تتعدد صور معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي ومن ابرز صور هذه المعاناة الحواجز التي تمزق بها قوات الاحتلال اوصال الضفة الغربية وتمتهن عن طريقها ابناء الشعب الفلسطيني وتدمر مقومات حياته .. ويؤكد خبراء أن التهجير القسري لسكان غزة من المنطقة الحدودية إلي جانب أجزاء أخري من القطاع يمكن أن ينتهك قوانين الحرب.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي مع بداية االعدوان الاسرائيلي علي غزة شهدت الضفة الغربية تصاعد غير مسبوق في نصب الحواجز والبوابات علي مداخل المحافظات والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية وتشديد الخناق علي حركة المواطنين بوتيرة متسارعة وهو ما ألقي بظلاله علي مختلف نواحي الحياة اليومية حتي أصبح التنقل بين محافظة وأُخري أو بين بلدة وأُخري مقروناً برحلة من العذاب والمعاناة وهدر الوقت ما اضطر آلاف الموظفين والعاملين إلي المبيت في أماكن قريبة من عملهم أو تقليص أيام عملهم.
وسط هذه المعاناة يبذل السائقون جهداً كبيراً في البحث عن طرق بديلة محفوفة بالمخاطر خشية من اعتداءات المستوطنين الذين أطلق لهم الاحتلال الإسرائيلي العنان وبحماية من الجيش لممارسة إرهابهم تجاه الفلسطينيين .. ويؤدي ذلك الي اعباء اضافية علي السائقين من طول المسافات وارتفاع أجرة إصلاح الأضرار التي تلحق بالمركبات.
ومع مرور أكثر من 124 يوماً علي بدء العدوان طرأ ارتفاع ملحوظ وغير مسبوق علي عدد الحواجز الإسرائيلية ووضع العديد منها.. وتشير الاحصائيات الي ارتفاع عدد الحواجز بنهاية العام الماضي الي 649 حاجزا بزيادة 49 حاجزاً جديداً بعد 7 أكتوبر .. وتم تغيير وضع 100 حاجز من خلال تشديد إجراءات المرور بحق الفلسطينيين ولا يشمل ذلك التغييرات التي أجرتها سلطات الاحتلال علي البوابات الزراعية التي تفصل المواطنين عن أراضيهم. والتي انعكست سلباً علي موسم قطف الزيتون.
ويتحدث المراقبون عن مثال علي التغييرات النوعية التي أدخلها الاحتلال علي الحواجز مثل حاجز جبع شمالي مدينة القدس المحتلة والذي يتم فتحه أمام الفلسطينيين المتجهين إلي الجنوب في تمام الساعة السابعة صباحاً بعد تأمين حركة تنقل المستوطنين وإعطائها أولوية مما يحرم الفلسطيني مجموعة حقوق كفلتها القوانين الدولية والإنسانية كافة .. كالحق في التعليم والعمل والوصول إلي المراكز الصحية وأماكن العبادة وكل ذلك يتم وسط أجواء من التحريض والتسليح لعشرات آلاف المستوطنين برعاية قوات الاحتلال.
ويري معلقون أن ما تشهده الضفة الغربية ومدينة القدس من تشديدات غير مسبوقة تأتي في إطار الثأر من الشعب بعد فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية في الحفاظ علي الأمن وتحقيقه بعد ما حدث في السابع من أكتوبر .. وقالت نادية هاردمان الخبيرة في حقوق اللاجئين في منظمة هيومن رايتس ووتش نري أدلة متزايدة علي أن إسرائيل يبدو أنها تجعل أجزاء كبيرة من غزة غير صالحة للعيش .. متابعة أحد الأمثلة الواضحة علي ذلك قد تكون المنطقة العازلة وهذا قد يرقي إلي جريمة حرب.
وحذرت سيسيلي هيلستفيت من الأكاديمية النروجية للقانون الدولي من احتمال التطهير العرقي أو الترحيل أو عدم إعادة الإعمار حتي يضطر الفلسطينيون في نهاية المطاف إلي الخروج من المنطقة بالكامل.
قال عدي بن نون الأستاذ في الجامعة العبرية بالقدس الذي يجري تحليلاً مستمراً لما تلتقطه الاقمار الصناعية : إن ما يجري في الضفة الغربية من اقتحامات متتالية وتسليح للمستوطنين وتقطيع أوصال المحافظات والبلدات ومحاولات خنق الشعب الفلسطيني وفرض سياسة العقاب الجماعي والتنكيل بالأسري هي استغلال لانشغال العالم بما يجري من إبادة جماعية في غزة.
أوضح بن نون أن أكثر من 30% من مجمل المباني في المنطقة تضررت أو دمرت خلال العدوان.. مضيفا منذ الـ 7 من أكتوبر الماضي استهدفت القوات الإسرائيلية المباني الواقعة علي بعد كيلومتر واحد من الحدود في غزة.
وفي الوقت الذي تسابق آلة الحرب الإسرائيلية الزمن من قتل وتدمير ممنهجين في قطاع غزة تقوم بإجراءات مماثلة وإن كانت لا تلفت النظر بالطريقة ذاتها في الضفة الغربية ومدينة القدس ولا سيما تقطيع أوصال المحافظات والبلدات الفلسطينية وإنشاء طرق التفافية للمستوطنين وربط المستعمرات الإسرائيلية بعضها ببعض والعبث بالجغرافيا الفلسطينية وتشويهها لمصلحة مشروعها الاستيطاني الذي يستهدف فلسطين التاريخية بأكملها.
اترك تعليق