يعاني العالم من موجات عنيفة تضرب الأمن والاستقرار علي شتي الأصعدة والمستويات وضعت الاقتصاد العالمي بأكمله علي المحك مع تأثر سلاسل الإمداد والتوريد والتي تسببت في نقص حاد للغذاء وارتفاع اسعار السلع بشكل غير مسبوق.. وصولاً إلي ما نعيشه اليوم من صراعات دولية وإقليمية.. وتفاقم الأزمات الإنسانية وانهيار سيادة القانون وغياب مؤسسات الدول والمكاسب الاقتصادية غير المشروعة وتفاقم ندرة الموارد بفعل تغير المناخ.
عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مفتوحة مطلع الاسبوع الجاري "حول الجوع والأمن الغذائي" بمشاركة رفيعة المستوي ضمت 81 من المندوبين الدائمين لدي الأمم المتحدة والمدعوين من بينهم وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ووزير الدولة للشئون الخارجية الياباني كينجي يامانا ونائبة وزير خارجية ألبانيا للشئون الأوروبية ميجي فينو ونائب الممثل الدائم للاتحاد الروسي.
قال وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن إن الجوع والصراع مرتبطان ارتباطا وثيقا حيث يؤدي شح الموارد إلي رفع منسوب التوتر بين المجتمعات والدول كما أن الأطراف المتحاربة تستغل الطعام لإخضاع السكان المحليين.
أضاف بلينكن أن الصراع هو المحرك الأكبر لانعدام الأمن الغذائي حيث عاني أكثر من 117 مليون شخص من الحرمان الشديد العام الماضي بسبب العنف والاضطرابات.. مشيراً إلي ما يحدث الآن في السودان حيث تسبب القتال الدائر هناك في تعطيل موسم الزراعة ورفع تكلفة الغذاء.. وفي اليمن تلجأ العائلات هناك إلي غلي أوراق الشجر للبقاء علي قيد الحياة.
وبرؤية أخري للأسباب وراء الجوع والمجاعة قال السفير فلاديمير سافرونكوف نائب الممثل الدائم للاتحاد الروسي لدي الأمم المتحدة إن الأزمة الغذائية يجب أن تؤخذ في إطارها الصحيح وخلفياتها التي تعود إلي أيام الاستعمار واستغلال ونهب وسرقة الموارد الطبيعية لتلك البلاد والآن يتبححون بأنهم يقدمون مساعدات غذائية لتلك الدول.
شدد سافرونكوف علي أهمية البدء بمعالجة الأسباب الجذرية للتهديدات التي يتعرض لها الأمن الغذائي قائلا إنه من الناحية الفنية لا يوجد نقص حاد في الغذاء في العالم بل تكمن المشكلة في التوزيع غير المتكافئ للغذاء.
من جهتها أعلنت رينا غيلاني منسقة الأمم المتحدة للوقاية من المجاعة والاستجابة لها أن عدد الأشخاص الذين يعانون الانعدام الحاد للأمن الغذائي حول العالم بلغ ربع مليار شخص العام الماضي وهو الرقم الأعلي الذي يتم تسجيله منذ سنوات.. مشيرا إلي أن 376 ألف شخص في العالم يعيشون ظروفا مشابهة لحالة المجاعة. بينما هناك 35 مليون آخرون علي شفا المجاعة.. مؤكدة أن النساء والأطفال هم الأكثر تضررا.
أكدت منسقة الأمم المتحدة أن الجوع والصراع يغذي كل منهما الآخر.. وشددت علي أهمية جعل خطر المجاعة خطاً أحمر. موضحاً أن النزاعات المسلحة تدمر النظم الغذائية وتحطم سبل العيش وتخرج الناس من ديارهم مستضعفين جائعين.
أضافت غيلاني أن انعدام الأمن الغذائي في حد ذاته يفاقم حالة عدم الاستقرار.. مشيرا إلي أنه القشة التي قصمت ظهر البعير حيث يتسبب في صراعات تتراوح ما بين التظاهرات وأعمال الشغب والحرب الأهلية.
وأكدت المسئولة الدولية إمكانية تحقيق تقدم في مواجهة هذه المشكلة عبر مضاعفة الجهود لمنع الصراعات بأشكالها كافة والحد منها وإنهائها.. مشددة علي أهمية الالتزام بالسلام من خلال نظام متعدد الأطراف متجدد تعمل من خلاله الحكومات والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية يدا بيد.
واقترحت العمل في إطار خمسة محاور تهدف إلي التخفيف من المعاناة والوقاية من المجاعة بما فيها: ہ ضمان احترام أطراف النزاعات القانون الدولي الإنساني.. ہ الاستفادة بشكل أفضل من آليات الإنذار المبكر الحالية.. ہ التحلي بالجرأة والإبداع في إيجاد طرق للتخفيف من تأثير الحرب علي الفئات الأكثر ضعفاً وأن تكون النساء والفتيات في قلب تلك الجهود.. ہ وتوفير تمويل إنساني كاف تعتمد عليه حياة الملايين.. ہ عدم تسييس مسألة الغذاء والاستجابة للأزمات الغذائية والجوع.
في سياق متصل قال مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة والممثل الإقليمي للشرق الأدني وشمال أفريقيا "لقد كان للصراعات الاقليمية عواقب وخيمة علي الأمن الغذائي لملايين الناس وتواجه العائلات معاناة لا يمكن تصورها".
أضاف: الصراعات ألحقت أضرار جسيمة بالبنية التحتية مما أدي إلي تفاقم انعدام الأمن الغذائي ونزوح الملايين.. وحذرت المنظمة من أن عدم كفاية الموارد لا تزال تعرقل الجهود الإنسانية لمعالجة الوضع.
أعربت الفاو عن قلقها إزاء التوقعات للفترة من أكتوبر 2023 إلي فبراير 2024 حيث من المحتمل أن يواجه الملايين أزمة غذائية.. فيما حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية "أوتشا" من أن الجوع والأمن الغذائي والنزوح بسبب الصراعات الاقليمية يخرج عن نطاق السيطرة.
قد صدر بيان بالإجماع عن مجلس الأمن يدعو إلي العمل المشترك من أجل تأمين الغذاء ومحاربة الجوع وتقديم المساعدات لملايين الجوعي وخاصة في مناطق الصراعات المسلحة.. كما دعا البيان إلي عدم تسييس مسألة الغذاء والاستجابة للأزمات الغذائية والجوع.
اترك تعليق