هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

أم الدحداح الأنصارية.. والفوز بالجنة

أم الدحداح الأنصارية هي صحابية جليلة وواحدة من نساء الصحابة اللائي كان لهن دور جليل في تاريخ الإسلام بعد أن نالت شرف الدخول فيه.. ضربت أبلغ المثل للزوجة المطيعة المؤمنة تقربا إلي الله. وإيثارا لما عنده.. عرفت بالعطاء والوفاء والإخلاص.


فقد أسلمت حين قدم مصعب بن عمير المدينة سفيرا لرسول الله صلي الله عليه وسلم ليدعو أهلها إلي الإسلام.. وأخذ يفقهم ويعرفهم به. فبدؤوا يدخلون في دين الله أفواجا. وكانت أم الدحداح في مقدمة النسوة اللواتي تذوقن حلاوة الإيمان من أول يوم سطع فيه نور الإسلام في المدينة المنورة.

بعد ذلك عكفت أم الدحداح وزوجها علي قراءة آيات القرآن الكريم. يعمرون بها قلوبهم. ويستجيبون لما يدعو إليه عملا. وهم في غبطة بما تفيئة آياته الكريمة من سعادة في الدارين.. حتي أشرقت نفوسهما بنور القرآن.

وكان لأم الدحداح دور جليل في تاريخ الإسلام بعدما سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: "من تصدق بصدقة فله مثلها في الجنة" مما جعلها تتيقن أن الله يريد لعباده الفوز بجنة عرضها السماوات والأرض لمن يجاهد متاع الدنيا الفاني ويرضي بالقليل فآثرت النعيم الدائم علي النعيم الزائل. فآزرت زوجها الصحابي الكريم ثابت بن الدحداح أحد الأتباع الأبرار الذين اقتدوا بالنبي "صلي الله عليه وسلم".. وساروا علي نهجه وبذلوا في سبيل مرضاته نفوسهم وأرواحهم وأموالهم علي التصدق بما يملك حيث كانت عندهم أرضا وفيرة في مائها غنية في ثمرها. فلما نزل قول الله تعالي "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسن" بادر علي الفور أبوالدحداح إلي التصدق بها ابتغاء ثواب الله عز وجل. ومن ورائه زوجته أم الدحداح التي كانت معينه لزوجها في أعمال الخير.. وكانت تحضه علي ذلك دائما طمعا بما وعد الله به عباده المؤمنين. فذهب ابو الدحداح لرسول الله وقال: فداك أبي وأمي يارسول الله. إن الله يستقرضنا وهو غني عن القرض؟.. قال صلي الله عليه وسلم:

"نعم يريد أن يدخلكم الجنة به" قال: فإني إن أقرضت ربي قرضا يضمن لي به ولصبيتي الدحداحة معي في الجنة؟.. فقال نعم. فقال: إن لي حديقتين إحداهما بالسافلة والأخري بالعالية. والله لا أملك غيرهما قد جعلتهما قرضا لله تعالي. فقال رسول الله "صلي الله عليه وسلم" "اجعل إحداهما لله. والأخري دعها معيشة لك ولعيالك" قال أبوالدحداح: فأشهدك يا رسول الله أني جعلت خيرهما لله تعالي. وهو حائط فيه ستمائة نخلة.. قال الرسول "صلي الله عليه وسلم" "إذا يجزيك الله به الجنة". فانطلق أبوالدحداح حتي جاء أم الدحداح وهي مع صبيانها في الحديقة تدور تحت النخل. فأنشد يقول:

هداك الله سبل الرشاد.. إلي سبيل الخير والسداد
بيني من الحائط بالوداد .. فقد مضي قرضا إلي التناد
أقرضته الله علي اعتمادي بالطوع لا من ولا ارتداد
إلا رجاء الضعف في المعاد.. فارتحلي بالنفس والأولاد

.. تهلل وجه أم الدحداح فرحا. وغمرت السعادة قلبها. وظهر المعدن النقي القائم علي الفطرة الطاهرة. وهي تسمع كلمات زوجها فكانت له خير معين علي الخيرات والعمل علي الفوز بالآخرة.. فقالت له: ربح بيعك.. بارك الله لك فيما اشتريت. ثم أنشدت أم الدحداح تقول: بشرك الله بخير وفرح.. مثلك أدي ما لديه ونصح.. قد متع الله عيالي ومنح.. بالعجوة السوداء والزهو البلح.. والعبد يسعي وله ما قد كدح طول الليالي وعليه ما اجترح.

ثم اندفعت أم الدحداح علي صبيانها تخرج ما في أفواههم. وتنفض ما في أكمامهم حتي أفضت إلي الحائط الآخر. لأنها كانت تتمني أن يفوزوا بأسمي وأنبل ما يتمناه المؤمن الصادق وهي الجنة فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح".

وبذلك نري ان أم الدحداح بما فعلت مع أبنائها قد سجلت موقفا رائعا في الإيثار يتألق روعة ويجعلها في مقدمة النساء اللواتي تذوقن حلاوة الإيمان ولهن دور جليل في تاريخ الاسلام.

كانت الصحابية الجليلة أم الدحداح تتمني لأبي الدحداح الشهادة في سبيل الله.. فلما جاءت غزوة أحد. ودع أبو الدحداح زوجته وأولاده. وانطلق مع المجاهدين إلي لقاء المشركين ولما تفرق المسلمون أثناء المعركة وحدث بها هرج ومرج. ثبت أبو الدحداح مع مجموعة من الأنصار وقاتل نال الشهادة عندما طعنة بالرمح خالد بن الوليد قبل أن يسلم.. وكانت طعنة نافذة فوقع أبو الدحداح شهيدا وقتل من كان معه من الأنصار في معركة احد.

وصل نبأ استشهاد أبي الدحداح إلي أسماع زوجته أم الدحداح رضي الله عنها فلم تلطم ولم تشق ثوبها. ولم تعفر رأسها بالتراب. مثلما كان يحدث في الجاهلية. وإنما كبرت واسترجعت واحتسبته عند الله عز وجل. لأنها تعلم بأنه نال شرفا عظيما. وحظي بمرضاة الله.. وهو حي مع الشهداء في جنان الخلد.

وغمر أم الدحداح السرور عندما علمت أن النبي صلي الله عليه وسلم قد عاد سالما من أحد. لأنها تعرف كل مصيبة بعد سلامة رسول الله صلي الله عليه وسلم هيئة.. رضي الله عنها وأرضاها.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق