تحت عنوان "العراق يقترب من شفا حرب اهلية شيعية"، اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الصراع الأخير في العراق هو حول النفوذ الإيراني في البلاد، وأن التنافس العنيف الحاصل بين الزعيم الصدري مقتدى الصدر وبين إيران، سيقرر مستقبل العراق.
وبعدما ذكرت المجلة الامريكية ان الصدر حول العاصمة بغداد الى "منطقة حرب" طوال 24 ساعة في 29 أغسطس الماضي، مظهرا حجم قوته، قبل أن يدعو انصاره الى الاشتباكات في اليوم التالي، اعتبرت ان الأحداث التي قادت إلى الاضطرابات الأخيرة، كشفت عن "معركة جيوسياسية" قائمة حول تشكيل حكومة في بغداد، ما بين جهود إيران والعراق.
ولفت التقرير الأمريكي إلى أنه بخلاف الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في عام 2019، والتي نشأت من الإحباط الناجم عن الفساد السياسي، فإن العنف الحالي نشأ مباشرة من النفوذ الإيراني في البلاد.
وبحسب التقرير، فان الأحداث الكارثية الاخيرة، التي بلغت ذروتها في مناطق في بغداد وحولتها الى منطقة حرب، كانت ناجمة عن بيان أية الله كاظم الحائري الذي أعلن فيه تقاعده من منصبه بشكل صادم، بالاضافة الى انه غير مسبوق ضمن نظام المرجعية. وتابع التقرير انه ليس من الشائع ان يعين آية الله على قيد الحياة، خليفته، ناهيك عن اعتراف آية الله العراقي بالسلطة الدينية لرجال الدين الإيرانيين في قم مقابل النجف العراقية.
وبرغم ذلك، ذكر التقرير ان محاولة ايران للسيطرة على اتباع الصدر لم تخضع للتفكير بشكل جيد، مضيفا ان الفكرة فشلت على اعتبار ان انصار الصدر موالون بشكل راسخ.
في أحد المقاطع التي انتشرت على نطاق واسع، قال أحد أتباع الصدر إنه سيدعم الصدر حتى لو كان يجلس مع معاوية (عدو الإسلام الشيعي). رداً على استقالة الحائري المفاجئة، ادعى الصدر (وليس للمرة الأولى) استقالته من السياسة، مما دفع مؤيديه المدججين بالسلاح إلى النزول إلى شوارع بغداد. لمدة 24 ساعة، كانت المدينة تسيطر عليها سرايا السلام، الجناح العسكري للصدر.
واستعاد التقرير قرار الصدر في 30 أغسطس عندما دعا أنصاره إلى الإنسحاب خلال 60 دقيقة من من البرلمان والمنطقة الخضراء ووقف العنف، ما يعكس بشكل مخيف ما جرى في الولايات المتحدة في بداية العام 2021، عندما دعا الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب مؤيديه الى مغادرة مبنى الكابيتول في واشنطن.
ورأى التقرير في استجابة أنصار الصدر له بالانسحاب سريعا، رسالة موجهة الى إيران، مفادها انه مهما كانت الطريقة التي تحاول من خلالها أن تؤثر في السياسة العراقية، فان الصدر لا يزال هو المسيطر على الأرض.
ولفت التقرير إلى أن المعركة مع إيران مستمرة منذ انتخابات اكتوبر 2021 التي ادخلت العراق في ازمة سياسية، رغم أن ائتلاف الصدر حصل على مقاعد اكثر بكثير من القوى السياسية المدعومة من ايران، وهو ما شكل ضربة كبيرة لطهران.
أضاف التقرير انه في ظل رفض ايران خسارة نفوذها في العراق، ومع ورفض الصدر التراجع عن موقفه المناهض لها، فقد وجد المعسكران السياسيان في استقاطبهما الواقع، انهما في مأزق تحول مؤخرا إلى أعمال العنف.
وختم التقرير بالقول إن أحداث العنف الأخيرة، تمثل أسوأ صراع شيعي داخلي في العراق منذ سنوات، وذلك بعدما ظلت الغالبية الديموغرافية الشيعية موحدة بدرجة كبيرة منذ سقوط صدام حسين.
اترك تعليق