الطلاق. وأن يقصد الزوج إنشاءَ طلاقي في الحال. لا الإخبار بطلاقي سابقي يعتقد وقوعه. أو مجرد الكتابة أو أراد شيئًا آخر غير الطلاق كغَمِّ الزوجة وإدخال الحزن عليها ونحو ذلك.
وهذا كله مع مراعاة قواعد الإثبات والاعتداد بالمراسلات عبر البرامج المذكورة واستيفاء الشروط والضوابط الفنية والتقنية المنصوص عليها في قانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية الصادرة رقم "109" لسنة "2005م" وفقًا لآخر تعديل صادر في "23" إبريل عام "2020م"» فإذا توافرت هذه الشروط مجتمعة: حُكِمَ بوقوع الطلاق. وإن افتُقدت أو أحدها: صُرفَ الطلاق إلي غيره. بأن يكون بدافع الغضب أحيانًا. أو التهديد. أو الهزل. أو مجرَّد رد فعل في موقف معين أحيانًا أخري. دون وجود أيِّ نية لإيقاع الطلاق. أو قاصدًا بها الإخبار بطلاقي سابقي لا إنشاءه.
اترك تعليق