معاناة حقيقية تعيشها الأم بعد وفاة زوجها فيما يتعلق بالوصاية علي أموال ابنائها القصر والوصاية التعليمية عليهم. فالقانون الحالي الحاكم لهذه القضية هو القانون رقم 119 لسنة 1952 الذي يمنح الوصاية علي الأطفال القصر للجد للاب. ثم تأتي الأم في المرتبة الثانية إذا لم يعترض أحد أعمام الاطفال. وتضطر الأم للخضوع بالزواج من عم الابناء أو العيش في منزل أهل زوجها المتوفي في حالة استبداد أهل زوجها وتكون وقتها مجرد خادمة لابنائها بلا أية وصاية..
الخبراء طالبوا بتعديل نص قانون الوصاية ليتناسب مع العصر الحالي لأن الأم هي الأدري باحتياجات أطفالها والأحرص علي أموالهم ومستقبلهم التعليمي طبقا لنسق التربية الذي كانت تسير عليه مع الأب المتوفي حتي لا تفاجأ بعقلية جامدة من الجد تتعامل بأساليب العصر الماضي مما يعرض الصغار لضغوط نفسية رهيبة تؤثر علي حياتهم.
يقول د.أحمد علام- استشاري العلاقات الأسرية والاجتماعية-: قانون الاحوال الشخصية به العديد من الثغرات والانتقادات قد تعيق الدور الرئيسي للام والاب تجاه الابناء. فبعد وفاة الاب تقع الام في مشكلة كبيرة بعد أن قام القانون بوضع الوصاية علي الأموال بالنسبة للأبناء القصر في يدي جد الطفل للاب مما يجعل الام تخوض معارك كبري ضد أهل الزوج بعد وفاته فليس من الطبيعي العمل بقانون معمول به من عام 1952. فمفاهيم الحياة تغيرت وملامح ووجهات نظر الابناء تغيرت أيضا.
أزمة كبيرة
أضاف إنه بعد وفاة الاب وانتقال الوصاية علي أبنائه الي الجد للاب يكون هناك أزمة كبيرة وهدم لكيان أسري لأنه ببساطة شديدة عقلية الجد للاب تختلف تماما عن عقلية الام والطريقة التي تربوا بها وغرسها فيهم الاب قبل وفاته فالجد لا يدرك المتطلبات الحقيقية للأبناء ولا يدرك أيضا طريقه مأكلهم وملبسهم وعلاجهم ويمكن أن يطلق علي الأساسيات في حياه الابناء انها رفاهية لابد من تغييرها بحجة الحفاظ علي أموال القصر ويمكن أن يضيع مستقبل الحفيد في ممارسة رياضة معينة ومنعه منها لان الوصاية في أيدي الجد وباقي أفراد أسرة الزوج خاصة وان كان هناك خلافات بينهما وبين الام فليس معني وجود الجد علي قيد الحياة أنه قادر علي إدارة شئون الأبناء والأم معهم لأن أفكاره مختلفة.
قال : من المفترض أن تكون حياه الابناء والام بعد وفاة الاب حياة مستقلة بذاتها ليس بها أي تدخل لان الام يقع عليها الحمل الأكبر في التربية والتعليم والمذاكرة وكل ما يخص الاولاد فليس من الطبيعي أن نسطو علي حق الأم في تربية الابناء مما يجعل الام تحت رحمة الجد والاعمام ولكن التدخل يأتي فقط حين تتزوج الام بعد وفاة الاب ففي هذه الحاله يكون دور الجد إشرافي فقط وليس تدخلاً أيضا فهذا القانون مخالف للشرع ومنافي لحقوق المرأة والأبناء وتقيد حريتهم فهو مجحف للمرأة ومخالف أيضا للشريعة الإسلامية.
عفا عليها الزمن
د. وليد هندي- استشاري الصحه النفسية- يقول: هناك قوانين كثيرة من التشريعات المصرية عفا عليها الزمن وأصبحت تعيق الحياة الاجتماعية للإنسان وتؤثر علي شخصه ومستقبله ومخاوفه المرضية والمشكلات النفسية التي تصيبه وعلي رأس هذه القوانين قانون الوصاية علي القصر حيث أنني أري أنه قانون متجمد ولا يتسم بالمرونة ومجحف وبعد الإطلاع علي هذا القانون في الفقه الاسلامي والتشريعات وجدوا أنه ليس له سند قانوني أو شرعي أو فقهي فهو قانون تم إصداره في سياق اجتماعي مقيد منذ 17 سنة والكارثة أننا مازلنا نعمل به حتي الآن واغفلنا الجانب والتطور الإنساني والبشري ومازال ينظم الحياة الاسرية للاطفال القصر وان مكانه الطبيعي من المفترض أن يكون في المتحف. ولا يتم العمل به وهو القانون الخاص بالوصاية علي أموال القصر الذي ينص علي أنه بعد وفاة الاب وحتي وصول الابناء لسن 21 عاماً يكون الولي أو الوصي عليهم هو الجد للاب وان يتحكم فيما يخصهم في البيع والشراء واي شيء يخص الابناء وبعد الجد تأتي الام في المرتبة الثانية في حالة عدم وجود اعمام يتنازعون علي الولاية وإذا قاموا بالنزاع علي الوصاية يحصلون عليها فمرتبه الام تأتي متدنية علي الرغم من أنها الأساسية.
ونص هذا القانون أيضا علي أن يكون هناك حبس وغرامه لاتقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد علي خمسين ألف جنيه او إحدي هاتين العقوبتين علي كل من امتنع بغير عذر تقبله المحكمة في تسليم أموال القصر. وهذا فتح أبواباً كثيرة من الشرور انعكست علي الابناء القصر بآثار سلبية وعلي مستقبلهم وحياتهم الإنسانية بصفة عامة.
استبداد الجد
يطالب د.هندي بتعديل هذا القانون لانه ليس له سند شرعي وفضل الرجل في المقام الأول علي المرأة لانه جعل الجد أو الاعمام فقط الأوصياء علي الابناء وجعل الام في مرتبة متدنية فالمرأة تعيش في أزهي العصور ولها كافه الحقوق وحقها الشرعي الحصول علي الوصاية علي أموال الابناء بالاضافة الي ان هذا القانون قام بتعطيل أموال القصر ويفضل الجد فقط الذي لديه عقليه متحجرة وفي سن كبيرة وإذا وصل الابناء لسن 21 عاماً تكون المبالغ التي تركها الاب أقل كثيرا بسبب تطور الحياه وليس لها قيمة مالية فالجد يتحكم بشكل استبدادي.
يضيف إن الأم التي تعيش مع الأبناء ادري شخص بنسق حياتهم وادري بعقلية الاب المتوفي وسوف تربيهم بنفس النسق ونفس الفكر لكن الجد لا يعرف شيئا عما يحتاجه الابناء. فمن غير المعقول أن نجعل هذه الصلاحيات في أيدي الجد الذي يجهل متطلبات العصر ويتحكم في مستوي معيشة الأبناء. ويؤثر بالتالي علي الحالة النفسية للأبناء لانه شخص مع الاحترام الكامل له احيانا قراراته تكون بطيئة وتتسم بالجمود بالاضافة إلي انه يحرم الابناء من الاستفادة المالية من الأموال وتبقي متجمدة. واحيانا تلجأ بعض الأسر من العقليات القديمة وتجبر الام من الزواج من العم وللاسف بعضهن يرضي لمنع تهديد الجد الدائم لها في أي شيء يخص الابناء ويعيق مصير الأموال والبعض الآخر يجبر الام علي ان تعيش في بيت أهل الزوج المتوفي وتعيش كالخادمة تحت رحمة تحكمات أهل الزوج.
أكد أن استمرار هذا القانون يستثير دوافع الطمع والجشع في نفوس الاعمام تجاه أموال الأطفال القصر. فلا توجد عقوبة حاسمة لمن يحصل علي هذه الأموال من أهل الاب المتوفي دون وجه حق. فلابد أن تكون العقوبه حاسمة وان تذهب الولاية لمن يعرف احتياجات الأبناء وأدري بكل ما يريده الابناء وفقا لمعايير العصر فالابناء يتعرضون لضغوط نفسية ومشكلات اجتماعية ويمكن أن يتعرضوا للتنمر فقانون الوصاية يحتاج وصاية.
ذكورية متوارثة
داليا عاطف- عضو المجلس القومي للمرأة- تقول إن قوانين الأحوال الشخصية تركز علي فلسفة ذكورية متوارثة لم تعد تتناسب مع الوقت الحالي ومن أبرز هذه القوانين قانون الوصاية علي أموال القصر. فهي تعاني من عوار اجتماعي تستدعي التفكير ووضع حلول بتعديله وتحتاج إلي نص تشريعي يركز علي دور الأم وجعلها أفضل شخص للوصاية علي الابناء القصر بالاضافة إلي ان النظام الذي يعمل به المجلس الحسبي مجحف ويجب تعديله فالقانون يعامل المرأة علي انها فاقدة الأهلية أو فاقدة للضمير وغير منوط بها تحمل مسئولية الابناء بعد وفاة الاب.
طالبت بتعديل القانون سواء في الولاية علي الأموال أو الولاية التعليمية وقالت: يمكن أن يقوم كل اب بكتابة إقرار للأم بأنه في حالة وفاته أن تكون الأم هي الوصية علي الابناء ويكون الإقرار موثقاً لأن تولي والد الزوج أو الأخ الوصاية أمر يعذب الام ويضعها في أزمات كبيره فليس من الطبيعي العمل بالقانون مر عليه 71 سنة خاصة ان مصر البلد الوحيد الذي يعمل به حتي الآن وفي المقابل الآخر يتعسف الجد أو العم ويتحكم في أموال القصر بدون وجه حق فلابد أن يعدل القانون وأن يضع حدوداً لتنظيم العلاقات وحماية الحقوق ويمكن وضع عقوبة عند التصرف السييء للام لحماية أموال القصر إذا ثبت ذلك حيث ان حوالي 70% من المشكلات تخص مشكلات علي الوصاية وتتوالي الكثير من الشكاوي بالمجلس القومي للمرأة ويقوم المجلس ببحثها وحلها ولكن نتوقف فقط بسبب عدم انصاف القانون في هذا البند من قانون الوصاية.
لا خطورة من الجد
دعاء عباس- محامية ورئيس الجمعية العمومية لحقوق الطفل والاسرة- تقول إن القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بالوصاية علي المال لايحتاج إلي تعديل بل تعديل في الإجراءات فقط لسرعة إصدار قرار الوصاية حتي لايحرم الطفل من حقوقه ويمارس حياته بشكل طبيعي كما كان في وجود والده. فإذا نظرنا إلي قانون الوصاية علي المال نجد أنها تنتقل من الأب إلي الجد وهو أمر طبيعي فإذا كان الطفل مسئولية والدته فهو مسئولية جده أيضا. وفي أغلب الأحيان نجد أن الوصاية للجد افضل لان المرأة في الغالب لاتعمل وليس لديها خبرة كافية لإدارة أعمالها وتولي الجد الوصاية علي مال حفيده ليس بها خطورة لأن هناك حماية علي قرارت التصرف في أموال القاصر من خلال النيابة الحسبية فإنه من حق الأم اللجوء للمحكمة لاسقاط ولاية الجد علي المال اذا كانت هناك خطورة علي أموال القاصر وعدم قدرة الجد علي إدارة أموال القاصر.
أما بالنسبة للناحية التعليمية فقد نص القانون علي أن الحاضنة لها الحق في الولاية التعليمية وبالتالي فإن الأم لها مطلق الحرية في نقل أو تقديم ملف الطفل بالمدرسة وأي شأن يخص حياته الدراسية ويتم ذلك بتقديم طلب بمحكمة الأسرة التابعة لسكنها ويتم إصدار قرار بتولي الحاضنة الولاية التعليمية علي أطفالها لذلك فإن الولاية التعليمية تكون قانونا مع الأم بعد الطلاق أو الوفاة.
اترك تعليق