وضع الرئيس الراحل محمد أنور السادات مبادئ السلام واضحة جلية من أجل التحرير الشامل لكل شبر من الأراضي العربية، ومن المكاسب التي حققتها اتفاقية كامب ديفيد الموافقة علي الحكم الذاتي للسكان الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقرار حق الفلسطينيين في إقامة وطن لهم، وإلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة علي كل الجهات.
وأعلن الرؤساء الثلاثة الذين شهدوا توقيع الاتفاقية بمنتجع كامب ديفيد الامريكي عن مصر وإسرائيل وامريكا وهم السادات ومناحم بيجين وجيمي كارتر، أنهم متفقون علي أن السلام لكي يكتب له البقاء، يجب أن يشمل كافة أطراف النزاع العربي والإسرائيلي، إيمانا منهم بأن هذا يحل الأزمة من جذورها وبعمق، فليس هناك من سبيل للوصول إلي حل إلا بالتفاوض والمباحثات.
وتم توقيع معاهدة السلام في 26 مارس 1979, والتي أكدت علي الحل الشامل لأزمة الشرق الأوسط، وقد تحدث الرئيس أنور السادات طويلاً عن الإستراتيجية التي حكمت مسار محادثات كامب ديفيد، فقا انها كانت تسير في خطين متوازيين أولهما:
اتفاق إطار السلام الذي يضع الأساس لاتفاق سلام مع جميع الأطراف العربية سوريا والأردن ومصر ولبنان وفلسطين.
ثانيهما: اتفاق سلام يصلح أساسا للمباحثات بين مصر وإسرائيل من اجل توقيع معاهدة السلام.
وقد أكد السادات أن أسس هذه المفاوضات هي نفس الأسس التي من الممكن أن تحكم المفاوضات بين إسرائيل وسوريا بالنسبة للانسحاب من الجولان، فما يسري علي سيناء يسري علي الجولان أوتوماتيكيا ، أما الاردن فقد دعيت للاشتراك.
وليس هناك أدني شك في أن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية, قد شكلت منطلقا لمرحلة جديدة لمصر والعرب ولمنطقة الشرق الأوسط عامة، ولاتزال نتائجها مثمرة حتي يومنا هذا، فالسلام حقق لمصر العديد من الأهداف المباشرة وغير المباشرة، فقد أدت المعاهدة الي انسحاب إسرائيلي كامل في شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية علي كامل ترابها، وإزالة الوجود الإسرائيلي الي الابد.
ومن الأهداف غير المباشرة هو احداث متغيرات هامة في العقيدة التي غرسها أول رئيس وزراء إسرائيل بن جوريون في المؤسسات العسكرية والقيادات السياسية الإسرائيلية، حين ترك دولة إسرائيل منذ قيامها دون أن يحدد لها حدودا، وأطلق كلمته الشهيرة " أن حدود إسرائيل هي حيث يقف جنود اسرائيل" فلاول مرة تعترف إسرائيل بأن لها حدود دولية هي الحدود المشتركة بينها وبين مصر، اما باقي حدود إسرائيل فهي تعتبرها أمرا مايزال خاضعا للمساومة والتفاوض سواء لحدودها مع سوريا عبر هضبة الجولان أو باقي الاراضي المحتلة في فلسطين.
ودعم الاتفاقية التطور الهائل الذي حدث لدي الرأي العام العالمي بعد حرب 73 تجاه القضية الفلسطينية والنظر إليها علي انها قضية شعب له الحق في الحياة والوجود.
ولاشك أن وجود علاقة سلام بين مصر وإسرائيل قد أتاح لمصر مقدرة عالية علي ممارسة العمل السياسي، علي نطاق واسع وفتح أمام الدبلوماسية المصرية مجالات للعمل والحركة بفاعلية علي صعيد العلاقات الدولية، والشرق أوسطية.
حصول الرئيس أنور السادات علي جائزة نوبل للسلام عام 1978 فاجمعت كل الأوساط السياسة آنذاك أنه رجل سلام، وعرضت كبريات المحطات الإذاعية والمتلفزة في أوروبا وامريكا فيلماً وثائقيا عرض جهود السادات من أجل السلام وزيارته التاريخية للقدس عام 1977, وخطابه التاريخي أمام الكنيست والمباحثات مع الجانب الإسرائيلي الي انتهاء المباحثات بقمة كامب ديفيد التي أسفرت عن التوقيع للسلام.
وقال الرئيس السادات وهو يتحدث عن الجائزة:
" انني سعيد جدا بحصولي علي الجائزة، أن القيمة المادية للجائزة سوف اعطيها لميت ابو الكوم لتطوير القرية، اما القيمة المعنوية للجائزة وكل ما وراءها من مغزي ومعني، فهو حرص العالم وتقديره للشعب المصري الذي وقف وراء المبادرة".
اترك تعليق