الأزمة العالمية ألقت بظلالها علي جميع دول العالم فأمريكا رفعت سعر الفائدة وأيضا عدد من دول الخليج لمحاصرة الأزمة وتقليل تداعياتها السلبية قدر المستطاع.
الحكومة المصرية تعمل بكل طاقاتها لمواجهة الأزمة. حتي ان الرئيس وجه قبل عيد الفطر باقامة مؤتمر صحفي عالمي لشرح أبعاد الأزمة وتأثيرها علي مصر علي وجه التحديد.
"الجمهورية أون لاين" تواصلت مع عدد من الخبراء لمعرفة أفضل الطرق والأساليب لمواجهة هذه الأزمة وما يجب ان تقوم به الحكومة والمواطن لتقليل تداعيات الأزمة العالمية علي المواطنين وعلي اقتصاد الوطن.
يقول د.أشرف منصور الأستاذ بتجارة حلوان إن العالم منذ فترة ليست بالطويلة يواجه بعض الأزمات التي كان العديد من التداعيات. لاسيما الاقتصادية.. فمع جائحة "كورونا" حدث الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد فاقم هذا الغزو كثيراً من الآثار السلبية التي سببتها الجائحة. فلم تقتصر الآثار السلبية الاقتصادية للغزو علي أوكرانيا وروسيا والدول المجاورة لهما. بل انتقلت إلي معظم دول العالم الأخري. والتأثير الأكثر ضرراً كان علي الدول النامية والفقيرة. التي تعاني أصلاً انخفاض مستوي الدخل وارتفاع الأسعار. وجاءت الحرب لتفاقم هذه المعاناة.
أضاف: لمواجهة هذه التحديات والحد من تداعياتها السلبية، ينبغي علي الحكومة المصرية اتخاذ عدة اجراءات منها ما يلي:
أوضح د.ماجد الباز الأستاذ بكلية التجارة جامعة قناة السويس أن النظام المالي العالمي يشهد حالة من عدم الاستقرار نتيجة الازمات المتلاحقة التي يمر بها العالم بداية من جائحة كورونا وصولاً الي الأزمة الأوكرانية. الامر الذي دفع الاقتصاد العالمي الي حالة من الانكماش في معدلات النمو الاقتصادي وحالة متزامنة من ارتفاع معدلات التضخم غير المسبوقة. ونتيجة لهذه الضغوطات المالية اتجه البنك الفيدرالي الأمريكي لرفع سعر الفائدة كمحاولة لكبح جماح هذه الازمة ولكن علي المستوي المحلي الامريكي. ونتيجة أن الدولار يعتبر العملة الرئيسة الحالية بالعالم فقد انعكس ذلك القرار علي أسعار عملات باقي الدول بالسلب. خاصة الدول ذات الاقتصاديات الناشئة.
أشار د.الباز إلي أن مصر ستكون من أقل الدول تأثراً بالقرار الأمريكي نتيجة الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الدولة المصرية مثل تنظيم الاستيراد والتخفيض السابق للجنيه المصري وشهادات الاستثمار بعائد 18% وخطة الإصلاح الاقتصادي. وبالتالي ستكون نتائج القرار الامريكي قصيرة الأجل وسيمتص الاقتصاد المصري هذه القرار في وقت قصير ولكن بشروط.
أضاف أن أهم هذه الشروط الرهان علي وعي المواطن المصري والاتجاه نحو ترشيد الإنفاق الاستهلاكي خلال الفترة الحالية.. ثانياً ترشيد الاستيراد واقتصاره علي مستلزمات الإنتاج والمواد الخام فقط لمدة عام علي الأقل.. ثالثاً دعم الصناعة الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي. خاصة الصناعات المرتبطة بالسلع الاستراتيجية والتحويلية الزراعية.. رابعاً تكوين تحالفات وروابط تجارية دولية استراتيجية خارج منظومة الدفع بالدولار مثل الصين وروسيا.. خامساً الإسراع في تحويل منطقة قناة السويس لمركز لوجيستي عالمي لزيادة إيرادات قناة السويس.. سادساً تكوين روابط تجارية تبادلية مع العمق القومي لمصر من جانب الدول العربية والدول الأفريقية.
يقول د.محمد راشد مدرس الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بني سويف إن الأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم لها تداعيات سلبية علي جميع دول العالم. ولاسيما علي الدول الناشئة ومنها مصر وذلك لأسباب متعددة. منها المعوقات التي تكتنف سلاسل الإمداد والتموين علي مستوي العالم وعودة الإغلاقات المتعلقة بكورونا إلي الصين مرة أخري. ولاسيما مدينة شنغهاي التي تعد من أكبر المدن الصناعية الكبري. علاوة علي الأزمة الروسية- الأوكرانية وتأثيراتها السلبية علي ارتفاع أسعار الغذاء. وكذلك النفط والغاز. علاوة علي سياسة التيسير النقدي التي اتبعها الفيدرالي الأمريكي أثناء أزمة فيروس كورونا. وكل هذه العوامل ساهمت بشدة في اذكاء نيران التضخم التي تحرق بدورها جيوب المواطنين في شتي بقاع الأرض.
أضاف أنه رغم كل هذه التداعيات والتحديات الاقتصادية. إلا أن قيام الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة يشكل خطراً جسيما يهدد الدول الناشئة ومنها مصر بسبب انسحاب رءوس الأموال من تلك الدول نحو الاستثمار في أذون الخزانة الأمريكية أو للمضاربة علي المعدن الأصفر. ما ينعكس سلباً علي قيمة عملات تلك الدول التي تعول بعض الشيء علي رءوس الأموال الساخنة في إضفاء قدر من الاستقرار علي سوق الصرف.
أوضح أن الأمر يتطلب بداية خروج المسئولين عن إدارة السياسات النقدية والمالية وكذلك المسئولين عن الملف الاقتصادي إلي وسائل الإعلام لتطمين الأفراد والمستثمرين وتوضيح التوجهات الاقتصادية التي ستتبناها الدولة الفترة القادمة. وأن الدولة تمتلك العديد من الأدوات لتقليل الانعكاسات السلبية لهذه الأزمة علي الاقتصاد المصري بما يبعث علي خلق حالة من الاستقرار والطمأنينة لدي جموع المواطنين.
أشار إلي أنه ينبغي خفض الواردات غير الضرورية وغير المطابقة للمواصفات القياسية لتوفير العملة الصعبة مع السعي الدءوب لخلق أسواق جديدة للصادرات المصرية ورفع جودتها لخفض العجز في الميزان التجاري. علاوة علي أهمية توطين الصناعة والإحلال محل الواردات.. وأري أن هذه الأزمة فرصة ذهبية للارتقاء بالمنتج المحلي وتوفير الحماية التجارية له. حيث تتيح بنود اتفاقية "الجات" الحق للدول النامية التي تعاني عجز مزمن في ميزان المدفوعات في وضع قيود جمركية لحماية صناعتها الوليدة. كما ينبغي زيادة نسبة الاستثمارات الموجهة للقطاعين الزراعي والصناعي علي حساب القطاع العقاري الذي اقترب من مرحلة التشبع حتي نتمكن من زيادة الصادرات وخفض الواردات.
يري د.محمد حمدي عوض المدرس بكلية التجارة جامعة القاهرة أن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة علي الدولار بمقدار نصف نقطة مئوية كإجراء احترازي لكبح جماح التضخم ودعم الدولار الأمريكي وتجنب الآثار السلبية لجائحة كورونا والحرب الروسية- الأوكرانية سيكون له تبعات علي دول العالم بصفة عامة والدول الناشئة ومنها مصر بصفة خاصة. حيث يترتب علي هذا القرار خروج الاستثمارات الأجنبية أو ما يعرف بالأموال الساخنة من السوق المصري واتجاهها إلي السوق الأمريكي للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع. حيث يبحث المستثمرون دائما عن الأمان والعائد المرتفع. كما يترتب علي هذا القرار ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بسبب زيادة الطلب عليه. الأمر الذي يؤدي إلي زيادة نسبة الديون المقومة بالدولار وارتفاع تكلفة الاقتراض. وكذلك ارتفاع تكلفة الواردات المصرية لأن الدولة المصرية تعتبر من الدول المستوردة للعديد من المنتجات المهمة والاستراتيجية.
أضاف أن الدولة المصرية اتخذت إجراءات استباقية للتعامل مع الأزمة الحالية منها عدم قبول الدولار غير معلوم المصدر. وشراء 44 طناً من الذهب لدعم الاحتياطي النقدي المصري. ما ساهم إلي حد ما في ثبات قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي.
أشار د.حمدي إلي مجموعة من الاجراءات التي يجب علي الحكومة المصرية اتخاذها للتخفيف من حدة الأزمة الحاليةج ومواجهة نسبة التضخم المرتفعة. منها أولاً رفع سعر الفائدة أسوة بالسعودية والكويت والإمارات والبحرين وقطر في محاولة لزيادة جاذبية السوق المصري أمام المستثمرين الأجانب لمنع خروجهم منه وهو الأمر المنتظر قيام البنك المركزي المصري به.
ثانياً. ترشيد الإنفاق الحكومي وتوجيه بنود الإنفاق بالموازنة العامة للدولة نحو القطاعات الإنتاجية ذات العائد السريع.. ثالثاً. إعادة هيكلة عمليات الاستيراد بحيث يكون الاستيراد للسلع المهمة والاستراتيجية وعدم استيراد السلع الكمالية والبحث عن وسائل وآليات لإنتاجها محلياً.
رابعاً. التركيز علي القطاع السياحي باعتباره أحد المصادر الرئيسية للحصول علي العملة الأجنبية.. خامساً. إقامة علاقات طيبة مع الدول العربية الشقيقة لدعم الخزينة المصرية بالعملة الصعبة في حالة تفاقم الأزمة.. سادساً. إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية.. سابعاً. طرح بعض الشركات الحكومية في البورصة.
كما نوه إلي ضرورة قيام المواطن المصري بالمشاركة في مواجهة الأزمة الحالية عن طريق ترشيد استهلاكه بغرض تخفيض الطلب علي المنتجات وتخفيض أسعارها.
يقول الخبير الاقتصادي د.سيد قاسم عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريعي إن اضطرابات الاقتصاد لم تصبح مجرد احتماد أو موجة بسيطة وتطوي. ولكن سوف تتناوب الموجات السلبية المعلنة والخفية واحدة تلو الأخري في العديد من الفترات المقبلة مع اختلاف مسمياتها.
أضاف أنه ليس أمامنا إلا أن نستفيد من هذه الاضطرابات واستحضار سيناريوهات للعمل علي امتصاص الصدمات وموجات التضخم المتوقعة. والطريقة الوحيدة من الاستفادة هي ابتكار واستحداث آليات تمكننا من التعامل مع اقتصاد الغد.
أوضح أن الموجة التضخمية التي نعيشها الآن كانت واضحة المعالم منذ بداية أزمة وباء "كورونا" في منتصف ديسمبر 2019 وحتمية التأكد من انها ستؤدي إلي ضغوط تضخمية عبر تحديات في جانب الطلب وجانب العرض.
ومع تركيز الحكومة علي حل مشكلة جانب الطلب عن طريق العديد من المبادرات المعاونة من خلال ضخ السيولة في الاقتصاد والمساعدات النقدية المباشرة وغير المباشرة. ارتفع الطلب من دون أن تقابله زيادة في العرض. بالإضافة إلي أن سلاسل الإمداد العالمية للمواد الخام ضعفت أمام تنفيذ قوي الطلب حول العالم. وبالتالي ضعفت قوي العرض. فحدث ارتفاع كبير في الأسعار.
أشار إلي أن الاضطرابات الجيوسياسية المعلنة الآن التي أثرت وضاعفت الآثار السلبية علي جميع سلاسل الإمداد التي تمنح المنتج المحلي المري فرض سيطرته علي الذوق المحلي وإجهاض المنتج الأجنبي المستورد في العديد من القطاعات.
قال إن زيادة معدل الإنتاج التصنيعي أحد آليات الحد من ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم. ما يساعد علي اضمحلال معارضة العرض والطلب.
في سياق آليات مقابلة الموجة التضخمية. لابد من التصدر للاستخدام المفرط من أنماط السلوك الاستهلاكي البشري المفرط. الذي ينعكس علي ارتفاع أسعار العديد من السلع كالمواد الغذائية وغيرها.
يقول د.عمرو يوسف خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية إن اقتصادات العالم مع موعد غير مرغوب فيه مع موجة تضخمية هي الأعتي في قوتها وضراوتها في صورة لم تتكرر منذ عشرات السنين. فما إن رفع الفيدرالي الأمريكي وللمرة الثانية سعر الفائدة للسيطرة علي موجة التضخم التي تضرب أمريكا لتتحرك بعض الدول نحو رفع الفائدة لتفادي آثار الفيدرالي السلبية وللحفاظ علي عدم تآكل القوي الشرائية للعملات المحلية لديها.
أضاف أنه علي غرار محاولات الدول للسيطرة علي هذا الوضع. نجد أن مصر قد تحركت ونفذت برنامجاً كان الهدف الأول منه هو رعاية الأسر الأكثر احتياجاً ودعمهم. وعن الهدف الآخر كان دعماً للنظام النقدي المصري للحفاظ علي الاحتياطي النقدي الأجنبي بسن تشريعات عديدة في هذا الشأن. بالإضافة إلي دعم الغطاء المعدني الأصفر لدي المركزي لتأمين وضع مصر النقدي في مقابل العالم الخارجي. بالإضافة إلي طرح العديد من أدوات الجذب النقدي لتقليل نسب السيولة المتداولة في الأسواق أو استحداث أدوات دين جديدة لتوفير سبل استثمارية متنوعة.
أشار إلي أنه علي الاقتصاد المصري للإفلات من براثن هذا التضخم النظر بجدية في بعض الأمور ومنها إحلال جميع المستوردات الأجنبية وحظر استيراد المنتجات الاستهلاكية التي لها بديل محلي. إضافة إلي النظر نحو رفع نسب الضرائب المفروضة علي السلع الكمالية للحد من استهلاكها وحث المواطنين علي الحد من الاستهلاك. وذلك من خلال احدي الطريقتين. أولهما وضع حد أقصي لشراء السلع والمنتجات من قبل المجمعات الاستهلاكية. أما عن الطريقة الثانية فهي نشر ثقافة الاستهلاك الرشيد.
عن تخفيف وطأة تلك الأزمة عن كاهل الاقتصاد المصري. قال د.عمرو: يجب النظر وبشدة في مسألة الدعم وإعادة ترشيده لمن يستحق. إضافة إلي تقليل من حجم الإنفاق الحكومي وترتيبه طبقاً للأولويات.
اترك تعليق