واصلت أسعار الطاقة في أوروبا والولايات المتحدة تسجيل مستويات قياسية، أثارت قلق المستهلكين هناك، بشأن قدرتهم على تدبير سبل المعيشة.
سجلت أسعار النفط ارتفاعات جديدة، بعد أن اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة لحظر أكثر من ثلثي واردات النفط الروسية، وارتفع سعر خام برنت فوق 123 دولارا للبرميل، وهو أعلي مستوي له منذ شهرين، وارتفعت أسعار النفط والغاز في الأشهر الأخيرة، مدفوعة برفع إجراءات الإغلاق التي صاحبت جائحة كورونا إلي جانب حرب روسيا على أوكرانيا، ويؤدي ارتفاع تكاليف الطاقة إلي الضغط على المستهلكين، ما يجعل تدفئة المنازل واستخدام السيارات أكثر تكلفة.
حذر رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، إن القارة العجوز قد تواجه نقصا في الوقود هذا الصيف، بسبب الشح في النفط، ونقل موقع "شبيجل" الإخباري الألماني عن بيرول قوله: "عندما يبدأ موسم العطلات الرئيسي في أوروبا والولايات المتحدة، سيرتفع الطلب على الوقود، وعندها يمكن أن نشهد نقصا: على سبيل المثال في الديزل أو البنزين أو الكيروسين، خاصة في أوروبا".
كما حذر بيرول وفقا للتقرير من أن أزمة الطاقة الحالية "أكبر بكثير" من صدمات النفط في السبعينيات وأنها ستدوم أيضا لفترة أطول، وقال بيرول للموقع الألماني: "في ذاك الوقت كان الأمر يتعلق فقط بالنفط.. الآن لدينا أزمة نفط وغاز وأزمة كهرباء في آن واحد".
وقد ارتفعت أسعار البنزين والديزل في محطات الوقود ببريطانيا إلي مستويات قياسية جديدة خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما تسبب في خلق المزيد من المصاعب المالية للسائقين.
وصل متوسط سعر الديزل في المملكة المتحدة إلي مستويات مرتفعة بلغت 182.71 بنساً "2.31 دولار" للتر، مما دفع تكلفة ملء السيارة العائلية إلي أكثر من 100 جنيه إسترليني للمرة الأولي على الإطلاق، وفقاً لمنظمة "النادي الملكي للسيارات في بريطانيا" "RAC"، في غضون ذلك، ارتفع لتر البنزين الخالي من الرصاص إلي 172.73 بنس.
وقال سيمون ويليامز المتحدث في شئون الوقود لدي "النادي الملكي للسيارات في بريطانيا": "مع استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام فوق 115 دولاراً للبرميل، فإن الأسوأ لم يأتِ بعد تماماً ونحن نقبل على عطلة البنوك في اليوبيل البلاتيني "لحكم الملكة"، خاصة وأن البنزين الآن أغلي من الديزل في سوق الجملة".
وفي ألمانيا، كشف استطلاع للرأي تزايدا في قلق المستهلكين هناك، بشأن قدرتهم على تدبير سبل المعيشة في ظل ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية، وأظهر الاستطلاع، الذي أجري بتكليف من وكالة حماية الائتمان الألمانية "شوفا"، أن 38% من الألمان ذكروا مطلع مايو الجاري أنهم يجدون صعوبة متزايدة في تسديد نفقات الاحتياجات اليومية، وكانت تبلغ نسبتهم في استطلاع مماثل قبل أربعة أشهر 28%.
وبحسب الاستطلاع، ارتفعت نسبة الأشخاص الذين من المحتمل أن يضطروا إلي الحصول على قرض للحفاظ على مستوي معيشتهم بمقدار أربع نقاط مئوية إلي 14%، وأعرب أكثر من ثلثي الألمان "71%" عن قلقهم من أن التضخم سيعرض الرخاء في ألمانيا للخطر.
يذكر أن أسعار المستهلكين في ألمانيا ارتفعت في مايو الجاري بنسبة 7.9% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.. وتقول الأرقام إن أسعار الوقود في ألمانيا ارتفعت بنسب وصلت نحو 80% في المتوسط.
بذلك يستمر معدل التضخم في ألمانيا للشهر الثالث علي التوالي فوق علامة الـ7%، ففي مارس الماضي. قفز معدل التضخم السنوي من 5.1% إلي 7.3%، وفي أبريل بلغ معدل التضخم السنوي 7.4%، وبحسب الأرقام الأولية، ارتفعت الأسعار بنسبة 0.9% من أبريل حتي مايو 2022.
تجدر الإشارة إلي أن هذه أعلي معدلات تضخم يتم تسجيلها منذ توحيد شطري ألمانيا، وفي جمهورية ألمانيا الاتحادية القديمة "ألمانيا الغربية" تم تسجيل قيم مماثلة في شتاء 1973/ 1974، عندما ارتفعت أسعار الوقود بشكل حاد نتيجة لأزمة النفط الأولي.
ويؤدي الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة حاليا أيضا إلي ارتفاع التضخم في ألمانيا ومنطقة اليورو ككل، وقد تفاقم هذا الاتجاه المرصود منذ شهور بسبب الهجوم الروسي علي أوكرانيا، بالإضافة إلي ذلك، يعاني القطاع الصناعي من مشكلات في سلاسل التوريد منذ أزمة جائحة كورونا.
وتقلل معدلات التضخم المرتفعة من القوة الشرائية لليورو لدي للمستهلكين، وقد أقرت الحكومة الألمانية حزما اقتصادية بقيمة ملياري يورو لدعم المواطنين في مواجهة الغلاء.
ويتطلع البنك المركزي الأوروبي إلي زيادة أسعار الفائدة في منطقة اليورو، وهي خطوة لم تحدث منذ أحد عشر عاما، ويخطط البنك المركزي الأوروبي لإنهاء سعر الفائدة السلبي على الودائع حاليا "سالب 0.5%" مع زيادتين لأسعار الفائدة في يوليو وسبتمبر المقبلين، ويمكن مكافحة ارتفاع التضخم بزيادة أسعار الفائدة.
وواصلت أسعار البنزين في الولايات المتحدة الأمريكية تسجيل مستويات قياسية جديدة، في أحدث ضربة للسائقين قبل موسم القيادة الصيفي، وبحسب بيانات "إيه إيه إيه"، بلغ متوسط سعر التجزئة للبنزين في الولايات المتحدة 4.619 دولار لكل جالون، مقابل 4.178 دولار قبل شهر واحد، وبزيادة تقارب 52% مقارنة بنفس الفترة قبل عام.
وجاء صعود أسعار البنزين مع ارتفاع النفط مع مخاوف ضعف المعروض وقوة الطلب، ورغم تدابير أمريكية كانت تستهدف وقف صعود الأسعار، وأقرت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" خطة للسيطرة على أسعار البنزين تشمل السحب من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط ودراسة التخلي عن القواعد البيئية في الولايات المتحدة المتعلقة باستخدام البنزين، والتي تهدف إلي الحد من الضباب الدخاني خلال فصل الصيف.
ويعانى السائقون فى الولايات المتحدة الأمريكية من أرتفاع تكاليف الوقود، إذ وصل متوسط سعر التجزئة للبنزين بالنسبة للسائقين فى البلاد إلى مستوى قياسي، تماماً مع بدء إنطلاق موسم القيادة الصيفي فى البلاد.
اترك تعليق