ولد الشيخ الإمام إبراهيم بن موسي الفيومي المالكي. سنة 1062هـ - 1652م. وكعادة أهل القرية وحبهم لحفظ القُرآن الكريم. وتنشئة أبنائهم من الصغر علي الدِّين وتعاليم الإسلام. يتم إرسالهم إلي الأزهر الشريف» كي يتفقَّهوا في أمور دِينهم. وقد درس الفيومي وتلقَّي علومَه في الأزهر علي يد نخبةي عظيمة من علمائه الأفذاذ. فتفقَّه علي يد الشيخ الخراشي. وكان دائمَ الزيارة له والإقامة معه فترة دراسته» فقرأ عليه الرسالة وشرحها معه. كما أخَذ الحديث عن يحيي الشاوي وعبدالرحمن الأجهوري والشيخ البرماوي.
تولي الشيخ الفيومي مشيخة الأزهر سنة 1133هـ - 1721م بعد وفاة الشيخ محمد شنن وهو سادس شيوخ الجامع الأزهر علي المذهب المالكي وعلي عقيدة أهل السنة وكان آخر من ولي المشيخة من المالكية بعد أن ظل المنصب في المالكية طيلة نصف قرن.. وكان ذا موهبةي خاصَّة في التدريس. فكان المئات يتوافدون عليه يوميًّا ويتلقَّون عنه. وكان يُلخِّص ما يقولُه في نهاية الدرس. ولا يغادر مجلسَه حتي يطمئنَّ علي فهم تلاميذه له. ومن أبرز طلابه الشيخ محمد بن يوسف الشافعي. حيث درس علي يد الشيخ الفيومي "المعقول" أي: المنطق والفلسفة. و"المنقول" علوم الدِّين والفقه واللغة. وقد تأثَّر بمعلومات وعلوم شيخه.
والشيخ الفيومي كان من المُولَعين بالحديث. حتي إنَّ كلَّ مَن ترجموا له وصفوه بأنَّه محدِّث. وأصحاب هذا الفن أو هذا العلم أو أكثرهم علي الأقلِّ يُفضِّلون حفظَ الحديث علي كتابته. حتي تظلَّ ألسنتهم رطبةً بتلاوته. مثل القرآن الكريم. وقد كان السلف الصالح من أصحاب النبي ــ صلَّي الله عليه وسلَّم ــ والتابعين لهم بإحساني يحفظون السنة. وكان الشيخ الإمام الفيومي عالمًا ورعًا من كبار علماء المالكيَّة المشهود لهم بسعة العلم وغزارة البحث مع التقوي والزهد.
مع أنَّ المؤرِّخين أغفَلوا كثيرًا من سيرته والحديث عن مؤلَّفاته. إلا أنهم ذكَرُوا له بعض الآثار» حيث إنَّه كان من رجال الحديث في عصره.
وتبحَّر في علوم اللغة» فألَّف شرحًا قيمًا وجيِّدًا للكتاب المسمي " المقدمة الفرية للجماعة الأزهرية في علم الصرف". من تأليف أبي الحسن الشاذلي المالكي. وهذا الشرح في مجلدين. كما أنَّه درس "الرسالة"» للشيخ الخراشي وشرحها. واللافت للنظر أنَّ الإمام الفيومي تلقَّي علي كثيري من العلماء العلوم المختلفة. وعلي الرغم من هذا لم يذكر المؤرِّخون له غير مصنَّف واحد كما ذكرنا. وربما كان له أكثر من ذلك لكنَّها فقدت. أو أنَّه كان يفضل العلم المسموع علي العلم المقروء والمكتوب.
توفي الشيخ الفيومي سنة 1137هـ - 1725م.
اترك تعليق