خوله بنت ثعلبه بن مالك الخزرجية هي صحابية جليلة بايعت رسول الله هى وزوجها أوس بن الصامت ..والتى عرف عنها انها من ربات الفصاحة والبلاغة فهى التى سمعها الله من فوق سبع سماوات.
كانت تشتهر خوله بنت ثعلبه بين قومها بالتقوي والخوف من الله وتحرى الأحكام الشرعية ويظهر ذلك من موقفها مع زوجها عندما حدث بينهم شجار حاد ولم يستطع أى منهما تداركه فقال لها أوس : أنت علي كظهر أمي.. فقالت: والله لقد تكلمت بكلام عظيم ما أدري مبلغه.. ومظاهرة الزوج لزوجته تعنى أن يحرمها على نفسه، وبذلك القسم يكون قد هدم البيت الذى جمعهما لسنين طويلة.
وقد سلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته.. ولكن بعد التفكير العميق الذى دار فى رأس خوله بنت ثعلبه فقررت أن تذهب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم وروت له المأساة التي حلت بحياتها وطلبت منه ان يفتيها كى ترجع الى زوجها .. قالت فجعل رسول الله يقول "يا خويلة ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه قالت: فوالله ما برحت حتي نزل في قرآن فتغشى رسول الله ما كان يتغشاه ثم سرى عنه فقال لى يا خويلة قد أنزل فيك وفي صاحبك قرآنا ثم قرأ علي قوله تعالي قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى الى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير، الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا الائى ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور، والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم "سورة المجادلة".
أوضحت لنا هذه الايات مدي حرص هذه المرأة على بيتها وزوجها وأولادها من خلال مجادلتها للنبى صلي الله عليه وسلم.. رغم أنها كانت تعيش معه حياة فقيرة معدمة ولكنها كانت سعيدة راضية بما قسمة الله لها.. وحريصة على مستقبل وتماسك اسرتها.
ولولا رجاحة عقلها وحكمة تصرفها وقوة رأيها ما رفعت الأمر إلى النبى "ص" ولقعدت فى بيتها تجتر الهموم حتى تهلك هى واسرتها ولما كانت سببا فى نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل المسلمين و المسلمات جميعا إلى يوم القيامة..وهذا التشريع العظيم هو حل مشكلة الظهار.
ويبين لنا جرأتها فى الحق حوارها مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين وكان راكبا علي حمار فاستوقفته خوله طويلا ووعظته، قائلة يا عمر عهدتك وأنت تسمى عميرا فى سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين.. فاتق الله خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن خاف الموت خشي الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب.. قالت كل ذلك وعمر بن الخطاب رضي الله عنه واقف أمامها . يسمع كلامها في إمعان وقد أحنى رأسه مصغيا إليها ... وقد كان برفقته أحد مرافقيه وهو جارود العبدي الذي قال لها فى غضب " قد أكثرت أيتها المرأة العجوز على أمير المؤمنين " فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "دعها أما تعرفها.. هذه خولة التى سمع الله قولها من فوق سبع سماوات وعمر أحق والله أن يسمع لها" رضي الله عنها وارضاها.
اترك تعليق