أعزَّ الإسلام الخدم والعمَّال ورعاهم وكرَّمهم. واعترف بحقوقهم لأوَّل مرَّة في التاريخ -بعد أن كان العمل في بعض الشرائع القديمة معناه الرقُّ والتبعية. وفي البعض الآخر معناه المذلَّة والهوان- قاصدًا بذلك إقامة العدالة الاجتماعيَّة. وتوفير الحياة الكريمة لهم» وقد كانت سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم خيرَ شاهد علي عظمة نظرة الحضارة الإسلامية للخدم والعمال. وكانت إقرارًا منه صلي الله عليه وسلم بحقوقهم.
وأولت الشريعة الإسلامية منذ آلاف السنين اهتماما كبيرا بحقوق العمال والأجراء. وشددت علي ضرورة إعطاء كل ذي حق حقه. وقد أمرنا الله تعالي بضرورة الوفاء بالعقود أياً كانت نوعها. وحذر رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في أكثر من حديث شريف الذين يأكلون حقوقهم ويظلمونهم.
يقول الله تعالي في سورة المائدة "آية: 1" : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ". وذكر السعدي في تفسيره لهذه الآية الكريمة أن: "هذا أمر من الله تعالي لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود. أي: بإكمالها. وإتمامها. وعدم نقضها ونقصها. وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه. من التزام عبوديته. والقيام بها أتم قيام. وعدم الانتقاص من حقوقها شيئا. والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه. والتي بينه وبين الوالدين والأقارب. ببرهم وصلتهم. وعدم قطيعتهم. والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغني والفقر. واليسر والعسر. والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات. كالبيع والإجارة. ونحوهما. وعقود التبرعات كالهبة ونحوها".
فعقود المعاملات والإجارة وغيرها من الأمور التي أمر الله - سبحانه وتعالي - كل مسلم أن يحافظ عليها وأن يوفيها علي أكمل وجه. فهذه الحقوق كفلها ديننا الإسلامي الحنيف وحث عليها النبي - عليه الصلاة والسلام - أصحابه والمسلمين أجمع.
وقد استشهد الكاتب محمد إسماعيل عبده في كتابه "الاقتصاد في ضوء الإسلام" بحديث الرسول - صلوات الله عليه - "أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه". قائلا إن هذا يرضي العامل من الناحية النفسية والمادية. فالأولي إشعاره بالعناية والاهتمام والأخيرة مراعاة لشدة حاجته للمال. وليس لأصحاب الأعمال أن يستولوا علي حق العمال فحقهم في الأجر مقدس. حقهم المساوي لمجهودهم.. وأشار أيضا إلي الحديث النبوي الشريف: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "قال الله تعالي: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر. ورجل باع حرا فأكل ثمنه. ورجل استأجر أجيرا فاستوفي منه ولم يعطه أجره".. رواه البخاري.
اترك تعليق