سميرة الديب
سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي الساعدي.. هو زعيم الخزرج قبل الإسلام . أسلم مبكرا وأصبح من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم. وكان يكتب بالعربية في الجاهلية . واشتهر بالجود والوجاهة.. وكان يحسن السباحة والرمي . وعاش حياته إلي جوار رسول الله "صلي الله عليه وسلم".
* شهد بيعة العقبة مع السبعين رجلا من الأنصار . وكان أحد النقباء الاثني عشر. وكان هو والمنذر بن عمرو وأبو دجانه يكسرون أصنام بني ساعدة بعد إسلامهم.
* ولعل سعد بن عبادة ينفرد من بين الأنصار جميعا بأنه الوحيد الذي أخذ نصيبه من تعذيب قريش الذي كانت تنزله بالمسلمين بمكة.. وحدث ذلك بعد أن تمت بيعة العقبة سرا بمني . وأصبح الأنصار يتهيؤون للسفر . علمت قريش بما كان من مبايعة الأنصار واتفاقهم مع الرسول عليه الصلاة والسلام علي الهجرة إلي يثرب وأنهم يقفون معه ومن وراءه. فجن جنون قريش فراحت تطارد الركب المسافر حتي أدركت من رجاله سعد بن عبادة . فأخذه المشركيدون وربطوا يديه إلي عنقه بشراك رحله وعادوا به إلي مكة. حيث احتشدوا حوله يضربونه وينزلون به ما شاءوا من العذاب.. وتركوه وهو بين الحياة والموت.
* بعد أن هاجر النبي عليه الصلاة والسلام إلي يثرب. سخر سعد أمواله لخدمة المهاجرين. حيث كان جوادا بالفطرة وبالوراثة فهو ابن عبادة بن دليم بن حارثة الذي كان مشهورا في الجاهلية بجوده وكرمه .
* ولقد كان جود سعد في الإسلام آية من آيات إيمانه . فقد قال عنه أصحابه وعن جوده هذا " كانت جفنة سعد تدور مع النبي في بيوته جميعا " أي بيوت المسلمين من المهاجرين.. كما قالوا " كان الرجل من الأنصار ينطلق إلي داره بالواحد من المهاجرين أو بالاثنين أو بالثلاثة. وكان سعد بن عبادة ينطلق بالثمانين " من أجل هذا كان سعد يسأل ربه دائما المزيد من خيره ورزقه.. وكان يقول " اللهم إنه لا يصلحني القليل . ولا أصلح عليه " ومن أجل هذا كان خليقا "أي جديرا" بدعاء الرسول "صلي الله عليه وسلم" له وهو: اللهم اجعل صلواتك و رحمتك علي آل سعد بن عبادة".
* وعن حديث جابر قال: قال رسول الله "صلي الله عليه وسلم" " جزي الله الأنصار خيرا. لا سيما عبدالله بن حرام وسعد بن عبادة"
* ولم يضع سعد ثروته وحدها في خدمة الإسلام . بل وضع كل قوته ومهارته. فقد كان يجيد الرمي بالرمح . وفي غزواته مع الرسول صلي الله عليه وسلم كانت فدائيته حازمة وحاسمة. حيث كان لرسول الله "ص" في المواطن كلها رايتان. مع علي بن أبي طالب راية المهاجرين ومع سعد بن عبادة راية الأنصار.
* عاش سعد ملتصقا بالنبي صلي الله عليه وسلم لم يتركه أبدا. وشهد معه جميع الغزوات.
* وبعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم وقف سعد بن عبادة يوم السقيفة حمد الله وأثني عليه وقال: يا معشر الأنصار. لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب. إن محمدا لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلي عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان فما آمن به من قومه إلا رجال قليل . وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين. استبدوا بالأمر دون الناس. فإنه لكم دون الناس.
* وعقب وفاة النبي صلي الله عليه وسلم اجتمع المهاجرون والأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة للنبي "صلي الله عليه وسلم" وكانوا يختارون سعد بن عبادة الذي كان يقف بينهم ووفقا لرواية لصحيح البخاري ونقلا عن عمر بن الخطاب. فإن خطيب الأنصار خطب قائلا: " أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط "أي عشيرة" وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر " يعني يبعدونا عن أمر الخلافة.. ولما سكت الخطيب أراد عمر بن الخطاب أن يتكلم ولكن أبا بكر أسكته وتحدث هو أي "أبوبكر" وقال مخاطبا : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين (عمر بن الخطاب وأبا عبيدة عامر بن الجراح ) فبايعوا أيهما شئتم. وأثناء ذلك كثر اللغط وارتفعت الأصوات فقال عمر بن الخطاب ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار .. فقال
ددقائل منهم يا معشر الأنصار لقد خذلتم سعد بن عبادة. ولكن لم يرضي هذا الكلام سعد الذي قام واقترب من أبوبكر وبايعه.. وفعل ذلك لأنه كان حريصا علي أن لا تنشق عصا المسلمين في مثل هذا الموقف التاريخي الذي يتم فيه لأول مرة اختيار خليفة للمسلمين.
* ورضي الله عن سعد علي ما قدمه من نصرة دين الله وجهاده في سبيله وإيثاره للمهاجرين بنفس راضية محبة لله ولرسوله.
* وفي سنة 14 هجرية توفي سعد بن عبادة بمنطقة حوران بأرض الشام رضي الله عنه.
اترك تعليق