أكد د. عبد المنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية بالأزهر والمشرف على أروقة الأزهر أن الإمام الأكبر شيخ الأزهر هو صاحب قرار إعادة إحياء العمل بأروقة الأزهر من خلال استراتيجية تضمن تحقيق أهدافها .. موضحا خلال حواره مع الجمهورية اونلاين أنه تم استحداث أنظمة عصرية للعمل بأروقة الأزهر سواء للبالغين أو للأطفال ، معلنا أن الإقبال الكثيف على أروقة الأزهر دليل رد عملي على المشككين والطاعنين في أهميتها وتجرأهم بوصفها أنها أوكار للإرهاب .
ما خطتكم المثلى لنشر فروع جديدة للأروقة فى كل محافظات الجمهورية؟
الأروقة فكرة قديمة جديدة قديمة منذ انتصب منبر الجامع الأزهر، تحت سماء القاهرة، ووجد ما يسمى بشيخ العمود، وهذه الأعمدة الموجودة بالجامع الأزهر لها تاريخ طويل ممتد فى جذور التاريخ، وكل عمود مرتبط بعلماء وطلاب ورواد نهضة، ورؤساء وأمراء تخرجوا من تحت هذه الأعمدة، وعلماء أمثال: ابن حجر العسقلاني، والعيني، والقلقشندي، وابن خلدون عالم الاجتماع المعروف ، والشيخ الشعراوي ، و د.عبد الحليم محمود ، والشيخ جاد الحق، والشيخ الطيب ، والنجار ، وهذه الأعمدة ظلت موجودة إلى أن توقفت ، فلما جاء الشيخ الطيب وضع مفردات ومناهج لإعادة تدريس كُتُب التراث تحت هذه الأعمدة، وتم تشكيل لجنة علمية من كبار العلماء لتكوين وثيقة علمية لإعادة العمل بالأروقة ، وتم وضع تلك الوثيقة فى مضبطة الأزهر الشريف.
هل تم العمل بالأروقة وفق المنهجية القديمة أم تم استحداث نظم عصرية ؟
ووضعنا أهداف نعمل عليها لتحقيق الأروقة المقاصد المطلوبة ، وقررنا التخلي عن نظام المركزية تحقيقا لمبدأ نشر التراث الأزهري ، حيث وجَّه الإمام بفتح أروقة فى عواصم المحافظات ، وبلغ عدد الدارسين بها الآن قرابة " 20 " ألف دارس ، وبعدما نجح الهدف الأول انتقلنا إلى المرحلة الثانية بفتح أروقة أزهرية للأطفال في عواصم المحافظات والمراكز والقرى والنجوع ، وتم معاينة " 507 " رواق ، وتقدم إلينا خلال أسبوعين ما يزيد عن نصف مليون طفل من سن 5 حتى 13 سنة، بما يعكس الثقة فى الأزهر الشريف، رغم حملات الطعن والتشكيك ممن يدَّعون أنهم رواد الثقافة في مهاجمتهم تلك الأروقة ووصفها زورا بأنها أوكار للتطرف .
ما هي الضمانة التى وضعها الأزهر لطمأنة قلوب الأسرة المصرية للمشاركة في رواق الطفل ؟
تم عمل تنسيق إدرارى وعلمى ولجان بكل محافظة، مهمتها مراقبة هذه الأروقة، وكل لجنة مكونة من سبعة أفراد مهمة أفرادها مراقبة عمل الأروقة وضبط حركتها منعا من تسرب الأفكار المتطرفة، التى يعانى منها بعض الشباب، والتى توغلت على عقول أولادنا، نتيجة الفقر الفكرى الديني، لدى بعض الشباب، نتيجة الأفكار الوافدة التى لا نعرف مصدرها، ولا مَن خلفها، ولا مقصده ، ومن هذا المنطلق جاء تفكير الإمام الأكبر فى ضرورة نشر المنهج الأزهرى الوسطى ليواجه هذه الأفكار المتطرفة الضالة، التى تخطف أبناءنا إلى الهاوية وعالم المجهول ، وحينما ننجح في تربية الأطفال على الأدب والتواضع وحُسن الخُلُق، ونعَلِّمَهم الحفاظ على الوطن وترسيخ أسس والمواطنة التى دعا إيها القرآن الكريم فى قوله تعالي: لا ينهاكم اللَّه عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن اللَّه يحب المقسطين " ، وتربية الأطفال على أن المواطنة من شعائر الإسلام، وأصوله الثابتة بما يمنع شرور الفتنة التى يسعى أعداء الوطن لنشرها بين الآمنين المطمئنين .
ما هي فكرة الأروقة العلمية؟
الأروقة العلمية بمثابة وحدات فكرية لمواجهة الأفكار الزاحفة والمتطرفة على عقول مجتمعنا، حيث يسعى الأزهر للأخذ بأيدي الشباب نحو ثقافة السماحة والاحترام والإخاء ومعرفة حقوق الجار، واحترام الوالدين وتقدير المعلم، وتوقير الكبير ، وتربيتهم على وصايا لقمان الحكيم فى عدم التكبر على الآخرين والتواضع، وإفشاء ثقافة السلام بين الجميع ، ولقد رأينا من القائمين على هذه الأروقة يتخذون هذا العمل كرسالة، وليس كوظيفة، لأن الإمام الأكبر د.الطيب اجتمع بنا وأسمعنا حديث رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : اجعلوا عملكم وهجرتكم فى هذا البناء خالصاً لوجه اللَّه تعالى وليعلم الجميع أن الدراسة بالأروقة مجانية، ودون مقابل
كيف ترى من وجهة نظرك قضية تنقية التراث؟
التراث من أصول الأمة، وأي أمة بلا تراث كشجرة بلا ثمر ، وكثير من كتب تراثنا موجودة فى إسبانيا وبريطانيا وأمريكا ، إن تراثنا مشرِّف ، وليس فيه ما يعيبه، وللعلم فإن تراثنا يُنَّقِيِ نفسه بنفسه ، حيث يشتمل على السماحة والعفو ، والرأى والرأى الآخر، وآداب الحوار والمناظرة، ومفكرو الغرب يفخرون بتراثنا ، مثل : ويل ديورنت صاحب كتاب "الحضارة ، والسؤال : كيف ننقى تراثاً مرَّ عليه أربعة عشر قرناً من الزمان، والعلماء يتوارثونه ويمحصونه ويحققونه، ثم يأتى مَن لا علم عنده ، ويطلب بتنقية التراث ، كيف أنقى كتاباً مثل كتاب "الشفاء " أو " القانون لابن سينا " ، رغم أنه يتم تدريسهما فى الغرب؟ ولقد أخذ " ديكارت " نظرية الشك من الإمام الغزالي ، وتراثنا علمنا الرفق بالحيوان، وليس جمعيات الرفق بالحيوان التى ظهرت فى أوروبا مؤخراً ، كما أن تراثنا علمنا عدم الاعتداء على الآخر ، وأن ديننا لم ينتشر بحد السيف، بل بالرحمة واللين والصدق والأمانة ، واسألوا أندونيسيا وماليزيا وأوروبا وأفريقيا ، واسألوا 250 مليون مسلم فى الهند.
ما دور لجنة المصالحات بالأزهر ، وماذا قدمت؟
لقد وصلنا إلى 154 حالة صُلح على مستوى الجمهورية، بالاشتراك مع وزارة الداخلية ، وكل صباح يتقدم لنا طلبات للمصالحات، ونحن نعمل من خلال ضوابط ودون تحيز لأحد على حساب الطرف الآخر ، ولنا فروع فى كل محافظة، وهى تعمل بنجاح منذ إنشائها عام 2014 منذ أن تفجرت مشكلة أسوان الشهيرة بين الدبودية والهلايل ، والإمام الأكبر يتابع أنشطة اللجنة أولاً بأول، وبعد إنهاء المصالحة يُرفع له تقرير بذلك مباشرة.
اترك تعليق