الخطاب للنبي يكون في الأمر الخاص نحو قوله تعالي : يا أيها النبي لم تُحرمُ ما أحلَّ اللهُ لك".. ولذا قال "يا نساء النَّبي لستن كأحد من النساء" ولم يقل يا نساء الرسول .. لأنه قصد اختصاصهن عن بقية الأمة.
وإذا كان القصد بالخطاب التشريع العام فيكون بلفظ الرسول " يا أيَّها الرسول بلِّغْ ما أُنزل إليك من ربِّك".. أما إذا جاء لفظ "النبي" للتشريع العام يكون مع قرينة مثل قوله تعالي: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهنَّ لعدَّتِهنَّ" "الطلاق :1" .. لأن النبي هو إمامهم وقدوتهم، ولا يقومون بأمر دونه، فكان النداء له خطابًا لهم جميعًا، وهو وحده سدَّ مسد جميعهم، فهذا مقام التشريع والأولي به لفظ "الرسول" ولكن أتي بلفظ "النبي" لأنه أمر خاص به وبأمته، وقد خصَّه الله بالذكر لينوب عنهم، وهذا يشبه قوله تعالي: "يا أيها النبيُّ اتق اللهَ" والخطاب للجميع، والمعني: واظب على التقوى واثبت عليها، وازدد منها، والمراد المؤمنون، ولكن الخطاب للنبي.
ومن اللطائف فى التنزيل أن الله تعالي لم يأت بنداء محمد صلي الله عليه وسلم باسمه كما قالپيا آدم، ويا موسي، ويا داود، ويا عيسي، كرامة وتشريفًا وتنويهًا بفضله، وإنما ذكر "محمد" في الإخبار عنه فقط نحو: "محمد رسول الله"، "وما محمدى إلا رسولى"، وذلك لتعليم الناس بأنه رسول الله وليعلمهم أن يسموه بذلك، ويدعوه به.. وما لم يقصد به التعليم والإخبار ذكره بلفظ النبي أو الرسول فقال: لقد جاءكم رسول من أنفسكم"، "وقال الرسول يارب"، والله ورسوله أحق أن يُرْضُوه"، "النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم "، "إن الله وملائكته يصلون على النبي".
من لطائف العرب
يحكي أن رجلين تقاضيا عند القاضي إياس بن معاوية، فادعي أحدهما أنه أودع لدي صاحبه مالا، فلما طلبه منه جحده.
فسأل إياس الرجل المدعي عليه عن أمر الوديعة فأنكرها وقال: إن كانت لصاحبي بينة فليأت بها، وإلا فليس له علي إلا اليمين.
فلما خاف إياس أن يأكل الرجل المال بيمينه التفت إلي المودع وقال له: في أي مكان أودعته المال؟
قال: في مكان كذا.. فقال: وماذا يوجد في ذلك المكان؟
قال: شجرة كبيرة جلسنا تحتها . وتناولنا الطعام في ظلها.. ولما هممنا بالانصراف دفعت إليه المال.
فقال له إياس: انطلق إلي المكان الذي فيه الشجرة،، فلعلك إذا أتيتها ذكرتك أين وضعت مالك ونبهتك إلي ما فعلته به، ثم عد إلي لتخبرني بما رأيت.
فانطلق الرجل إلي المكان، وقال إياس للمدعي عليه: اجلس إلي أن يجيء صاحبك، فجلس، ثم التفت إياس إلي من عنده من المتقاضين، وطفق يقضي بينهم، وهو يرقب الرجل بطرف خفي.
حتي إذا رآه قد سكن واطمأن التفت إليه وبادره قائلا: أتقدر أن صاحبك قد بلغ الموضع الذي أودعك فيه المال؟.
فقال الرجل من غير روية: كلا.. إنه بعيد من هنا.
فقال له إياس: يا عدو الله تجحد المال وتعرف المكان الذي أخذته فيه؟! والله إنك لخائن. فبهت الرجل وأقر بخيانته“ فحبسه حتي جاء صاحبه. وأمره برد وديعته إليه.
من أخطائنا الشائعة
ـ يقولون رزقه الله بالمال، والصواب: رزقه الله المال.
قال تعالي "أَنْفِقُوا مما رزقكم الله" "يس : 47 "
يقولون: يَروقُ لى الأمرُ، والصواب : يروقنى: الأمر: لأن الفعل يتعدى بنفسه لا بحرف الجر.
اترك تعليق