كيف تؤثر العادات والتقاليد في تنمية شخصية الطفل وتعزيز انتمائه لمجتمعه؟ وكيف يمكن للأدب أن يساهم في نقل التراث الثقافي للأجيال الجديدة؟ هذه بعض التساؤلات التي طرحناها على الكاتبة الكويتية بزة الباطني على هامش مشاركتها في  في جلسة فكرية ثرية، ضمن ندوات وجلسات الدورة الـ14 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل ، حيث تناولت الجلسة أهمية المنظومة القيمية في تشكيل وعي الطفل وصقل شخصيته، ودور العادات والتقاليد في تنشئة الطفل وإعداده للحياة ولبزة منتج لافت في أدب الأطفال وظفت  خلاله جوانب من التراث الثقافي المرتبط بالأطفال والنساء في المجتمع الكويتي، من خلال حكايات وألغاز وأهازيج وأمثال شعبية متوارثة عبر الأجيال، مؤمنة أن  الآداب الشعبية المتوارثة تربط الأطفال بماضيهم وتثير فضولهم، وبالتالي تعزِّز في نفوسهم قيم الخير التي كانت في الماضي. 

 
شخصية الطفل
في البداية أكدت الباطني على تأثير العادات والتقاليد في تنمية شخصية الطفل، وأن التراث مرشد ومعين للطفل في حياته، لافـتة أن الطفل يولد على الفطرة، ويستقي من بيئته عبر التلقين والمشاهدة والممارسة. مشيرة إلى أهمية الحفاظ على العادات الاجتماعية الحسنة والمفيدة، والتي تساعد في تربية وتنشئة الطفل بشكل سليم، مثل الآداب العامة، التي تشمل احترام الكبير والعناية بالصغير، وآداب المائدة والشارع، وإكرام الضيف والجار، وغيرها من التقاليد الراسخة في مجتمعاتنا العربية. 
 
اهتمامات الطفل 
قالت أيضا: لافتة إلى أن هذه الآداب الشعبية المتوارثة تربط الأطفال بماضيهم وتثير فضولهم، وبالتالي تعزِّز في نفوسهم قيم الخير التي كانت في الماضي. كما استعرضت بعض الألعاب التراثية التي كان يستخدمها الأطفال في الماضي، والتي اختفت أو تغيرت في عصرنا الحالي، مشيرة إلى التباين بين اهتمامات الطفل بين الأمس واليوم.

وعن ثقافة المجتمعات الأخرى أوضحت بزة أن في المجتمعات الأخرى تعني كلمة ثقافة الطفل Children Culture(حضارة الطفل) أو ثقافة الطفولة أو تراث الطفولة حيث الطفل هو السيد المهيمن في عالم له وحده ولأقرانه. عالم له تقاليده وعاداته وتعابيره وأنشطته وقوانينه وقواعده ولعبه وفكاهاته وأغانيه وأحاجيه وحكاياته ووظائفه ومواسمه وأفراحه ومخاوفه. موقعه الجغرافي ساحات الحي أو أفنية البيوت أو شاطئ البحر. عالم وثقافة وحضارة قابلة للتطور كغيرها من الحضارات وكغيرها من الحضارات أيضا سادت ثم بادت.
وأضافت: إن تقاليد وعادات هذا المجتمع لها تأثير كبير على نمو شخصية الطفل وعلى حياته. كان الطفل يخشى من مخالفته لها أكثر من خشيته من مخالفة عادات وتقاليد المجتمع الأكبر. تعرضه للعقاب في البيت كان أهون عليه من تعرضه للعقاب من قبل أقرانه في مجتمع الأطفال. العقاب في البيت يكون خلف أبواب مغلقة أما في مجتمع الأطفال فهو علني وفي أماكن عامة. 
يتكون مجتمع الأطفال من مجموعات حسب عمر الطفل ولا يسمح لمن هو أكبر أو أصغر من أعمار المجموعة بالمشاركة. كان لكل مجموعة زعيم يحكم بين أفرادها. الزعيم أحيانا ينصب ذاته كونه ينتسب إلى عائلة ذات نفوذ أو لتميزه بشخصية قيادية أو بنية جسدية تفوق بقية الأفراد أو قدرة على ابتكار الألعاب والأنشطة.
كان لهذا المجتمع أعلام يصنعها الأطفال من قصاصات الورق أو بقايا الأقمشة المنزلية يتم رفعها صباحا على سطح المنزل وإنزالها كل مساء.
قالت كذلك : مجتمع الأطفال قديما هو المصنع الذي أنتج الأجيال الكريمة السابقة التي قادت دولنا إلى عهود نهضة شاملة في جميع المجالات. عاشوا ذلك الزمن بحلوه وبمره وبأمراضه وبقسوته وكبروا سالمين أشداء مهتدين.  تخطى  ذلك الجيل من الأطفال الصعوبات التي واجهتهم وجعلتهم أكثر صلابة في مواجهة تحديات المستقبل الذي خلقوه ونعيشه اليوم والذي آمل أن يحظى بدراسات علمية اجتماعية وانثروبولجية  وفولكلورية ونفسية وحتى اقتصادية أعمق كحضارة مستقلة بذاتها.