نعيم بن عبدالله بن أسيد القرشي العدوي .. المعروف بالنحام .. صحابي جليل بشره الرسول بالجنة .. لعب دورا في دفع عمر بن الخطاب لعدم إيذاء النبي "ص" .. أسلم نعيم مبكرا ..وكان معروفا بإخلاصه الشديد للنبي عليه الصلاة والسلام، وفهمه السريع له دون أن يتحدث.
كان نعيم النحام قديم الإسلام ويقال أنه أسلم قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم، وقبل الهجرة إلي الحبشة، وقبل إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولكن كان يكتم إسلامه لفترة من الزمن، خوفا من الأذي.
أقام بمكة، فقد حبسه قومه، وقدم مهاجرا الي يثرب سنة ست هجرية برفقة 40 من أهله فاعتنقه النبي صلي الله عليه وسلم وقبله، وكان ذلك أيام صلح الحديبية.
قد ارتبط هذا الصحابي الجليل ارتباطا وثيقا بالنبي "ص" وهو ما ظهر بشكل واضح حينما قدم علي رسول الله "ص " فقال له الرسول "قومك يا نعيم كانوا خيرا لك من قومي لي " قال بل قومك خير يا رسول الله قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " قومي أخرجوني وأقرك قومك ".. فقال نعيم : يا رسول الله قومك أخرجوك إلي الهجرة وقومي حبسوني عنها " .
فقد كان نعيم سريع البديهة . شجاعا عاشقا للرسول "ص" مجيبا له دون نقاش .. فعندما طلق أسامة بن زيد زوجته زينب بنت قسامة، فقال رسول الله "ص" من أدله على الوضيئة الغنين أي " قليلة الأكل " وأنا صهره، وهو ينظر إلي الصحابي نعيم النحام الذي كان يجلس معه في ذلك الوقت، فقال نعيم : كأنك تريدني فقال الرسول "ص" " أجل "، فلم يتأخر نعيم عن طاعة رسول الله حيث تزوج من زينب بنت قسامة بعد انتهاء عدتها، فأنجب منها إبراهيم بن نعيم . وكان هذا الموقف دليل على شدة حبه لرسول الله صلي الله عليه وسلم، وفطنته لما يريد أن يتحدث به.. حيث فهمه من مجرد نظرته إليه .
اشتهر هذا الصحابي بلقب " نعيم النحام" لأن رسول صلي الله عليه وسلم قد قال : " دخلت الجنة فسمعت نحمة من نعيم فيها " والنحمة هي "السعلة ".. وقد اشتهر أيضا بكرمه وجوده في بني عدي وهي" قبيلة من بطون قريش " حتي أن قومه منعوه من الهجرة لشرفه فيهم لأنه كان ينفق علي الأيتام وأرامل بني عدي، فقال له قومه عندما علموا بإسلامه " أقم عندنا علي أي دين شئت، وأقم في ربعك واكفنا ما أنت كاف من أمر أراملنا . فوالله لا يتعرض لك أحد إلا ذهبت أنفسنا جميعا دونك ".
وكان لنعيم بن عبدالله موقف مازال التاريخ يذكره، عندما كان عمر بن الخطاب يريد أن يتوجه لقتل النبي "ص" وهو لا يزال مشرك، متوشحا سيفه، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم مع مجموعة من أصحابه فذكر لعمر أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا، وهم حوالي أربعين من الرجال والنساء ومعهم رسول الله "ص" وعمه حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق، فلقيه نعيم بن عبدالله فقال له أين تريد يا ابن الخطاب قال أريد محمدا هذا الصابئ الذي قد فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله، فقال له نعيم والله لقد غرتك نفسك يا عمر، أتري بني عبد مناف تاركيك تمشي علي الأرض وقد قتلت محمدا . أفلا ترجع إلي أهل بيتك فتقيم أمرهم، قال عمر: وأي أهل بيتي ..قال : أختك فاطمة بنت الخطاب قد أسلمت وأسلم زوجها سعيد بن زيد ابن عمك معها، وتابعا محمدا صلي الله عليه وسلم علي دينه فعليك بهما، وهما يستخفان بإسلامهما منك.. فقام عمر بن الخطاب بالتراجع عن موقفه و عاد إلي أخته وزوجها، لينظر أمرهما وكان هذا الموقف وراء نطق الفاروق بالشهادتين.
وكان هذا الموقف رائعا لنعيم بن عبد الله . فقد صرف عمر عن التوجه لإيذاء النبي "ص" وكان هذا التوجه سببا في إسلام فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وبعد حياة حافلة ومسيرة من التضحيات والزود عن الدين لقي الصحابي الجليل نعيم النحام ربه وإن اختلفت الآراء في تحديد المكان والزمان لوفاته إلا أن أنهم قالوا أنه استشهد يوم اليرموك في رجب سنة 15 هجرية رضي الله عنه .
اترك تعليق