تستقبل وزارة التخطيط العام الجديد بخطة استثمارية تستهدف تحقيق رؤية مصر 2030 وتستكمل ما بدأته من مشروعات ضخمة علي رأسها "حياة كريمة" مشروع القرن لتطوير الريف المصري، بالإضافة إلي برنامج تنمية الأسرة المصرية، ومشروعات التحول الأخضر.
الخطةُ الاستثمارية العامة للدولة تتبني في عامها الجديد ثلاثة مُستهدفاتي رئيسة يرتكزُ كلّ منها علي عدّة توجُهّات استراتيجيّة. أولّها هدف بناء الإنسان المصري وتحسين جودة حياة المُواطن، وذلك من خلال تحقيق التنمية الريفية المُتكاملة في إطار مُبادرة حياة كريمة، والتطبيق المرحلي لنظام التأمين الصحي الشامل، والتطوير التكنولوجي لمنظومة التعليم والارتقاء بالخدمات الأساسية للمُواطنين، والتمكين الاقتصادي للنوع، وثانيها، تفعيل البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية بالتركيز علي تنمية قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والهدف الثالث تدعيم التنافسيّة الدوليّة للاقتصاد المصري، من خلال تعزيز ركائز الاقتصاد المعرفي والاقتصاد الرقمي والتحرّك صوب الاقتصاد الأخضر.
أما عن أبرز التوجّهات التي تتبناها الخطّة العامة للدولة في العام الجديد، فهي التوجّه الاستراتيجي نحو تنمية القُري المصرية، وتدبير احتياجاتها من البنية الأساسية والخدمات، وتهيئة سُبُل تحسين الدخل ومُستوي المعيشة اللائق لأهالي الريف في إطار مُبادرة حياة كريمة التي تبدأ مرحلتها الثانية مع العام الجديد، والتنفيذ الفاعل للمُبادرات الرئاسية لتحسين صحّة وجودة حياة المُواطن المصري والارتقاء بالأحوال المعيشية للأُسرة المصرية، مع المُتابعة الدقيقة للبرامج التنفيذية لخطة تنمية الأُسرة المصرية والتي ترتكزُ علي ضبط النمو السكاني والارتقاء بخصائص السكان في إطار جهود الدولة لتحسين جودة الحياة للمُواطنين.
ومن بين ضمن التوجهات الرئيسية للخطة، بحسب وزارة التخطيط، زيادة الاعتماد علي الموارد المحلية، من خلال تنمية درجة الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية، والتوسّع في الزراعات التعاقدية، وفي مشروعات الثروة الحيوانيّة، ومن خلال زيادة المُكوّن المحلي في الصناعة، وتوطين الصناعات عالية التقنيّة والقيمة المُضافة، وتبنّي استراتيجيّة التوجّه التصديري باستغلال الإمكانات والفُرص التصديريّة الواعدة في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، والأنشطة العقارية والخدمية والمالية، مع العمل في الوقت ذاته علي ترشيد عمليّات الاستيراد بالتوسّع في إحلال المُنْتج المحلي محل الواردات، وزيادة نسبة المُكوّنات المحلية من إجمالي مُستلزمات التصنيع لتعظيم القيمة المُضافة، وتحفيز مُشاركة القطاع الخاص في الجهود الإنمائية من خلال إتاحة مزيدي من فرص الاستثمار وتوفير التسهيلات لتحسين بيئة الأعمال، والتركيز علي مُبادرات التحسين البيئي ومشروعات الاقتصاد الأخضر، والتطبيق الدقيق لمعايير الاستدامة البيئية علي جميع المشروعات، مع تكثيف الجهود المُوجّهة لتوفير سُبُل المُساندة المالية للفئات الاجتماعية مُنخفضة الدخل، وللمرأة المعيلة ولذوي الهمم، وإعطاء أولويّة في توجيه المُخصّصات المالية للمُحافظات مُنخفضة الدخل، وتكثيف الاهتمام بقضايا النوع الاجتماعي.
كما تواصل وزارة التخطيط في العام الجديد تحديث رؤية مصر 2030 لمواكبة التغيرات والمستحدثات المحلية والدولية باعتبارها وثيقة حية، والتأكيد علي الاتساق والترابط بين الأهداف الإستراتيجية للرؤية وأهداف التنمية المستدامة الأممية، وأجندة أفريقيا 2063، ومواكبة التغيرات التي طرأت علي مؤشرات الاقتصاد المصري بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، والتأكيد علي ترابط الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، مؤكدة أن رؤية مصر 2030 تعتبر وثيقة تشاركية تم إعدادها بالتنسيق بين الحكومة، والمجتمع المصري، والقطاع الخاص، المجتمع المدني، ومراكز الفكر والأبحاث والبرلمانيين والإعلاميين.
أكدت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في إحدي جلسات المؤتمر الاقتصادي الذي نظمته بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن المواطن هو الهدف الأول لكل خطة استثمارية.. كما الهدف الأساسي للنمو الاقتصادي هو توفير فرص عمل لائقة للمواطنين.. حيث نجحنا في خفض مستويات البطالة إلي أدني مستوي لها علي مدار العشرين سنة الماضية بنسبة 7,2% بعد أن كانت 13% وذلك علي الرغم من تداعيات الأزمة العالمية، رغم أن هناك تحديًا آخر هو ارتفاع معدل بطالة الحاصلين علي مؤهلات عليا تصل إلي 15%، وتصل بطالة الإناث إلي 3 أضعاف بطالة الشباب.
أشارت السعيد إلي محور رفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني بالشراكة مع القطاع الخاص، لتجاوز الفجوة بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات سوق العمل، ويهدف البرنامج إلي زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الفني، واعتماد مدارس التعليم الفني دوليا لتغيير الصورة الذهنية لهذا التعليم، إلي جانب إطلاق منصة لمجالس المهارات القطاعية.
وفيما يتعلق بمحور تنمية رأس المال البشري، أشارت السعيد إلي مبادرة "حياة كريمة" والتي تعتبر تطبيقًا عمليًا لمؤشر الفقر متعدد الأبعاد، وتشمل جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر وعمل علي توطين أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أنها أكبر مشروع تنموي في العالم وتهدف إلي تحسين مستوي خدمات البنية الأساسية والعمرانية، تحسين جودة خدمات التنمية البشرية، إلي جانب تحقيق التنمية الاقتصادية والتشغيل.
لفتت الدكتورة هالة السعيد إلي إطلاق "مبادرة حياة كريمة من أجل إفريقيا قادرة علي التكيف مع تغير المناخ" خلال COP27، لتحسين جودة الحياة في 30% من القري والمناطق الريفية الأكثر ضعفًا وفقرًا في إفريقيا بحلول عام 2030 بطريقة حساسة للمناخ.
أما عن المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، والذي يتم من خلاله لأول مرة التعامل مع القضية السكانية من منظور تنموي شامل، فقد أكدت د.هالة السعيد أنه يهدف إلي الارتقاء بجودة حياة المواطن من خلال ضبط النمو السكاني والارتقاء بالخصائص السكانية، لافتة إلي تطور نصيب الفرد من الاستثمارات العامة والذي وصل إلي 90 ضعفًا خلال الأربعين سنة الماضية وانعكس بشكل أساسي علي نوعية الخدمات المختلفة التي قدمتها الدولة للمواطنين، إلي جانب زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء والتي كانت 15% ثم وصلت العام الماضي إلي 30%، ونستهدف إلي 50% العام المقبل. وكل هذه الاستثمارات ساهمت في تحسن وضع مصر في تقرير التنمية البشرية العالمي 2021/2022 حيث قفزت مصر 19 مركز في مؤشر التنمية البشرية العالمي ووصلت إلي المرتبة 97 في التقرير.
أكدت د. السعيد أن الحكومة أطلقت لأول مرة برنامجًا للإصلاح الهيكلي، والذي يستهدف القطاعات الإنتاجية.. الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات. ويؤدي إلي زيادة مرونة الاقتصاد المصري ويجعله قابلًا لامتصاص الصدمات. لأنه سيكون اقتصادا حقيقيًا، قائمًا علي المعرفة وقادرًا علي المنافسة، ويهدف البرنامج إلي زيادة نسبة مساهمة القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد إلي 35% عام 23/2024، بعد أن وصلت بالفعل إلي 30%، بينما كانت نسبتها 26% عام 2019/2020
وتهدف الحكومة إلي زيادة نسبة الصادرات الصناعية ذات المكون التكنولوجي المرتفع، والتي تستطيع المنافسة في الأسواق الدولية، إلي جانب تحسن ترتيب مصر في مؤشر الأمن الغذائي العالمي وزيادة الزراعة التعاقدية، موضحة أنه تم اختيار قطاعات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات في برنامج الإصلاحات الهيكلية لأنها قطاعات واعدة قادرة علي النمو السريع، ووزنها النسبي في الناتج المحلي كبير، ولديها قدرة علي التشابك مع باقي القطاعات.
اترك تعليق