الشيخ طه الفشني رائد التواشيح الدينية الأول في مصر. الذي أصبح صوته من العلامات الفارقة والمميزة لزكريات الشهر الكريم في ذاكرة ووجدان المصريين والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
نشأ الشيخ طه الفشني الذي ولد بمدينة الفشن في محافظة بني سويف عام 1900 داخل أسرة متدينة ميسورة الحال.. حيث كان والده مرسي الفشني يعمل تاجراً للأقمشة. الذي سعي إلي إلحاق ابنه بكتَّاب القرية.. فاجتهد الابن وأتم حفظ القرآن الكريم في سن العاشرة من عمره وأكمل تعليمه في محافظة المنيا وحصل علي دبلوم المعلمين بها.
لتحقيق رغبة والده. انتقل الشيخ طه إلي القاهرة ليستكمل دراسته في مدرسة القضاء الشرعي أو ما تعرف حالياً بدار العلوم لكي يكون قاضياً شرعياً.. إلا أن أحداث ثورة 19 حالت بينه وبين تحقيق هذا الهدف وأجبرته للعودة إلي بلدته.
عاد الشيخ مرة أخري إلي القاهرة ولكن وجهته هذه المرة كانت للدراسة في الأزهر وحصل علي إجادة علم القراءات علي يد الشيخ عبدالحميد السحار واتقن علوم التجويد.. وانضم إلي بطانة التواشيح الدينية الخاصة بالشيخ علي محمود صاحب مدرسة الطرب المصري والذي تتلمذ علي يديه أمهر وأشهر موسيقي مصر بعد أن جاوره في حي الحسين وأقام في حارة الروم.
تميز الشيخ بطول النفس وقدرته علي أدائه للتواشيح الدينية.. حتي أنه كان ينشد القصيدة الواحدة لمدة أربع ساعات متصلة.
بدأ نجم الشيخ طه الفشني في الظهور عندما قدمه أستاذه الشيخ علي محمود للقراءة في احدي الليالي الحسينية عام 1937 واستمع إليه سعيد لطفي باشا رئيس الإذاعة وقتها. الذي أبدي إعجابه الشديد بتلاوة الشيخ الفشني وعرض عليه الإلتحاق بالإذاغة.. وخصصت له الإذاعة قراءة ساعة إلا ربع في مساء كل يوم عبر أثيرها.. وكان بذلك ثالث قارئ تتعاقد معه الإذاعة بعد الشيخين محمد رفعت وعبد الفتاح الشعشاعي.. وأصبح مقرئاً للإذاعة ومنشداً للتواشيح الدينية علي مدي ثلث قرن.
أنشأ الشيخ طه فرقته الخاصة بالإنشاد الديني عام 1942 مع استمراره في تلاوته للقرآن الكريم.. واستطاع أن يحفر اسمه بين أعلام فن التواشيح.. وساعد علي تدريب المواهب الصاعدة من بطانة المنشدين.. وبدأت شهرته تتسع سواء في التلاوة القرآنية أوالإنشاد.. حيث انه كان أول من أدخل النغم علي التجويد مع المحافظة علي الأحكام ولقبه المتخصصون في علم المقامات بملك العذوبة في الصوت ووصل لدرجة يطلق عليها علماء الأصوات "الأكتفن" أي أن صوته يصل لقمة الدرجات الموسيقية لصوت الرجال وهو مايعرف باسم جواب الجواب.
شارك الشيخ طه الفشني الشيخ مصطفي إسماعيل في إحياء الليالي والسهرات الرمضانية لمدة تسعة أعوام داخل القصرين الملكيين برأس التين وعابدين في حضور الملك فاروق الذي كان شغوفاً بهما.. وافتتحوا معاً إرسال التليفزيون المصري وكانوا من الرعيل الأول الذين قرأوا به في 26 من أكتوبر سنة 1936.
بعد أن برع في دراسة القراءات والموسيقي العربية والمقامات جمع الشيخ طه الفشني بين الطرب والإبتهال وقراءة القرآن الكريم.. حيث امتهن الطرب فترة من حياته.. وأثبت تفوقاً علي أقرانه من المطربين الذين طاروا فرحاً عندما عدل الشيخ طه عن الغناء وتفرغ للتلاوة القرآنية والتواشيح الدينية. لأنه بذلك أفسح لهم المجال.. حتي شهدت له أم كلثوم بأنه ملك القصائد والتواشيح.
فيذكر أنه شاركها بجانب محمد عبد الوهاب في أحياء حفل زواج الملك فاروق كمطرب وتمكن الشيخ من التنوع في صوته بشكل مميز وكان يستطيع أن يقرأ القرآن بالتلاوات السبع وينشد أبيات المديح بست طرق وطاف بصوته في كل قري ومدن مصر.
اترك تعليق