بعث النبي صلي الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق ويرشد إلي معالي الأمور. ومن مكارم الأخلاق ومعاليها: الأدب في الخطاب.
وتجنب البذاءة وما فيه فحش من القول. وهذا من مظاهر الجمال. ودلائل الكمال. في سنة النبي صلي الله عليه وسلم. وحسن الشريعة التي جاء بها.. قال تعالي: "وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ التي هِيَ أَحْسَنُ". أي قل أيها الرسول وعلِّم الناس أن يقولوا الكلمة الطيبة. وأن ينطقوا دائما بالحسني. علي وجه الإطلاق وفي كل مجال فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه.
والمتأمل في نصوص السنة يجد الحث علي الكلمة الحسنة. والطيبة. واللينة» لأن -الكلمة- في الواقع- ليست مجرد حروف مرسومة. أو أصوات مسموعة. وإنما هي رسل هدي ورحمة وخير. أو شياطين غواية وضلال وبلاء!ومن أجل هذا. كان احتفاء الإسلام بالكلمة. وتقديره لها. وحسابه لآثارها ومعطياتها.. فقد عرف الإسلام للكلمة قدرها وخطرها في تفكير الإنسان. وسلوكه.
وكان النبي -صلي الله عليه وسلم- أعف الناس قولاً. وأجملهم منطقاً. قال ابن القيم: كان يتخير في خطابه ويختار لأمته أحسن الألفاظ وأجملها. وألطفها. وأبعدها من ألفاظ أهل الجفاء والغلظة والفحش .. فلينزه المرء عن الألفاظ لسانه. ولا يضيفها إلي نفسه. وليعود لسانه الكلام الحسن كي يكون عادة له وسجية.
وليس المنهي عنه في وصف النفس بالخبث عدم الصدق فيها. بل هو توجيه وإرشاد إلي جمال اللفظ. وحسن التعبير. وعفة المعني ليكون قول المؤمن حسنا وفعله حسنا. فالكلمة الطيبة تأسُو جراح القلوب. تندي جفافها. وتجمعها علي الود الكريم والشيطان يتلمس سقطات فم المرء. وعثرات لسانه. والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات. وتقطع عليه الطريق.. وقد قال صلي الله عليه وسلم: "وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةى" أي أن المتكلم بالكلام طيب كالمتصدق بالمال.
والكلمات هي الرصيد الذي يملكه الإنسان. وينفق منه.. لهذا كان من تدبير الإسلام حراسة الإنسان. من أن تدخل عليه كلمات السوء. فتسكن في كيانه. وتتحول إلي كائنات حيّة تعيش معه. وتوجه سلوكه.. فتتخلّق منها مشاعر خبيثة.. وخطاب المرء دليل علي شخصيته وينبئ عن مكنونه.وفي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم: "لا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدي حَتَّي يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ. وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّي يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ".
اترك تعليق