طالما مررنا على كثير من ايات القرآن الكريم وربما بكينا خوفاً من بعضها وازعجتنا كلما تفكرنا فيها لمعنى قد استقر فى انفسناً خطأً وجهلاً وربما فوتنا بعضها مما يستحق التأمل والتدبر وما خشيناه رغم انه انطبق علينا حكمها
ولذلك من الحكمة ان يتدبر المسلم وان يبحث فى كتب المفسرين من اهل الثقات عن المعنى المقصود من اياته
ونتناول اليوم قوله تعالى "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا " الكهف
وما نبحث عنه فى تلك الايات التى نحن بصددها من هم "الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا" التى يتضح من ظاهر الاية ان هناك أُناس يعملون _اذاً فهناك عمل ولكن كذلك هناك خسارة
وقد جاء فى تفسير ابن كثير _ قال البخاري _ عن مصعب قال : سألت أبي - يعني سعد بن أبي وقاص ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ) أهم الحرورية ؟ قال : لا هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأما النصارى كفروا بالجنة ، وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب . والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه . وكان سعد رضي الله عنه ، يسميهم الفاسقين .
وجاء فى طيات تفسير _ابن كثير_ ايضاً للاية انها لم تنزل فى هؤلاء بالخصوص وانما هي أعم من هذا; فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل وجود الخوارج بالكلية ، وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها ، وأن عمله مقبول ، وهو مخطئ ، وعمله مردود
وفى تفسير الطبرى قال "(ِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا) _ قيل فى ذلك هم كلّ عامل عملا يحسبه فيه مصيبا، وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض، وهو بفعله ذلك لله مسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائر كالرهابنة والشمامسة وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالتهم، وهم مع ذلك من فعلهم واجتهادهم بالله كفرة، من أهل أيّ دين كانوا.
وفى تفسير ابن القيم_ "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهم في الحَياةِ الدُّنْيا وهم يَحْسَبُونَ أنَّهم يُحْسِنُونَ صُنْعًا "_هؤلاء إذا انكشف الغطاء وثبتت حقائق الأمور علموا أنهم لم يكونوا على شيء
اترك تعليق