هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

السابقون الأولون من المهاجرين والانصار

عبيدة بن الحارث شهيد بدر الذي فاحت من قبره رائحة المسك

عبيدة بن الحارث ابن المطلب بن عبد مناف بن قصي المطلبي القرشي رضي الله عنه. وأمه هي سخيلة بنت خزاعي بن الحويرث الثقفية، ولد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنوات. وهو من السابقين الأولين. أسلم قبل دخول النبي محمد دار الأرقم بن أبي الأرقم، هو وأبو سلمة بن عبد الأسد والأرقم وعثمان بن مظعون في وقت واحد. كان من أوائل المهاجرين. وهو أحد شهداء بدر، سنة 2 من الهجرة وكان المسك يفوح من قبره رضي الله عنه.


  • آخى النبي بينه وهو السيد القرشي وبين بلال العبد الحبشي ليضربا أروع أمثلة التأخي والمساواة
  • عقد له الرسول الله ثاني لواء في الاسلام وحامله مسطح بن أثاثة رفقيه في الهجرة والجهاد
  • كان من أوائل المهاجرين والفرسان ومن أول المتبارزين يوم بدر الكبرى وكان عمره 63 عاماً

 

عبيدة بن الحارث رضوان الله عليه وكانت كنيته أبا معاوية وقيل أبا الحارث. وكان مربوعاً أسمر حسن الوجه، مليحا، كبير القدر والمنزلة عند رسول الله عليه الصلاة والسلام ومحبة خاصة يستحقها لكبر سنه، وعظيم تضحياته. وترك من الولد معاوية وعون ومنقذ والحارث ومحمد وإبراهيم وريطة وخديجة وسخيلة وصفية لأمهات شتى. هاجر مع اخويه الطفيل وحصين، ومعهم مسطح بن أثاثة بن المطلب. وفي طريقهم للمدينة المنورة وجدوا ان مسطح لدغه ثعبان فتخلف عنهم فلما أصبحوا افتقدوه وعادوا اليه ووجدوه بالحصاص فحملوه إلى المدينة. ونزلوا جميعاً على عبدالله بن سَلَمة العجلاني.

آخى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة بينه وبين بلال بن رباح، ليضرب أروع الأمثلة في المساواة في الإسلام، حيث لا فرق بين سيد قرشي وبين عبد حبشي والكل سواسية كأسنان المشط. ولما بلغ المدينة المنورة آخى بينه وبين عمير بن الحمام الانصاري وهو ايضاً من شهداء بدر. وأقطع رسول الله لعبيدة واخويه طُفيل والحُصين أرضاً في المدينة بين بقيع الزبير وبني مازن، كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام مع المهاجرين الذين لا يملكون أرضاً قطعة أرض من الأرض التي لا يملكها أحد، أو يتبرع بها أحد أصحابها من الأنصار، وذلك عونا للمهاجرين على الاستقرار في المدينة المنورة.

كانت دار عبيدة رضي الله عنه قريبة من مسجد رسول الله قلب المدينة، ومبعث النور، وواحة العلم والإيمان، والثكنة الأولى في الإسلام كما وصفها بعض الدارسين لسيرته صلى الله عليه وسلم. وفي هذا دليل قاطع على ما كان يتمتع به هذا الصحابي الجليل من سجايا رفيعة، وإيمان عميق، وكفاية عالية. وعندما بدأ النشاط العسكري للمسلمين بعد نزول الإذن بالقتال بدأ رسول الله يُطلق السرايا هي أشبه بالدوريات الاستطلاعية لاستكشاف الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة، ثم عقد المعاهدات مع القبائل التي تسكن على هذه الطرق، وإشعار مشركي يثرب ويهودها وأعراب البادية حولها بأن المسلمين أقوياء، وكذلك إنذار قريش، ولعلها تشعر بتفاقم الخطر وتمتنع عن إرادة قتال المسلمين في عقر دارهم، وعن الصد عن سبيل الله، وعن تعذيب المستضعفين من المؤمنين في مكة.

كانت أول سرية من سرايا المسلمين هي سرية سيف البحر بقيادة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه الذي عقد له رسول الله أول لواء في الإسلام، وكان حامله أبو مرثد الغنوي، فإن ثاني لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لعبيدة بن الحارث بن المطلب، وذلك في شوال السنة الأولى من الهجرة عندما بعثه إلى بطن رابغ، وكان لواؤه أبيض، وحامله مسطح بن أثاثة بن عبد المطلب، وكانت السرية تضم 60 كلهم من المهاجرين. فلقي عبيدة ومن معه المشركين في ثنية المرة، وعلى رأسهم أبو سفيان بن حرب، في مائتين من أصحابه، فكان بينهما تراشق بالسهام، ولم يسلّوا السيوف، ولم يصطفوا للقتال، وإنما كانت بينهم مناوشة، وقد رمى فيها سعد بن أبي وقاص يومئذ بسهم، فكان أول سهم رُمي به في الإسلام.

وفي هذه السرية انضم من جيش مكة إلى جيش المسلمين رجلان هما المقداد بن عمرو البهراني، وعتبة بن غزوان المازني، وكانا مسلمين خرجا مع الكفار، ليكون ذلك وسيلة لهما للحاق بالمسلمين. ثم انصرف الفريقان وعاد المسلمون إلى المدينة، وعاد المشركون إلى مكة. وعن ذلك يقول المحللون أنه بالرغم من أن القتال لم ينشب في المعركة، فلم يحرز أي طرف انتصاراً في القتال، إلا أن سرية عبيدة بن الحارث رضي الله عنه أحرزت انتصاراً معنوياً على المشركين لا ريب فيه، لأن انسحاب مائتين من المشركين ما بين فارس وراجل، أمام ستين من المسلمين، يدل على أن معنويات المسلمين كانت عالية، ومعنويات المشركين منهارة، والانتصار المعنوي لا يقل أهمية عن الانتصار المادي إن لم يكن أكثر أهمية من حيث التأثير الذي نتج عنها في نفوس الطرفين.

وروي عن عبد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ عَقَدَ بَعْدَهُ لِوَاءَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَبَعَثَهُ فِي سِتِّينَ رَاكِبًا فَلَقُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ فِي مِائَتَيْنِ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ أَحْيَاءُ مِن بَطْنِ رَابِغٍ. فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلا الرَّمْيُ لَمْ يَسُلُّوا سَيْفًا وَلَمْ يَدْنُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى يَوْمَئِذٍ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

وفي رمضان من العام الثاني من الهجرة نشبت غزوة بدر الكبرى وخرج ثلاثة من صناديد قريش ومن عائلة واحدة وهم عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وحين انفصلوا عن صف المشركين طلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من شباب الأنصار هم: عوف ومعوّذ ابنا الحارث – وأمهما عفراء – وعبد الله بن رواحة

فقالوا: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار

قالوا: أكفاء كرام، مالنا بكم من حاجة، وإنما نريد بني عمنا، ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قومنا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث، ثم يا حمزة، وقم يا علي،

فلما قاموا دنوا منهم قالوا: من أنتم؟ فأخبروهم فقالوا: أنتم أكفاء كرام.

بارز عبيدة بن الحارث - كان اكبر من شارك في بدر سنا – شيبة بن ربيعة، وبارز حمزة بن عبد المطلب عتيبة، وبارز علي بن ابي طالب الوليد بن عتبة، فأما حمزة وعلي فلم يمهلا قرينيهما أن قتلاهما، وأما عبيدة رضي الله عنه فاختلف بينه وبين قرينه ضربتان فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم كر علي وحمزة على شيبة فقتلاه، واحتملا عبيدة إلى رسول الله، فوُسّد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قُطعت رجله وأثخنته الجراح والدماء تنزف منه، فوضع الرسول رأسه على ركبته الشريفة. فَقَالَ: يا رَسُول اللَّه، لو رآني أَبُو طَالِب لعلم أني أحق بقوله مِنْهُ، حيث يَقُولُ: "ونسلمه حتَّى نصرع حوله ونذهل عَنْ أبنائنا والحلائل"

وبعد انتهاء المعركة حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم معه عائداً من بدر، فتوفي في منطقة الصفراء – موضع قريب من المدينة – بعد أربعة أيام أو خمسة من وقعة بدر في العشر الأخيرة من رمضان فدفن بها بذات أجدال أسفل من عين الجدول. وكان عمره يومئذ ثلاثاً وستين سنة رضي الله عنه.

وروى يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَتَلَ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ يَوْمَ بَدْرٍ فَدَفَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّفْرَاءِ. قَالَ يُونُسُ: أَرَانِي أَبِي قَبْرَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بِذَاتِ أَجْذَالَ بِالْمَضِيقِ أَسْفَلَ مِنْ عَيْنِ الْجَدْوَلِ وَذَلِكَ مِنَ الصَّفْرَاءِ وَكَانَ عُبَيْدَةُ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. ذكر الطفيل بن الْحَارِث

وثبت في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقسم قسماً أن هذه الآية نزلت في حمزة وصاحبيه، وعتبة وصاحبيه، يوم بدر وهي قوله تعالى: "هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم، يصهر به ما في بطونهم والجلود، ولهم مقامع من حديد، كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق." (الحج 19-22).

روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل مع أصحابه بالتأربين – اسم مقبرة بالصفراء – في إحدى أسفاره، قال له أصحابه: إنا نجد ريح مسك يا رسول الله، فقال: وما يمنعكم، وها هنا قبر أبي معاوية يعني الشهيد البطل الصحابي الجليل عبيدة بن الحارث رضي الله عنه.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق