مازال ضحايا النصب الإلكتروني يسقطون يوميا في فخ، التطبيقات الإلكترونية لتوظيف الأموال الوهمي، التي تمنيهم بالأرباح الكبيرة والسريعة من التجارة الإلكترونية عبر منصات الاستشمار غير الرسمية. وهي تنطلق في الأساس من خارج حدود الدولة، حيث يتخفي القائمون عليها خلف مسميات أجنبية لتطبيقات ازدحم بها الفضاء الإلكتروني كان آخرها "الفوريكس والأوميجا برو "، فأصبحت بلاغات النصب الإلكتروني هي أكثر ما تتلقاه مباحث الأموال العامة وإدارة المعلومات والتوثيق بمباحث الانترنت بوزارة الداخلية، والتي نجحت مؤخرا في رصد وتتبع أحد تلك التشكيلات، وضبطت عددا من أفرادها، حيث تبين أنها مكونة من 6 أشخاص 3 منهم خارج البلاد.
اعترف الجناة بأنهم تلقوا مبالغ مالية من عدد من المواطنين بلغت 3 ملايين جنيه عن طريق محافظ إلكترونية بزعم توظيفها وإستثمارها لهم في مجال التجارة الإلكترونية فيما يعرف بنظام "الفوركس" مقابل أرباح متفق عليها . وأنه عقب ذلك قاموا بإغلاق التطبيق الاحتيالي وتوقفوا عن سداد الأرباح المتفق عليها والإستيلاء علي أصول المبالغ المالية.
"الجمهورية أون لاين" نقلت تجربة أحد الضحايا الذي كشف كيف تم استدراجه علي أحد التطبيقات الإلكترونية ثم دفع الثمن بخسارة كل أمواله، كما نقلت تحليل وأراء المختصين حول انتشار تلك الظاهرة وكيفية مواجهتها ونصائحهم للمستخدمين
أسامة محمد- 25 سنة مؤهل عال- واحد من ضحايا منصات الاستشمار الوهمي للأموال يروي لـ"لمساء" كيف سقط في فخ النصب الإلكتروني قائلا: تطبيقات توظيف الأموال أمثال "ome ga pro"." الفوريكس".
"IMARC GROUP" "Uipath Aismartbit" "Poloniex" ما هي إلا طريقة مبتكرة وجديدة للنصب علي المستخدمين. حيث أن أي شخص إذا عرض عليه هذه الفرصة سيقع في فخها بكل سهولة حتي لو كان من الأذكياء ودائم النصح لغيره بتجنب تلك التطبيقات.
بدأ الأمر برسالة وصلتني علي" واتساب" من رقم خارج مصر وبالإنجليزية محتواها أنها شركة دعايا وتسويق تدعوني للعمل أونلاين من هاتفي المحمول ليس به أي جهد يبذل فهو مجرد عمل إعجاب like لفيديو علي الإنستجرام أو اليوتيوب مقابل ربح من 100 لـ 1500 جنية يوميا... وبالطبع استجبت لهذا العرض وتم تحويل الأرباح المتفق عليها.
استكمل الضحية: المرحلة التالية طلب مني القائمون علي التطبيق الانتقال لاستكمال العمل عبر برنامج الـTelegram لمزيد من الأرباح. لكنها في هذه المرة ستحول علي المحفظة الإلكترونية الخاصة بي. وبالتالي تتطلب وضع البيانات الشخصية ورقم المحفظة الإلكترونية. وهنا كانت نسبة الربح أكبر 30% ثم طلبوا مني إيداع مبلغ أكبر في كل مرة لمضاعفة الأرباح لـ60% وأنا استجبب أيضا . لكن في مرحلة معينة عندما وصل المبلغ المطلوب مني للإيداع لـ 40 ألف. 100 ألف وبالتالي تضاعف الأرباح.طلب القائمون علي التطبيق ضرورة مضاعفة المبالغ لسحب تلك الأرباح الرهيبة وعند تنفيذ طلبهم تم قفل التطبيق وخسارة كل الأموال أصول وأرباح.
لا تستجيبوا لأي مكالمات هاتفية أو رسائل نصية مجهولة.. تطلب معلومات عن الحساب البنكي والبطاقة الائتمانية.
لابد من تغير الرقم السري للخدمات المصرفية عبر الإنترنت.. بصورة دوري
يقول د. أحمد مختار منصور استشاري هندسة الاتصالات والحاسبات: هناك أكثر من حالة تنتهي بوقوع مستخدمي مواقع التواصل ضحية لتطبيقات توظيف الأموال وفي جميعها تكون الخسارة. فقد توجد منصات نشأت لتوظيف الأموال علي تطبيقات الفوريكس. ثم أصابها الإفلاس بسبب سوق العمل أو لأية أسباب أخري. حيث أن الفوريكس مثلها مثل سوق البورصة معرضة للمكسب والخسارة.
وأما الحالة الثانية هي أن ينشأ التطبيق علي يد محتالين بالفعل غرضهم النصب علي المستخدمين والاستيلاء علي أموالهم بحجة استثمارها ثم غلق التطبيق والفرار بعشرات الملايين.وفي جميع الحالات يتحمل المستخدمون من الضحايا المسؤولية لأنهم سلموا أموالهم دون التفحص من الأمر.
وقدم استشاري تكنولوجيا الاتصالات نصائح عامة لعدم الوقوع فريسة للفوريكس وما شابهه من تطبيقات: يجب عدم الاستجابة لأي مكالمات هاتفية أو رسائل نصية تطلب الإفشاء عن معلومات خاصة عن الحساب البنكي والبطاقة الائتمانية. عدم التعامل مع جهات غير مرخصة لحماية الحاسوب والهاتف المحمول من الاختراق بتحميل برامج الحماية الفعالة لجعل استخدام الإنترنت أكثر أمانًا. مع ضرورة مراجعة العمليات المالية المنفذة. فحص إشعارات البنك الخاصة بالمعاملات المصرفية وكشف الحساب. وإبلاغ البنك فورا عن أي عملية احتيال لإتخاذ الإجراءات اللازمة . تغير اسم المستخدم والرقم السري المستخدم للخدمات المصرفية عبر الإنترنت بصورة دورية.
يقول د عمرو يوسف خبير الاقتصاد والتشريعات المالية: تحارب الجهات المعنية ليلا و نهارا تلك النوعيات من الشركات والتطبيقات الإلكترونية الوهمية وتحاول نشر الوعي بين المستخدمين . حيث تستغل تلك التطبيقات حاجة الناس لاستثمار أموالهم. وتنتهج معهم أساليب خداعية متنوعة بالشكل الذي يضعف معه ثقة المتعاملين مع الجهات المعتمدة ليلقي ذلك بظلال سلبية علي مسار العمل المصرفي والاستثمار في الأدوات المالية المعتمدة والتي تخضع لرقابة الدولة لتفقد معها تلك القطاعات لاستثمارات هائلة. وذلك بسبب قيام تلك الشركات والمؤسسات غير الشرعية بعمليات تسويقية وهمية الغرض منها جذب أكبر قطاع ممكن من الراغبين في استثمار أموالهم بعيدا عن رقابة الدولة تخوفا من فرض ضرائب أو ملاحقات أمنية بسبب أن جزءا كبيرا من تلك الأموال يقع تحت ظلال الاقتصاد الخفي.
وتابع: وبالرغم من وجود تلك التنبيهات من قبل المؤسسات المالية المعتمدة ولكنها لا تجد صداها أمام الخدع الاحتيالية التي يقوم بها هؤلاء. ولذلك فقطاع كبير من المستثمرين أو الراغبين في الاستثمار بالأدوات المالية لا يعلمون الكثير عن تلك الطروحات والخاضعة للجهات الرقابية. ولذلك هناك ضرورة للبحث عن وسائل دعائية كبيرة ومكثفة خلال تلك الأيام عن تلك الأدوات إضافة إلي ضخ البنوك الرسمية لمزيد من المزايا المالية والضريبية علي تلك الاستثمارات أملا في جذب هذا القطاع إلي منطقة الاستثمار الأمن حفاظا علي أموال المودعين ودعما لثقة المستثمرين وتنشيطا لتلك القطاعات الاستثمارية.
تقول وفاء سمير نعيم أستاذ علم الاجتماع السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: انتشرت ظاهرة التوظيف الوهمية للأموال وهي جريمة ليست بالحديثة علي المجتمع فقد كانت تعرف بظاهرة " المستريح ". ولكنها تطورت مع ظهور التكنولوجيا الحديثة فظهرت صفحات وتطبيقات وهمية علي مواقع التواصل لاستغلال رواد السوشيال ميديا خاصة الراغبين في تحقيق المكسب السريع. وشملت كافة الشرائح الاجتماعية خاصة ومع تزايد صعوبة الأوضاع الاقتصادية حاليا والتي يعاني منها السواد الأعظم فزادت الرغبة لدي هؤلاء الأشخاص أصحاب المدخرات في استثمار أموالهم لمواكبة تلك الظروف. فباتوا يحلمون بفوائد مالية سريعة ومضاعفة. لكنهم استيقظوا علي كابوس خسارة أصول أموالهم وليست فوائدها فقط جراء انسياقهم خلف تلك التطبيقات.
وتابعت " نعيم ": من أبرز أسباب انتشار ظاهرة النصب الإلكتروني وانجذاب الأشخاص لها هي رغبة الأخرين في الاستثمار المخفي بعيدا عن أعين المحيطين. والطمع في الأرباح السريعة المتضاعفة. وكذلك ذكاء وقدرة القائمين علي تلك التطبيقات علي إقناع الضحايا بعد اختيارهم بعتاية وفي بعض الأحيان تمتعهم بقدر كبير من التعليم كما حدث عندما قامت سيدتان من خريجي الجامعة الأمريكية بالفرار إلي إحدي الدول الأوربية التي لا توجد بينها وبين مصر اتفاقية تسليم مجرمين. بعد أن جمعتا أموالا طائلة من الضحايا.
أردفت: الخوف من العين والحسد في عادات وتقاليد أهالي الريف تدفع أصحاب الحيازات الزراعية ذات العائد الشهري أو السنوي إلي الانسياق خلف هذه التطبيقات اعتقادا منهم أن استثمار أموالهم من الأفضل أن يكون في منصات مالية غير رسمية حتي لا يصابوا بالحسد إذا وضعوها في بنوك زراعية رسمية علي سبيل المثال. فضلا عن أن فكرة إيداع تلك الأموال في "البنك " في عرف البعض هي ربا محرم بالنسبة لهم.
تابعت: هنا تأتي أهمية التوعية من جانب المؤسسات المالية والبنوك الرسمية الوطنية في الدولة. بأن الشخص يمكن أن يقع فريسة لهؤلاء المحتالين ومنصات توظيف الأموال الوهمية وحسه علي الاتجاه إلي القنوات الشرعية الموثوقة لاستثمار المال كما نؤكد علي دور الدولة التي يقع علي عاتقها مسؤولية التوعية من خلال الإعلام بشكل مكثف كي تطالب في رسالتها التوعوية بأن يتحري الأشخاص الدقة اثناء التعاملات المالية. ويجب أن تضع علي وجه السرعة ألية للوصول إلي كل شرائح المجتمع خاصة عن طريق السوشيال ميديا لتعمل علي التحذير من الوقوع في براثن النصب الإلكتروني وذلك يكون بالتوازي مع ما تبذله الأجهزة الأمنية والتشريعية لعدم تكرار مثل هذه الظواهر. إلي جانب تسليط الضوء من قبل الإعلام علي مثل تلك الظواهر حتي يري كل شخص تسول له نفسه أن يرتكب مثل هذه الجرائم الردع العام.. كما نحمل جانب كبير من المسؤولية أيضا علي الضحايا لأنهم يجب أن يتحروا الدقة بشكل كبير جدا أثناء التعاملات المالية. وأن يلجأوا إلي البنوك الرسمية في استثمار أموالهم.
أكد اللواء أحمد طاهر مساعد وزير الداخلية الأسبق لمكافحة جرائم الانترنت. أهمية جهود وزارة الداخلية في رصد وتتبع تلك المنصات الوهمية قائلا : كان للضربات الأمنية التي قامت بها الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية أكبر الأثر في ضبط العديد من القائمين علي عمليات النصب الإلكتروني ورغم صعوبة عمليات الضبط حيث أن تلك الصفحات تطلق من خارج الأراضي المصرية. والقائمون علي إدارتها مجهولون. يستخدمون برامج الذكاء الاصطناعي للتخفي وعدم كشف هويتهم إلا أن الإدارات الأمنية مؤخرا تمكنت ميدانيا من ضبط العديد من المتهمين داخل البلاد من جنسيات وطنية وجنسيات أجنبية وضبط ما لديهم من أجهزة إلكترونية وخطوط هواتف محمولة يتم استخدامها في التواصل والاستيلاء علي أموال المواطنين.
واصل: لابد أن يعي مستخدمو مواقع التواصل أن المنصات الكترونية التي انتشرت بشكل مخيف وتعمل في تداول وتشغيل الأموال واصبحت كالنار في الهشيم يعتمد القائمون عليها علي هندسة ودراسة اجتماعية. اكتشفوا خلالها رغبة الكثيرين في الكسب السريع والمريح نظرا لتضاؤل فرص الاستثمار. كما قاموا بدراسة نفسية للمجتمع المصري الذي يركن للراحة والابتعاد عن العمل الجاد. فخاطبت لديهم الطمع والشغف لتحقيق الربح السريع وبلا أي مجهود فكانت المواقع والمنصات الإلكترونية التي تم برمجتها بأستخدام الذكاء الاصطناعي للرد علي الكثير من العملاء ويتم من خلالها ملاحقة المواطنين برسائل من خلال تطبيق الواتس أب والتليجرام وإعلانات مموله بمبالغ مالية كبيرة علي الفيس بوك وتويتر x لمداعبة أحلامهم ولعرض وبيع الوهم ووعد المواطنين بالكسب المضاعف مرارا وتكرارا وخلال ساعات قليلة وبالدولار الأمريكي واستخدموا في ذلك صفحات من الفيس بوك اعضائها وهميين.
تابع مساعد وزير الداخلية لجرائم الانترنت: وتتبع منصات استثمار الأموال الوهمية أسلوب إرسال أرقام هواتف محمولة فودافون كاش أغلب أصحابها لايعلمون عنها أي شيء بل إن الكثير من تلك الأرقام لاتوجد أصلا علي قاعدة بيانات شركات الاتصالات مما يثير تساؤلات كثيرة من وراء ذلك وكيف تم تمرير تلك الأموال من خلال شركات الاتصالات العاملة داخل مصر بدون المرور علي أجهزتهم. وأين ذهبت تلك الأموال ومن قام باستلامها وكيف تم اختراق تلك المؤسسات.
واصل: وقد تبين من الدراسة والتحليل أن أغلب تلك المنصات لا توجد داخل مصر بل إن أعضائها دائما خارج البلاد يقيمون في دول أجنبية ويستخدمون بعض المرتزقة الذين لا يعلمون أصلا من وراء الأمر مما يصعب عمل الأجهزة الأمنية ويدق ناقوس خطر كبير.
ومن المؤكد أن هناك عشرات المنصات الأجنبية وبعض المنصات داخل مصر تعمل علي النصب علي المصريين وتجفيف أموالهم الأمر الذي يحتاج إلي تكوين خلية أزمة مكونة من الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والهيئة القومية للاتصالات وجهات أمنية وقضائية لإيقاف نزيف تسريب أموال المصريين وسرقتها كما يتطلب الأمر أيضا فعليا حملة إعلامية قومية لمواجهة تلك النوعيات من الجرائم والتحسب لما هو آت مستقبلا وذلك لأن الأمر لا يقتصر عند هذا الحد بل وصل إلي سرقة الحسابات البنكية والفيزا كارت بأستخدام حيل إلكترونية يدعي خلالها عصابات النصب أنهم تابعين لهيئات حكومية وخدمية يستولون من خلالها علي أموال المصريين.
ويجب أن يكون هناك وعي الكتروني يتعلم خلاله الجمبع ثقافة الحفاظ علي الأموال والأسرار سواء كانت اسرار شخصية أو تخص الدولة والوطن اللذين يعيشون علي أرضه.
اترك تعليق